حفاظَا على هُوية المنتجات والخدمات

"التجارة والصناعة": إجراءات مشدَّدة لصون المؤشرات الجغرافية وحماية الملكيات الفكرية لأصحاب المهن والمنتجين

 

< المشرِّع العُماني أعطى حقوقًا قانونية لطالب الحماية للمؤشر الجغرافي

< البلوشية: تنسيق واسع لحماية المنتجات الوطنية من عوامل الاندثار والعولمة

 

مسقط - الرؤية

شدَّدت دائرة الملكية الفكرية بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، على أنَّ حماية قطاعات المؤشرات الجغرافية يعدُّ حمايةً وصونًا للبيئة والتنوع البيولوجي للمنشآت والسلع والخدمات، وأن الوزارة لا تتوانى في مسعاها لضمان مُطابقة المنتجات القابلة للتسجيل كمؤشر جغرافي منعًا لحدوث التسجيل العشوائي وحمايةً لمصالح وحقوق المنتجين وأصحاب المهن.

وقالت فاطمة بنت خلفان البلوشية إخصائية براءات اختراع تقنية حيوية بدائرة الملكية الفكرية بالوزارة: إنَّ مصطلح البيان الجغرافي -والذي يشمله قانون الحماية كمؤشر جغرافي- يعني أنَّ السلعة التي نشأت في المنطقة الجغرافية وحازت جودة ومميزات وهوُية تلك المنطقة من خلال اتصالها وارتباطها بتلك المنطقة؛ تنسب إلى المكان الذي نشأت طبيعيا أو أنتجت فيه.. مضيفة إنَّ القانون العُماني أعطى للملكية الصناعية رقم 67/2008 حقوقا قانونية لطالب الحماية للمؤشر الجغرافي، حيث نصت المادة (48) من قانون حقوق الملكية الصناعية الخاصة بالمؤشرات الجغرافية على حماية المنتجات كمؤشر جغرافي حسب التعريف الوارد في مادة القانون؛ سواء كانت طبيعية، أو زراعية، أو أي منتج حرفي يدوي أو صناعي.

وفيما يتعلق بمزاولة الأنشطة في المناطق الجغرافية، قالت البلوشية: إنَّ المادة (48) سمحت للمنتجين الذين يزاولون نشاطات في منطقة جغرافية ذات مؤشر جغرافي بأن يمنعوا الآخرين من استخدام ومزاولة المنافسين من إنتاج السلع التي منحت مؤشرا جغرافيا، ويقتصر الحق الممنوح من المؤشرات الجغرافية فقط على منع منافسين خارج المنطقة الجغرافية من استعمال المنتجات كالتصنيع أو كاسم تجاري يرمز للمنتج الذي حصل على الحماية، كما أنها لا تشترط أي تجديد خلاف براءات الاختراع والعلامات التجارية التي تتطلب تجديدًا حسب المدة المحددة لكل منهما.

متطرقةً كذلك إلى أهمية حماية المؤشرات الجغرافية، مُوضِّحة بأنَّ وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار تقوم ببحث مع الجهات ذات العلاقة بحماية المنتجات المستحقة حمايتها كمؤشرات جغرافية، خوفا من أن تنسب إلى دول أخرى أو يتم تصنيعها بأيادٍ غير أيادي أصحابها التي تتميز بالمهارة والخبرة في التصنيع؛ والذي قد يؤدي بدوره إلى تضليل المستهلك؛ وبالتالي تفقد هُويتها. مشيرة إلى أنَّ المستهلك يبحث عن جودة المنتجات التي تعكس بيئتها الأصلية التي نشأت فيها؛ سواء كانت أكلات يصنعها أصحابها منذ زمن ولا تزال تحتفظ بنفس المميزات والجودة، أو حرفا يدوية صانتها أيادي الأجداد من عوامل الاندثار والعولمة، أو منتجات طبيعية تشبَّعت بمناخ وتربة الأرض التي نمت فيها فأخذت طابع الأرض والمناخ.

وعن المنتجات التي يُمكن اعتبارها مؤشرات جغرافية وقابلة للحماية، أوضحت إخصائية براءات الاختراع التقنية الحيوية أنَّ من المنتجات المحمية وغير المحمية في السلطنة لتسمية المنشأ: اللبان العماني، ونبات الزعتر الجبلي العماني ذو المميزات المختلفة، والليمون الذي تشتهر بزراعته بعض الولايات في محافظات السلطنة نظرا لجودة مناخها المهيَّأ لهذه الأشجار، وأيضا من الأشجار ذات المذاق المختلف والشكل والحجم كرمان الجبل الأخضر، إضافة للصفيلح الذي يعتبر من الثروات الحيوانية التي تتميز بها بحار السلطنة، والتي يتم إعدادها بطريقة يدوية وحرفية تميزها عن باقي الصفيلح في العالم. مضيفة بأن من المنتجات كذلك ما أبدع الأجداد في حياكته قديمًا كالعمامة السعيدية التي ما انقطعتْ أصولها العُمانية منذ القدم، والتي اكتسبت الطابع التراثي في الرصانة والغزل بطريقة يسهل تمييز منشأها، وهناك الدشداشة العمانية والحلوى العمانية، وخلطة وطريقة صنع الشوى العماني... وغيرها من المنتجات الحرفية والتقليدية.

وقالت فاطمة البلوشية: إنَّ المؤشرات الجغرافية أداة فعالة في رسم الإستراتيجيات المحلية، لا سيما عن طريق المساهمة في معايير الجودة والمصدر في الترويج للموقع الجغرافي على نطاق واسع، وفي حشد الطاقات المحلية وتنظيم الصناعات، فضلا عن مُساهمتها في تنمية المناطق الريفية وتأهيلها وإيجاد صورة إيجابية وشهرة للمناطق التي أعطت المؤشر الجغرافي خصائصه ومميزاته. مشيرة إلى أنَّ الدول تسعى لحماية مثل هذه المنتجات لتمنع الآخرين من مزاولتها بكل طرق وأشكال المزاولة؛ سواء كان بيعا أو تصنيعا أو استحواذا غير قانوني، أو نسبها إلى منشأ آخر غير منشأها الأصلي؛ لما لها من إسهامات في حماية المواد الخام وبلد المنشأ، إضافة لبلد الصنع وحماية المستهلك من الغش والتضليل من اقتناء منتجات حصلت عليها بالغش التجاري أو تهريبها إلى أراضٍ أخرى.

واختتمت البلوشية بالتأكيد على أنَّ حماية المنتجات التي تندرج تحت القانون تعمل على ضمان انتشارها في الأسواق الخارجية، والتعريف بخصائصها وارتباطها بالموروث الثقافي والحضاري، وبالتالي تعزز فرص الاستثمار؛ إذ تحمل إمكانات نمو كبيرة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وتعطي سُمعة للمنتج وبلد المنشأ كأحد أقوى المميزات، من خلال الطابع الثقافي الذي يمنح المنتج انتشارًا واسعَ النطاق مع توسيمه "منحه هوية" ببلد المنشأ. فضلاً عن القيمة المضافة التي تُسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي، وصون المكونات المادية والعادات الثقافية؛ لما لها من دور فاعل في تشجيع الأجيال على الاستمرار في مزاولة حرف أو عادات الأجداد، وإنعاش الجانب السياحي والاقتصادي.

تعليق عبر الفيس بوك