أكد أن ملايين الأشخاص الآخرين لا يزالون عُرضة للخطر

في حوار حصري مع "الرؤية".. الدكتور أحمد المنظري يكشف توقعات انتشار "كورونا"

...
...

التوسع في الفحوصات "إجراء مهم" للكشف عن المصابين

الوضع في الإقليم "مُقلق" مع استمرار ارتفاع أعداد المصابين

الأراضي الفلسطينية المحتلة وسوريا وليبيا تسجل أكبر زيادة في الوفيات

مليون متعافٍ من "كوفيد 19" في إقليم شرق المتوسط

منظمة الصحة العالمية تثمن جهود السلطنة للاستجابة للجائحة

عُمان نجحت منذ بداية الأزمة في توسيع نطاق البحث والتقصي لرصد المصابين

النظام الصحي العماني راسخ ومتطور ومتفاعل مع محيطه الإقليمي والدولي

السلطنة تتميز بكوادر طبية ذات كفاءة ومرافق عالية التجهيز

القيادات الصحية الرشيدة بالسلطنة أخذت زمام المبادرة في التعامل بمهنية مع الفيروس

نتعامل مع فيروس جديد لا تتوافر حوله معلومات كافية

72 ساعة فترة بقاء الفيروس على البلاستيك.. وأقل من 4 ساعات على النحاس

"كورونا" ينتقل عبر الهواء في أماكن الرعاية الصحية بسبب "الهباء الجوي"

نزلات البرد السابقة لا تكوّن مناعة ضد "كوفيد- 19"

23 لقاحا دخلت مرحلة التجارب السريرية

منظمة الصحة تطور توصياتها وفق مستجدات الجائحة.. ولا تناقض في الإرشادات

الرؤية- أحمد الجهوري

أكد الدكتور أحمد بن سالم المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط أن التوسع في الفحوصات يمثل "إجراءً مهما" لاكتشاف الحالات المؤكدة وتتبع مخالطيها، ومن ثم وقف سلسلة انتقال الفيروس في المجتمع.

وقال المنظري- في حوار خاص مع "الرؤية"- إن عدد الفحوصات التي تنفذها السلطات الصحية في كل بلد يتوقف على أمور عديدة؛ منها": معدل انتشار الفيروس في المجتمع. وحذر المنظري من أن الوضع الراهن في إقليم شرق المتوسط لا يزال مقلقا، وأن دراسات الانتشار المصليّ التي أُجريت في الإقليم تظهر أن نسبة صغيرة جداً من سكان الإقليم أصيبوا بالعدوى، مما يعني أن ملايين الأشخاص الآخرين لا يزالون عُرضة للخطر.

وإلى نص الحوار:

 

** أطلعنا بداية حول الوضع الوبائي لفيروس كورونا في إقليم شرق المتوسط، وما هي نقاط الضعف في جهود المكافحة في هذه الدول؟

لا يزال الوضع الراهن في إقليم شرق المتوسط يبعث على القلق. ولا يزال هناك ارتفاع في أعداد الحالات في بعض بلدان الإقليم، ويشكل إجمالي الحالات التي أبلغت عنها 4 بلدان فقط تمثل حوالي 70% من العدد الكلي للحالات في الإقليم. أما الوفيات في الإقليم فتتفاوت بشكل ملحوظ بين نسبة لا تتجاوز نصف بالمئة في بعض البلدان وبين 5% في بلدان أخرى. وشهدت كل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، والجمهورية العربية السورية، وليبيا أكبر زيادة نسبية في الوفيات المُبلَغ عنها. بَيْدَ أن هناك ما يدعو إلى التفاؤل: فقد وصل عدد المتعافين من مرض كوفيد-19 في الإقليم لأكثر من مليون شخصٍ منذ اندلاع الجائحة. وهذا إنجاز مُشجِّع وعلامة إيجابية للغاية تعكس الجهود التي تبذلها البلدان لحماية سكانها خلال هذه الأوقات العصيبة.

كورونا فلسطين.jpg
 

ولا نزال نواجه صعوبة في فهم أبعاد الموقف بالكامل في بعض البلدان التي تبلغ عن تزايد حالات الإصابة لديها نظراً لعدم استكمال البيانات المُبلَّغة. وقد يكون هناك سوء تقدير للوضع في بعض البلدان التي تواجه حالات طوارئ نظراً لقدراتها المحدودة في مجال الفحص المختبري ونقص الإبلاغ عن الأعداد الفعلية بها. وحتى في البلدان التي يبدو فيها الوضع مستقراً، نلاحظ انخفاضاً في أعداد الأشخاص الذين يخضعون للاختبار، مما يؤثر بدوره على عدد الحالات المُبلغ عنها.

وتُظهر دراسات الانتشار المصليّ التي أُجريت في الإقليم أن نسبة صغيرة جداً من سكان الإقليم قد أصيبوا بالعدوى، مما يعني أن ملايين الأشخاص الآخرين لا يزالون عُرضة للخطر. ويشمل ذلك الفئات السكانية المُستضعفة، مثل اللاجئين والسكان النازحين، الذين لم يطولهم بعد تأثير المرض بدرجة كبيرة.

 

** كيف تقيم تجربة وزارة الصحة في السلطنة في تعاملها مع الجائحة، من وجهة نظركم كمنظمة الصحة العالمية؟

إننا نقدر كثيراً ما بذلته السلطنة من جهود للاستجابة للجائحة، خاصة من حيث تطبيق الإجراءات المناسبة في توقيت مناسب، والحرص على التقييم الدقيق للوضع. وفي بداية الجائحة قامت وزارة الصحة بالسلطنة بتوسيع نطاق البحث والتقصي من أجل التعرف على المصابين بين أفراد المجتمع والمخالطين لهم وقد نجح ذلك حينها في إبقاء نطاق انتشار الفيروس في حدود يمكن التعامل معها.

وزير الصحة أحمد السعيدي (2).jpg
 

والنظام الصحي العماني راسخ ومتطور ومتفاعل مع محيطه الإقليمي والدولي، كما يتسم بوجود الكوادر الطبية ذات الكفاءة والمرافق عالية التجهيز اللازمة للاستجابة للطوارئ المختلفة والبنية الأساسية المتينة. ولا نغفل دور القيادات الصحية الرشيدة والتي تؤمن بالتخطيط والاستعداد، وتأخذ زمام المبادرة في التعامل بمهنية مع الاستجابة لفيروس كورونا من حيث ترصد الحالات واكتشافها وتجهيز أماكن العزل والحجر الصحي الملائمة وعلاج الحالات وكذلك التتبع النشط للمخالطين، وإشراك أفراد المجتمع في جهود الاستجابة من خلال الالتزام والوعي بأهمية تطبيق تدابير الوقاية. ولا زلنا نؤكد على أهمية مضاعفة الجهود على كافة أصعدة الاستجابة واتباع نهج الحكومة الواحدة والمجتمع باسرة والتكامل فيما بينهما حتى نضمن نجاح التعامل مع هذه الجائحة.

 

** ما مدى أهمية الفحوصات في مكافحة الوباء؟ وهل قلة عدد الفحوصات في السلطنة يمثل تحديا ينبغي معالجته وزيادة الفحوصات؟

اختبار كورونا.jpg
كورونا باكستان1.jpg
 

إجراء الفحوصات إجراء مهم لاكتشاف الحالات المؤكدة وتتبع مخالطيها، ومن ثم وقف سلسلة انتقال الفيروس في المجتمع. كما إن عدد الفحوصات التي تنفذها السلطات الصحية في كل بلد يتوقف على أمور عديدة منها درجة انتشار الفيروس في المجتمع، وحزمة الإجراءات المكتملة التي اعتمدها البلد، وما تملكه السلطات الصحية من إمكانيات تمكنها من التوسع في إجراء الفحوصات المختبرية وغيرها من المعايير التي ترتبط أيضاً بنتائج تقييم المخاطر الذي يتم إجراؤه من وقت لآخر.

 

** ما رأيك في قرار الإغلاق التام بين محافظات السلطنة ومنع الحركة خلال الفترة الليلية؟ وهل مدة أسبوعين تكفي للحد من ارتفاع الإصابات وكذلك الوفيات؟

الشرطة كورونا منع الحركة الإغلاق التام (8).JPG
الشرطة كورونا منع الحركة الإغلاق التام (5).JPG
 

كما قلت القرارات التي تتخذها البلدان لا ينظر إليها بمعزل عن الحزمة المتكاملة من الإجراءات الاحترازية، وخطة الاستجابة للجائحة والتي يعد تقييم المخاطر جزءاً أساسياً منها. ومن الطبيعي أن يتم تعديل الإجراءات واتخاذ قرارات الإغلاق أو تشديد القيود أو تخفيفها طبقاً لما تسفر عنه نتائج تقييم المخاطر. وهنا أناشد الجميع الحرص على دعم ما تقوم به السلطات المختصة من جهود لاحتواء انتشار الفيروس عن طريق تطبيق التوصيات والنصائح التي تقدمها تلك السلطات وذلك حفاظاً على الأرواح.

 

** هل تناقض منظمة الصحة العالمية نفسها عندما تعيد التأكيد على أهمية ارتداء الكمامات رغم أنها قالت في بداية الجائحة إنها غير ضرورية؟

لا يوجد تناقض في إرشادات منظمة الصحة العالمية حيال ارتداء الكمامات بل تحديث لهذه الإرشادات وفق تطور وضع الفيروس ودرجة انتشار الجائحة. فقد أعلنت المنظمة في بدايات ظهور الفيروس إرشادات تنصح بارتداء المرضى للكمامات وكذلك المتعاملين معهم من مقدمي الرعاية أو المخالطين. وفي تلك الفترة كان عدد المرضى محدوداً ويمكن بسهولة تمييز المرضى من الأصحاء. كما كانت الكميات المتوافرة من الكمامات والمستلزمات الطبية محدودة ولابد من تحديد الفئات ذات الأولوية التي ينبغي عليها ارتداء الكمامة وسائر وسائل الحماية. ومع انتشار الفيروس وزيادة أعداد المصابين لم يعد بالإمكان التمييز بين المرضى والأصحاء كما توسعت جميع البلدان في توفير الكمامات ومستلزمات الحماية ومن ثم عدلت المنظمة إرشاداتها لتواكب التطور في وضع الجائحة ودرجة انتشاره. ولا يجوز أن ننسى أننا نتعامل مع فيروس جديد لم تكن تتوفر حوله أية معارف ومع تطور معارفنا حوله نطور توصياتنا وإرشاداتنا.

 

** ما هي أبرز المعلومات التي لا تقبل الشك حول فيروس كورونا ومدى انتشاره؟ وهل تم حسم الجدل بشأن انتشاره على الأسطح وفترة بقائه عليها؟

يمكن أن يلقط الأشخاص عدوى كوفيد-19 من أشخاص آخرين مصابين بالفيروس. وينتشر المرض بشكل أساسي من شخص إلى شخص عن طريق القُطيرات الصغيرة التي يفرزها الشخص المصاب بكوفيد-19 من أنفه أو فمه عندما يسعل أو يعطس أو يتكلم. وقد تحط هذه القطيرات على الأشياء والأسطح المحيطة بالشخص، مثل الطاولات ومقابض الأبواب ودرابزين السلالم. ويمكن حينها أن يصاب الناس بالعدوى عند ملامستهم هذه الأشياء أو الأسطح ثم لمس أعينهم أو أنفهم أو فمهم. لذلك من المهم المواظبة على غسل اليدين بالماء والصابون أو تنظيفهما بمطهر كحولي لفرك اليدين.

كورونا.jpg
 

وتشير بعض التقارير إلى أن الفيروس يمكن أن ينتقل حتى من الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أي أعراض. وليس معروفاً حتى الآن مدى انتقال العدوى بهذه الطريقة. وتواصل المنظمة تقييم البحوث الجارية في هذا الصدد وستواصل نشر أي نتائج محدّثة بهذا الشأن.

أما أهم ما ينبغي معرفته عن بقاء فيروس كورونا على الأسطح هو أن بالإمكان تطهيرها منه بسهولة بواسطة محاليل التعقيم المنزلية العادية التي تقتل الفيروس. وقد أظهرت الدراسات أن بمقدور الفيروس المسبب لكوفيد-19 أن يبقى على البلاستيك والفولاذ المقاوم للصدأ لمدة 72 ساعة وعلى النحاس أقل من 4 ساعات وعلى الورق المقوّى (الكرتون) أقل من 24 ساعة.

ويمكن أن ينتقل الفيروس عن طريق الجو في أماكن الرعاية الصحية؛ حيث تؤدي إجراءات طبية محددة، إلى تولد قطرات صغيرة جدًا تسمى الهباء الجوي، وتشير بعض التقارير إلى احتمال انتقال الهباء الجوي في الأماكن المزدحمة المغلقة.

 

** إلى أي مدى يمكن القول إن فيروس كورونا كان موجودا قبل ديسمبر 2019 عندما أعلنت الصين عن أول حالة؟

هذا يتوقف على النتائج التي ستنتهي إليها التحقيقات الجارية حول هذا الموضوع. ويتواجد خبراء منظمة الصحة العالمية في الصين في مهمة تحضيرية لإعداد خطط علمية مع نظرائهم الصينيين للمهمة الدولية المستقبلية لتحديد المصدر الحيواني للمرض.

والهدف من المهمة هو مراجعة العمل الجاري لفهم العائل الحيواني للفيروس بشكل أفضل والتأكد من كيفية انتقال المرض بين الحيوانات والبشر. وسينظر الفريق في الأبحاث التي تم إجراؤها بالفعل، وكذلك ما هو معروف عن الحالات الأولية التي تم تحديدها في ديسمبر 2019. وسيطور الفريق مع نظرائهم الصينيين نطاق واختصاصات البعثة الدولية التي تقودها منظمة الصحة العالمية في المستقبل. ويتألف الفريق من خبيرين من المقر الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية: خبير في صحة الحيوان، وخبير في الدراسات الوبائية.

 

** هل المصابون بنزلات البرد سابقا مرات عديدة لديهم ما يمكن تسميته بـ"مناعة مؤقتة" أو حتى أي نوع من أنواع المناعة؟

نزلات البرد تسببها فيروسات مختلفة عن الفيروس المسبب لمرض كوفيد-19. ومن ثم ليس من الممكن أن يكوِّن الجسم مناعة ضد هذا الفيروس بعد الإصابة بنزلات البرد.

 

** كيف ترى اللقاح المزمع لجامعة أكسفورد في ضوء الدراسات المنشورة عن أن "لقاحا متسرعا" ربما لن يكون فعالا أو يعطي مناعة دائمة؟ وما هي الفترة الزمنية المتوقعة؟

لقاح كورونا.jpg
 

ما يمكن قوله حول جهود تطوير اللقاح المضاد لكوفيد-19 إنها تسير بوتيرة سريعة من خلال تجارب التضامن التي تنسقها منظمة الصحة العالمية. وهناك 23 لقاحاً من بين عشرات اللقاحات المقترحة، دخلت بالفعل مرحلة التجارب السريرية. وسيتم إعلان اللقاح الناجع فور انتهاء كافة المراحل المتعارف عليها لتطوير اللقاحات والتي تضمن مأمونيته وفعاليته ونجاعته.

 

** كيف ترد منظمة الصحة العالمية على الاتهامات الموجهة لها بـ"تسييس" أزمة الوباء؟

منذ تأسست منظمة الصحة العالمية قبل 72 عاماً وهي تعمل وفق مبادئ دستورها وتحرص على تطبيق المعايير العلمية بكل دقة، وهي لا تعلن عن رأي أو توصية إلا بعد إجراء البحوث والدراسات المستفيضة والوافية التي تتوفر من خلالها أدلة علمية موثوقة. ولكن يحدث في بعض الأحيان أن تسارع أطراف ما وكذلك جهات مختلفة بنشر فرضية ما قبل أن تثبت صحتها علمياً، لكن منظمة الصحة العالمية تعتمد فقط الفرضيات التي ثبتت صحتها علمياً. ولا شك أن المنظمة- بوصفها المؤسسة الرائدة في مجال العمل الصحي العالمي التي تعمل بناء على أسس وضوابط علمية ومهنية وأخلاقية أقرتها الدول الأعضاء للمنظمة في قانونها الأساسي- تتوخى الحرص وتتجنب التعميم، وبناء على الضوابط الملزمة لا تعلن المنظمة إلا ما يثبته العلم وتجمع على قبوله الدول الأعضاء. وهذا ينبغي أن يعزز الثقة في متانة موقفها العلمي وسداد آرائها وإرشاداتها في ضوء ما هو متاح من معارف وقت إعلان تلك الآراء.

أي إن آراء وتوصيات المنظمة تأتي في إطار التحديث والتطوير تبعاً لما يطرأ على المعلومات والمعارف من تحديث وتطوير؛ فالمعلوم أن المعارف بشأن الجائحة تتغير بسرعة ومن ثم فنحن نطور توصياتنا وفق ما يستجد من معارف قاطعة الدلالة. ونؤكد أن عملنا – بوصفنا الأمانة العامة لجموع الدول الأعضاء في المنظمة- يقوم على التشاور والمشاركة والعمل التضامني والاستعانة بالخبراء من كافة بلدان العالم.

ونؤكد أن أكثر ما يحتاجه العالم الآن وهو يكافح جائحة كوفيد-19 هو تعزيز الثقة المتبادلة بين منظماته ومؤسساته وجميع الدول الأعضاء وتدعيم روح الوحدة والمشاركة والتضامن.

 

** في النهاية.. هل تعتقد أن أحاديث المسؤولين بالمنظمة وخاصة المدير العام، تثير الإحباط أم تبعث على التفاؤل؟

أحاديث مسؤولي المنظمة تنبع من مسؤوليتها تجاه حفظ الصحة وتعزيزها لجميع الناس، وتهدف لتنبيه جميع البلدان والحكومات والسلطات الصحية إلى حقيقة أوضاع كوفيد-19 وما يمكن أن تؤول إليه الأمور ما لم تضاعف البلدان جهودها لاحتواء الفيروس والحد من تداعياته الصحية والاجتماعية والاقتصادية.

تعليق عبر الفيس بوك