"المجلس الأطلسي": جلالة السلطان يمضي في مسيرة الإصلاحات الإدارية والاقتصادية الواسعة

 

2020 عام مفصلي في تاريخ عُمان الحديث

عمان تحتل مكانة دولية بفضل التنمية المتسارعة داخليا ونهج السلام الخارجي

الموقع الاستراتيجي لعُمان حجر الزاوية في "رؤية 2040"

"كورونا" والكساد من العوامل الضاغطة نحو التعجيل بتعزيز التنويع الاقتصادي

◄ السلطنة نقطة جذب جيواستراتيجية للعديد من الاستثمارات الأجنبية

ترجمة- رنا عبدالحكيم

سلط تقرير جديد صادر عن المجلس الأطلسي "أتلانتيك كاونسيل" الضوء على ما أحرزته السلطنة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- من إدارة حكيمة في معالجة التحديات التي تواجهها عمان، خاصة في أعقاب تفشي جائحة فيروس كورونا.

وأعد التقرير فيليب كورنيل كبير زملاء مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي، وهو أيضا كبير مستشاري وكالة الطاقة الدولية.

وقال التقرير إن عام 2020 مثَّل سنة مفصلية في تاريخ عمان الحديث، ففي 11 يناير الماضي، تولى جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أبقاه الله- الحكم في أعقاب وفاة المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور- طيب الله ثراه- والذي وصفه التقرير بأنه قائد فذ نجح- رحمه الله- في توظيف ثروة الطاقة في البلاد لتحويل عُمان إلى دولة ذات ثقل إقليمي ومؤسسات دولة متطورة. وأضاف التقرير أن الخبرات السابقة لجلالة السلطان هيثم المعظم في السلك الدبلوماسي وما نفذه خلال أشهر قليلة ماضية من إصلاحات اقتصادية واسعة، كل ذلك يعكس التوجه الحالي لعمان في مواصلة جهود العمل التنموي داخليا ودعم مسارات السلام على المستوى الإقليمي.

وأشاد التقرير بالنهج الإقليمي للسلطنة والذي منحها مكانة دولية، فضلا عما تحقق في عمان من بنية أساسية متطورة للغاية، واستثمارات في رأس المال البشري دفعت معدلات النمو نحو الصعود، وحافظت على الاستقرار الداخلي. وأوضح التقرير أن بدء تراجع أسعار النفط منذ عام 2014، أثر على الميزانية العامة للدولة؛ حيث سرعان ما اتضح في جميع أنحاء المنطقة أن ضعف أسعار النفط تمثل في الوقت الراهن مشكلة هيكيلة، مثنيا في هذا السياق على التطلعات الطموحة للرؤية المستقبلية "عمان 2040"، والرامية بشكل كبير إلى تنويع الاقتصاد وبدء النمو غير المعتمد على الموارد النفطية.

وتوقع التقرير أن تنخفض عائدات النفط خلال العام الجاري، بعد أن تسبب وباء كورونا في موجة هائلة من انخفاض الطلب العالمي على الخام.

وأشار التقرير إلى أن عمان تتمتع بعلاقات طيبة مع دول الجوار، إلى جانب علاقاتها مع الولايات المتحدة، لكنها في الوقت نفسه فتحت قنوات اتصال دبلوماسية بارعة لبناء علاقات قوية ومهمة خارج دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة مع الصين والهند ودول أوروبا، وهي علاقات ترتكز في جوهرها على الطاقة والاستثمارات التكنولوجية، الأمر الذي سيساعد في دفع الانتعاش الاقتصادي للبلاد.

وأبرز التقرير الموقع الاستراتيجي للسلطنة كمركز لوجستي، وأن هذا الموقع يمثل نقطة ارتكاز محورية لتطبيق "رؤية 2040"، فضلا عن كون السلطنة أحد منطلقات الخطة العملاقة لمبادرة الحزام والطريق الصينية (BRI). وأشار التقرير في هذا السياق إلى ميناء الدقم، الذي بزغ نجمه في عام 2016 كمركز لوجستي رئيسي في السلطنة؛ حيث بدأ العمل في الميناء بتمويل قيمته 265 مليون دولار من بنك الاستثمار الآسيوي للبنية التحتية (AIIB) ومقره بكين لتوسيع الميناء، كما وقعت شركة عمان وانفانج، وهي شراكة عمانية صينية، صفقة بقيمة 10.7 مليار دولار لإنشاء مجمع صناعي في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم. ويؤكد التقرير أن هذا المشروع يمثل علامة على التزام الصين تجاه عمان كبوابة لمبادرة الحزام والطريق إلى شبه الجزيرة العربية.

وقال التقرير إن جائحة الفيروس التاجي والكساد الاقتصادي لعام 2020 من العوامل الضاغطة على السلطنة، ما يدفعها إلى ضرورة التعجيل بتعزيز الاقتصاد. وامتدح التقرير جهود جلالة السلطان المعظم- أيده الله- لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة والتي بدأت بخفض أعداد المستشارين الذين يمثلون ضغطا على ميزانيات الوزارات، إلى جانب المعرفة العميقة لجلالته بالتحديات الاجتماعية في السلطنة؛ بينما يوجه الحكومة الرشيدة لمعالجة الظروف الاقتصادية للمواطنين.

وأشار التقرير إلى توقيع السلطنة والهند في ديسمبر 2019، على اتفاقية النقل البحري، لتكون عمان أول دولة خليجية تبرم هذه الاتفاقية. ويرى التقرير أن الاتفاقية تعزز مكانة عمان كمركز للشحن البحري الهندي. وأوضح التقرير أن الشركات الهندية تستثمر في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم؛ حيث ينفذ كونسورتيوم مشترك مشروعا بقيمة 1.2 مليار دولار لبناء مصنع كبير للتكرير الحيوي لحمض السباسيك. وعلى المدى المتوسط​​، يمكن للهند أن تكون سوقًا لبيع الغاز الطبيعي المسال من السلطنة؛ حيث ارتفع طلب من الهند- قبل كوفيد-19- بشكل أسرع من الصين. وفي الوقت الحالي، يذهب حوالي 10% فقط من الغاز العماني المصدر إلى الهند، لكن عندما ينتهي عقد عمان الأساسي مع شركة كوجاس الكورية قبل أقل من خمس سنوات، ستكون الهند مشتر رئيسي محتمل.

وقال التقرير إن العلاقات العمانية الهندية تتسم بأنها علاقات طويلة الأمد وتاريخية، مشيرا إلى أن مجتمع الأعمال الهندي في عُمان يعزز إمكانية وصول السلطنة إلى رأس المال والأسواق في شبه القارة الآسيوية.

ولم يغفل التقرير العلاقات العمانية الأوروبية المتميزة، وقال إن عمان تتمتع بشراكات متنوعة مع الدول الأوروبية، وعملت بنشاط على تنمية هذه العلاقات.

وشدد التقرير على أهمية أن تكثف السلطنة من جهود تعزيز العلاقات مع أوروبا خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مؤكدا ان عمان حافظت على علاقات وثيقة مع المملكة المتحدة، التي تستحوذ على أكبر قدر من الاستثمارات الأجنبية في السلطنة، وتحتل مكانة فريدة في قلوب النخبة العمانية. واشار التقرير إلى التقدير الأوروبي الكبير للدور العماني في الحد من وتيرة الاستقطاب الإقليمي. وأضاف أن الاستثمارات الأوروبية تعزز نمو قطاع الطاقة الخضراء، ففي مارس الماضي، أعلنت شركة DEME البلجيكية عن خطط لبناء محطة لإنتاج 500 ميجاوات من طاقة الهيدروجين الخضراء من الطاقة الشمسية والرياح في الدقم. وقال التقرير إن عمان تمثل وجهة استثمارية فريدة لتعزيز واردات الطاقة الخضراء وتعزيز الحضور الأوروبي المتواضع في منطقة الخليج بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ويختتم التقرير بالتأكيد على أنه في عالم متعدد الأقطاب ما بعد كوفيد- 19، فإن عمان تمثل نقطة جذب جيواستراتيجية للعديد من الاستثمارات الأجنبية، خاصة الاستثمارات التكنولوجية، وتلك القائمة على مشاريع البنى الأساسية الحيوية.

تعليق عبر الفيس بوك