بين الرئيس والمرؤوس شؤون وأشجان

 

عبدالمجيد بن يحيى الراشدي

"عند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان" مقولة مشهورة ومحفوظة المعنى تلخص الصورة الخاتمة والباقية لعمل المرء، فمن كان مجتهداً في التحصيل قبل الامتحان سيُوفق في أدائه بكل سهولة ويسر ويكون بذلك قد نال التكريم الذي استحقه، والعكس صحيح.

هذا الأمر ينطبق كذلك على رؤساء الوحدات ومن في حكمهم وكذلك الموظفين والمسؤولين على عمومهم عند مُغادرتهم مناصبهم فمن كان منهم قد اجتهد لصالح المرفق، والعاملين فيه، وعاملهم بما يليق بهم وكان عادلاً بينهم ابتغاء وجه الله فوقت الرحيل والوداع هو وقت التكريم، فإن لم يكن قد أجتهد في مراعاة الله فيهم وسار في طريق هذا من شيعتي وهذا من عدوي، وقرب منه المتشدق والمتسلق وأبعد البقية المخلصين، عندها سيلقى بدلاً من التكريم الجزاء المُناسب لما اقترفته يداه طوال فترة عمله وعوضاً عن أن تبكي القلوب لفراقه وتدعو له، لن يكترث أحد برحيله مهللين سعيدين يباركون لبعضهم البعض.

للقائد الناجح صفات عدة لخصتها الكتب في عدة نقاط موضوعية ومحورية متعلقة بالاستراتيجيات والخطط والمهارة الفنية وهي ليست المقصد في مقالنا هذا، ولكن نركز هنا على بعض الجوانب التي نراها ضرورية في العلاقة بين المرؤوس والرئيس للارتقاء بمستوى الأداء.

أولاً: الثقة القوية المتبادلة بينهما بحيث يشعر كل طرف بثقته بالطرف الآخر وأنه داعم له لتحقيق الإنجازات والعمل بروح الفريق الواحد الذي همه الأول مصلحة العمل.

ثانيًا: على الرئيس البقاء على مسافة واحدة مع كل الموظفين والعدالة وعدم التمييز بينهم، وتطبيق قواعد موضوعية في الاختيارات أو المداورة بينهم وعدم استئسار فئة معينة بالأعمال والدورات والمهمات.

ثالثا: اختيار البطانة الصالحة المُخلصة لله في العمل من ذوي الكفاءة والمقدرة التي تعينه على الحق الذي يرضي الله سبحانه وتعالى، وليست المتصنعة المتسلقة بدون كفاءة حقيقية.

رابعًا: عدم التعدي على اختصاصات المرؤوسين واللجان المختلفة في الوحدة خاصة تلك التي لها سلطة موازية له، بل يفضل منحهم سلطات أوسع للتحفيز على العمل والإبداع فيه والمشاركة في تحمل المسؤولية، مع تطبيق نظام رقابي فعَّال.

خامساً: أن يتحلى الرئيس بالإيجابية التامة ويكون منصتا جيدا للجميع وهو ما يمكنه من التواصل مع الجميع في كل الأوقات بما في ذلك المختلفون معه في الرأي، وإيجاد الحلول للمشاكل خاصة التي بين الموظفين وقتل الضغينة في مهدها، وهو ما يُؤهله للأخذ بأيدي الجميع لتطوير قدراتهم ومهاراتهم بالتحفيز الإيجابي.

سادساً: مراعاة الجوانب الإنسانية للموظفين وظروفهم المختلفة ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم.

فيا من بقيت في منصبك على كرسي الوظيفة انتبه لمن هم معك خذ بأيديهم وعاملهم بالحسنى والطيب، وأعلم أنَّ القانون في بعض جزئياته ملزم بالتطبيق وفي بعضه أعطى القائمين بالتنفيذ فسحة وسلطة تقديرية للقيام بشؤون المرفق والعاملين فيه، ذلك ليس لإحكام السلطة والتضييق عليهم والتمييز بينهم وتقريب البعض وإبعاد الآخرين باستخدام القانون وبدونه، وإنما لأجل منح فرصة للإبداع ومراعاة ظروف العمل، وأعلم بأنَّ ما تعمله اليوم مع غيرك ستجد جزاءه إن كان خيرا أو غيره وكما تدين تدان، والوظيفة فانية والإنسانية والعلاقات الطيبة هي الباقية، وفي الختام أرجو التوفيق لرؤساء الوحدات الجُدد، دوما نكتب لأجل عُمان ولأجل مستقبل أفضل في كل النواحي، ودمتم ودامت أوقاتكم بكل خير.

تعليق عبر الفيس بوك