هل أصبح "كورونا" خارج السيطرة؟!

 

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

 

منذ أن رَفعت اللجنة العليا المكلفة بمتابعة التطورات الناتجة عن انتشار جائحة كورونا الحظر عن محافظة مسقط، واستأنفت النشاطات التجارية أعمالها، ازدادت أعداد المصابين نتيجة "كوفيد- 19" بشكل رهيب، وزادت نسبة الوفيات على نحوٍ غير مسبوق، وأصبح شبح الإصابة يطارد كل فرد من أفراد المجتمع، وزادت الأعباء الصحية والمالية، والضغوطات النفسية على الحكومة والمجتمع، وكل ذلك يعود لسببين لا أكثر هما: عدم التزام الكثيرين بالتباعد الاجتماعي وعدم تطبيق النصائح الطبية اللازمة للوقاية، وبسبب هذا الإهمال- المتعمّد أحيانا- أصبح الجميع في مرمى المرض.

ولعل الأمر بحاجة إلى مراجعة من جديد، وعدم الرهان على (وعي المجتمع) أو مصطلح (حصانة القطيع) لأن الرهان على هذين العاملين أثبت فشله، وما عاد مجديا، فحين تشاهد مئات الأشخاص يتسوّقون في محل بيع ضيق (محلات التخفيضات)، يبحثون عن الأشياء الرخيصة بلهفة المحروم، تشعر أن هناك استهتارا غير عاديّ بأرواحهم وأرواح غيرهم، وحين ترى عشرات الشباب والأسر على الشواطئ يمارسون الرياضة وكأنهم لم يسمعوا بالخطر الذي يحدق بهم، تعتقد أن ما تتداوله وسائل الاعلام مجرد أوهام، وحين تسمع عن وليمة يقيمها أحدهم ويدعو إليها أهله وجيرانه تشعر بالخيبة والغيظ، وأنت تشاهدهم يدخلون منزل المضيف ويخرجون دون إحساس منهم بالمسؤولية المجتمعية، بل وصل الاستهتار بالبعض أن يتعمّد مخالطة غيره مع علمه بإصابته بالمرض، فيُصيب من يُصيب بعدواه، وتعتقد حينها أنك أمام جريمة محاولة قتل مكتملة الأركان، وأمام كل هذه المشاهد المنفلتة وغيرها ينهار المجتمع تحت وطأة ضربات كورونا، ولا يمكن أن يتعافى دون إحساس بالمسؤولية، وتعاون الجميع لدفع شر البلاء.

لقد فقد الكثيرون أحباءهم، وأبناءهم، وأمهاتهم، وأصدقاءهم، نتيجة الاستهتار بالمرض، أو نتيجة مخالطتهم لمصابين، أو بسبب عدم تصديق البعض لحد الآن أن هناك مرضا اسمه "كورونا" وأن في الأمر تهويل غير صحيح، رغم كل الذي يسمعونه، ويقرأونه، ويشاهدونه يوميا، وبدلا من أخذ الحيطة والحذر واتباع الإرشادات الصحية يتحولون إلى محللين عالميين يسعون إلى التقليل من شأن الوباء، ويدخلون في نقاشات سفسطائية لا طائل من ورائها حول من الذي نشر الوباء، ومن قام بهذه "المؤامرة العالمية"، والهدف منها، أو يتناقلون أخبارا ساذجة عن أدوية بدائية للمرض، ووسط هذه النقاشات التي لا تقدّم ولا تؤخر تضيع القضية الأساسية وهي أن الواقع الفعلي يقول: أن هناك مرض يصيب الناس ويقتلهم ينتشر في العالم مثل انتشار النار في الهشيم وأن الوقاية منه في خطوتين بسيطتين: التباعد الاجتماعي، واتباع النصائح الطبية..وكفى.

ورغم مرارة بعض الحلول، ونتائجها السلبية المؤقتة على الاقتصاد والمجتمع، إلا أنني أعتقد أن إغلاق بؤر الوباء المناطقية الجديدة، وإعادة غلق بعض الأنشطة التجارية التي يتكدّس الناس فيها أو تقنينها،  تقليص أوقات العمل سواء في القطاعين الحكومي أو الخاص مع الاحتفاظ بنسبة 30 في المائة من عدد الموظفين على رأس العمل، وسنّ تشريعات وغرامات مغلظة ضد المستهترين، وإنفاذها دون تردد خاصة على أولئك الذين يتعمّدون الاختلاط بغيرهم مع علمهم بإصابتهم، وتكثيف الرقابة على أماكن التجمعات الشبابية مثل: الشواطئ، وممرات المشي، وغيرها، إلى جانب مسؤولية الأفراد في الإبلاغ عن أي تجمّع غير عادي في المناطق السكينة، كل تلك الخطوات أصبحت ضرورة قصوى، وأولوية للجهات المختصة وكذلك للمواطنين والمقيمين، إذا أردنا محاصرة انتشار الوباء، وإخماد نيران الجائحة قبل أن تفتك بالجميع، وتصبح كارثة وطنية لا أحد يعلم سوء نتائجها إلا الله، حتى لو اضطرت الجهات المختصة لإعادة العمل بـ "نقاط السيطرة والتحكّم" بين جميع المحافظات مؤقتا وقصر التنقل بينها على (الضرورة القصوى) لوقف هذا الكم اليومي المزعج من الإصابات والوفيات الذي لا يبدو أنه سينتهي قريبا.

 ووقى الله الجميع من كل شر وسوء.