أنقرة تحظر 400 ألف موقع.. وتهدد عملاقة الإنترنت بغرامات "مليونية"

تصاعد المخاوف في تركيا من قانون لـ"تكميم أفواه" وسائل التواصل الاجتماعي

ترجمة - رنا عبدالحكيم

تَصَاعدتْ المخاوفُ المجتمعيَّة في تركيا من قانون جديد من شأنه أن "يكمِّم أفواه" مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، حسبما يرى معارضون لهذا القانون.

وذكرتْ صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، في تقرير لها، أنَّه عندما طالب فريق من 20 ضابط شرطة بتفتيش شقة الصحفي أوكتاي كانديمير في وقت سابق من هذا سبتمبر الجاري، كان يخشى الأسوأ؛ إذ غالبًا ما يلقى القبض على العاملين في وسائل الإعلام التركية المنتقدين للحكومة بـ"تهم إرهابية ملفقة". لكن بدلاً من ذلك، عرض أحد الضباط -من خلال هاتف- تغريدة مازحة نشرها كانديمير قبل أيام قليلة، يسخر فيها من سلسلة من البرامج التليفزيونية الجديدة عن السلاطين العثمانيين. وقال كانديمير عندئذ: "اعتُقلت بموجب المادة 130 بتهمة إهانة ذكرى ميت. وقالوا لي إنني كنت أشوه سمعة السلاطين العثمانيين". وبعد قضاء ليلة في مركز الشرطة المحلي، أُطلِق سراح كانديمير بكفالة، لكنه قد يواجه عقوبة السجن عامين.

وتعدُّ قصة كانديمير مثالًا غريبًا بشكل خاص على الطرق المتقلبة والقاسية التي يتم بها تطبيق القانون التركي على الساحة الرقمية؛ فالإنترنت بات فضاء مفتوحا للشد والجذب بين أنصار الليبرالية وداعمي الإجراءات الاستبدادية في تركيا. فعلى الرغم من عدم حظر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن استخدامها يمكن أن يزج بروادها خلف أسوار السجون.

وقال الصحفي نوركان بايسال -الذي تعرض للاعتقال عدة مرات بسبب منشورات على تويتر: "لقد أصبحت حربًا على الكلمات نفسها... وسائل التواصل الاجتماعي هي ساحة حرب تركية".

وعزَّز الرئيسُ التركيُّ رجب طيب أردوغان قبضته على وسائل الإعلام التقليدية خلال 17 عامًا منذ توليه السلطة؛ مما جعل قنوات التواصل الاجتماعي المنصات الرئيسية لمنتقدي الحكومة والمؤسسات الإخبارية البديلة.

وعادة ما يلقى القبض على آلاف الأشخاص بسبب منشورات على الإنترنت كل عام في تركيا، على خلفية مزاعم بإهانة تركيا أو اللغة التركية أو الرئيس أردوغان، أو حتى دعم الإرهاب. وثمة قانون جديد عكف البرلمان على تسريع وتيرة تمريره خلال الصيف ودخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع، مما شكل خطوة إضافية في جهود أنقرة للسيطرة على المحتوى عبر الإنترنت.

ويُلزم التشريع الجديد شركات وسائل التواصل الاجتماعي التي لديها أكثر من مليون مستخدم يوميًّا في تركيا -مثل تويتر وفيسبوك ويوتيوب وجوجل- بتأسيس وجود رسمي في الدولة من خلال فتح مكتب أو تعيين ممثل داخل الدولة يكون مسؤولاً أمام السلطات التركية، سواء من الناحية القانونية أو للأغراض الضريبية.

وبعد ذلك، يُطلب من الشركات أو ممثليها الرد في غضون 48 ساعة على الشكاوى المتعلقة بالمشاركات التي "تنتهك الحقوق الشخصية وحقوق الخصوصية"، وسيُطلب من الشركات الدولية تخزين بيانات المستخدم داخل تركيا.

وإذا لم تمتثل شركات وسائل التواصل الاجتماعي العملاقة بعد 6 أشهر من دخول القانون حيز التنفيذ يوم الخميس 1 أكتوبر، فستكون السلطات التركية قادرة على حظر الإعلانات على المنصات، وفرض غرامات باهظة تصل إلى 4 ملايين جنيه إسترليني، وخنق النطاق الترددي للمواقع، مما يجعلها غير صالحة للاستعمال بشكل فعال.

ويسمح القانون الجديد للمحاكم بإصدار أوامر للمواقع الإخبارية التركية بإزالة المحتوى في غضون 24 ساعة، وهو ما سيسمح للحكومة بمسح القصص القديمة لمحو أي شيء غير مواتٍ.

وقال أوزليم زنجين النائب عن حزب العدالة والتنمية الحاكم بالبرلمان، إن القانون الجديد يسعى إلى "وضع حد للإهانات والشتائم والمضايقات التي تتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، معترفًا بأن الإجراءات الجديدة يجب أن توازن بين الحريات المختلفة. ومع ذلك، ليست هذه هي الطريقة التي يراها السياسيون المعارضون والمحامون وجماعات حقوق الإنسان في تركيا. وقال البروفيسور يمان أكدنيز الخبير التركي في القانون الإلكتروني، الذي رفع قضايا بشأن حظر سابق على يوتيوب وويكيبيديا إلى المحكمة الدستورية التركية: "هذه محاولة غير مسبوقة للسيطرة على مساحة المعلومات عبر الإنترنت في تركيا". وأضاف "حاليًا، في نظامنا القضائي المخترق، لدينا قضاة يصدرون أوامر بحظر المحتوى أو الحسابات، وهم يفعلون ذلك كثيرًا. فقد حُظر أكثر من 400 ألف موقع حتى الآن. ومع هذا القانون الجديد، فإنهم يجدون حلاً في عملية الرقابة، وإزالة الخطوة العامة في المحاكم ، وإصدار الأوامر مباشرة إلى المنصات نفسها".

ويواجه القانون أيضًا طعنًا قانونيًّا من حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي عندما يدخل حيز التنفيذ، على الرغم من أن القضية قد تستغرق سنوات للوصول إلى المحكمة الدستورية في تركيا.

تعليق عبر الفيس بوك