همسة عطر

 

 

أسماء بنت غابش الخروصية

يحقُّ لنا أن نتفاخر بهم، فهم شعلة مجد وشمعة أمل أضاءت طريق النور لمن أتى بعدهم.. لم يكن الطريق أمامهم ممهدا، بل عايشوا فترة أخذت عصارة جهدهم وجهيدهم.

كان كل واحد منهم يعمل في كل المهام التربوية في مؤسساتهم، ويعمل من منطلق حب الواجب الوطني الموكل لهم؛ حيث كان كل العمل يتم يدويا، واصلوا العمل ليل نهار، وكل عمل لا ينتهي في المؤسسة يصاحبهم ويرافقهم إلى البيت ليكون السهر عليه هو الرفيق الثالث.

أيامهم جميلة بجمال أرواحهم الطيبة، من عمل معهم وتعلم منهم مهام العمل يُحب العمل من أول يوم يدخل وينخرط في سلك التدريس أو المجال التربوي، أساليبهم العفوية الطيبة تحمِّس وتشجِّع على العمل والقيام بكل المهام برحابة صدر.. كيف ذلك؟ لأنَّ من أسسوا هذه المنظومة التربوية كانوا يأخذون بيد كل من بدأ هذا العمل يحثونه على التفاني والنشاط الدائم وعدم التكاسل. كانت مُؤسساتهم تُعرف بما هو فيها بالعمل التعاوني، أي أن معلما ذا الخبرة يقوم بمتابعة كل معلم جديد في العمل ومسؤول عنه أمام الإدارة. حيث يتعلم منه قبل تقديم درسه للطلاب تكون معه حصيلة في مهام أخرى في المؤسسة ليكون مستعدا للقيام بها في أي وقت كعملية تدوير لهذه المهام، عرف فيما بعد بالمعلم الأول للمجال أو للمادة. ولكي لا تأخذنا الكلمات بعيدا عن عبق الكاذي لهذه الأوتاد، دعنا نذكر لمحة من أيامهم الجميلة التي كانت مثل رشة عطر الورد السلطاني.. كانوا لا يكلون ولا يملون ولا يتذمرون من العمل، جيل حقيقي، جيل جميل، وتربويون من الطراز الأول، عوَّل عليهم الوطن، وقامت على سواعدهم نهضة تربوية تعليمية رائعة. من حظي وعمل معهم في هذه المؤسسات التربوية الرائدة مُحال يرفض لهم طلبًا في القيام بمهام إضافية فوق مهام عمله، حبا وكرامة في مدى تعاملهم الراقي مع الجميع. رغم الإمكانيات البسيطة آنذلك الوقت، إلا أن الإتقان في العمل كان حاضرا ومبدعا.

هم رَائعون بأعمالهم بأخلاقهم بتعاملهم بالأمانة التي كانوا يؤدونها؛ لذلك مهما قلنا من كلمات لم ولن نوفيهم حقهم، هم قادة تربويون حقا بتعاملهم العفوي وبصدق أفعالهم... الكلمات تتلاشى وتعجز عن وصف ما قدموه في مسيرتهم التربوية في جمل أو سطور.. هم تاريخ نهضة بناها قابوس السلطان المعظم -طيب الله ثراه- هم باكورة هذه النهضة هم أول من تعلموا في العريش وتحت الشجرة وأول من أسهموا في بناء المجد والنهضة العمانية. لنا فيهم فخرا وقدوة في التفاني في العمل وقاموسا، ولهم منا "شكرا" بعدد سنوات نهضة ومجد متجدد.

شكرا لكم يا من تركتم فينا نبراسا من العلم وقدوة في العمل.. شكرا لقناديل النور المضيئة، شكرا متقاعدي التربية والتعليم.

تعليق عبر الفيس بوك