دعوى عضُل!

طيف بنت فايز السعدية *

قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةوَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فعسى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" (النساء:19).

نعم.. إنه موضوع حسَّاس بعض الشيء، وسيأخذ أبعادا كبيرة واختلافات شتى في وجهات النظر.. الأغلب من أفراد هذا المجتمع يجهل هذا الموضوع بحكم أنه لربما لم يسمع بهذا المصطلح على الإطلاق، أو أنه سمع أن ابنة جاره رفعت على وليها دعوى عضل ولكن.. لم يبدِ أيَّ أهمية لهذا الموضوع، ولم يسأل عن هذا المصطلح على الإطلاق: دعوى العضل، ماهي دعوى العضل؟ وعلى من ترفع هذه الدعوى؟ وأين ترفع؟ وما هو الهدف منها ي ترى؟

إذن؛ ماذا نقصد بالعضل؟ يقصد بالعضل: هو أن يمنع الأب أو من ينوب عنه كالأخ، الخال، العم... إلخ، أو أيًّا كان من يتولى ولايتها، الفتاة من أن تتزوج ممن ترغب أن يكون لها شريكا في حياتها، مع انعدام الأسباب المنطقية لمنع ولي الأمر لذلك الأمر.

لربما نتساءل: ما هي الأسباب غير المنطقية التي تمنع ولي الأمر من رفض زواج ابنته ممن تريد أن يكون لها شريكا لحياتها؟ مثلا: أن يمتنع عن تزويجها طمعا في راتبها الذي تستلمه في نهاية كل شهر، أو أنه ينتظر شخصا ما يتقدم لها ويدفع لها صَداقا -أي مهرا- أعلى... إلخ من الأسباب غير المنطقية التي تجعل ولي الأمر رافضا تزويج ابنته. أيحق لولي الأمر أن يمتنع عن تزويج ابنته، ولا توجد أي أسباب منطقية تجعله يرفض؟ أيُعقل هذا التصرف؟ هل فعلا هناك أولياء أمور لديهم تفكير سطحي لهذه الدرجة؟

اتجاها للمرسوم السلطاني رقم (55/2010)؛ فقد أصبح اختصاص نظر دعاوى العضل لدى الدائرة الشرعية بالمحكمة العُليا؛ حيث أجاز المرسوم السلطاني للمرأة أن ترفع دعوى تسمى بدعوى عضل ضد وليها لتزويجها بمن أرادته أن يكون زوجا لها. ومن هنا، تسقط ولاية ولي الأمر وتصبح الولاية للقاضي، لكن هنالك شروط لقبول الدعوى في المحكمة؛ تتمثل في الآتي:  التكافؤ بين العائلتين نسبا وحسبا وأصلا، ومقدرة الزوج على توفير الحياة الكريمة لزوجة. فإذا توافرت هذه الشروط توافق المحكمة العليا على الدعوى، وتزوجهم أما إذا سقط شرط واحد من هذه الشروط ترفض الدعوى.

المادة (273) من قانون الإجراءات المدنية أشارت إلى أن دائرة المحكمة الشرعية بالمحكمة العليا هي من تختص دون غيرها بالفصل في دعاوى العضل التي ترفع إليها وفقا للإجراءات والقواعد المنصوص عليها في هذا القانون والمتبعة أمام محاكم الدرجة الأولى، فإذا لم يلقَ الحكم الصادر عن المحكمة العليا في دعوى العضل القبول، جاز للمرأة التظلم من الحكم الصادر برفض دعواها المشار إليها في الفقرة السابقة، ورفعها إلى جلالة السلطان بطلب يُقدم إلى ديوان البلاط السلطاني خلال 30 يوما من اليوم التالي لتاريخ صدور الحكم.

أتأكد أنَّ الدعوى حتى تقوم لابد من اشتراط عنصر الكفاءة كما ذكرت سابقا، إذ إن الشريفة تأبى العيش مع من لا يكافئها نسبا وحسبا، إذا لم يكن الزوج كُفئا لن تستمر الرابطة الزوجية، ولن يكون هناك مودة بين الزوجين.

إذا كان لديك شك بأنَّ الدعوى سترفض بحكم أنه سقط شرط من الشروط التي وضعتها المحكمة العليا حتى تقوم الدعوى، وكذلك أنتِ متأكدة بأنَّ الشخص الذي اخترتيه ليكون شريكا لحياتك غير مناسب لك من جميع النواحي، سواء كان من ناحية الخلق، أو النسب  أو الحسب..إلخ، فلا تعرضي نفسك للإحراج أمام المحكمة، لأنه بعد ما تلجئين للمحكمة، يقوم القضاة بالبحث حول الأسباب التي منعت ولي الأمر من تزويجك من الشخص الذي اخترتيه.

نصيحتي لكل فتاة عُمانية، عربية مسلمة:

لا تعرِّضي والديك أولا ثم نفسك للإحراج في مثل هذه المواقف، ما دمتي تعلمين أن جميع الأدلة والأسباب تمنع من تزويجك بذاك الشخص الذي اخترتيه. فهل ستجازين والديك اللذين حملاك على كفوف الراحة بهذه الطريقة؟ راجعي نفسك مرارا وتكرارا قبل اتخاذ هذا القرار. وأتمنى أن لا يتعرض أحد لمثل هذه المواقف على الإطلاق، وفي النهاية نحن في مجتمع يكثُر فيه كلام الناس، ولا يرحم صغيرا كان أم كبيرا، لا تجعلي من تلك الكلمات الهابطة أن تصل إلى مسامع والديك، ويصبحان سيرة على كل لسان، وتجعلين شرفك وشرفهم يذهب كلمح البصر.

 

* طالبة قانون

تعليق عبر الفيس بوك