أنيسة الهوتية
للأسف جفاف بعض أولياء الأمور في التعامل مع الأبناء، خاصة مع البنات النواعم والقوارير خطأ؛ فلا ضير بالتغزُّل بهن ورَي قلوبهن ولا ندعهن مثل الأرض القاحلة الجافة المتصحِّرة والمتعطشة لأي كلمة "حلوة" من هذا وذاك تستطيع جذبهم إلى ناطقها مثلما ينجذب النمل للعسل، ومعلومٌ أنَّ اللسان المعسول فعله أقوى من سحر هاروت وماروت، وأيضا انعدام التواجد مع الأبناء وإعطائهم الثقة العمياء يجعلهم يتوهون في مساراتهم ثم ينجرفون وراء كل أمر يرونه مذهلا وجميلا، خاصة وأنهم حديثو التحول من الشرنقة، والحياة بالنسبة لهم مسرح جديد جذاب، فيُعجبون بمن هم على ذلك المسح من قريب أو غريب، وعندما نقول قريب فهذا واقع يجب الاعتراف به، و"ياما" كانت هناك حالات تحرش وهتك عرض من الأقارب والمحارم في الأمة العربية الإسلامية "خلينا من الغرب"؛ لذلك التواجد والانتباه الشديد يجب أن يكون حاضراً في كل زمان ومكان.
وفئة المراهقين مثل الغزلان الصغيرة السهلة، يكونون صيداً سهلا لتلك الوحوش البشرية المفترسة، الذين يعيشون عبيداً لشهواتهم الشيطانية، يأمرهم وينهاهم إبليس حتى يسوقهم إلى النار ثم يتبرأ منهم، وكم هتكوا من الأعراض لصبيان وبنات وأطفال، ولم يكتفوا من ضحاياهم، بل عاملوهم بالابتزاز والتهديد مع التخويف الشديد حتى يضمنوا استمرار ارتكاب الجريمة مرارًا وتكرارًا، ولولا هذا الخوف منهم، مع الخوف من ردات فعل أولياء الأمور، لكان الضحايا يتكلمون بفم ملآن، والوحوش تلك تعدم بلا رحمة ولا رأفة، كما فعلوا بضحاياهم، ولكن إنه الخوف الذي يخلق حاجزاً منيعاً يستر أفعال تلك الوحوش البشرية اللإنسانيين، وأرفض تسميتهم بالذئاب البشرية؛ لأنَّ الذئب كحيوان بري لا يزال أشرف وأنقى منهم، وهنا يجب أن نُؤمن أن عدم زرع الخوف في قلوب الأبناء أيضاً حماية لهم، وواجب على أولياء الأمور واستبداله بالأمان والاطمئنان، في حال أنهم أرادوا البوح بأمرٍ ما حصل معهم من شخص غريب أو قريب، أو غلطة اقترفها هو ويريد أن يتحدث مع أهله، علينا بالاستماع والإنصات، وأن لا تكون لدينا ردة فعل عنيفة حتى لا يستنفروا منا، بل احتضانهم وتوجيههم ومراقبتهم حتى في مساحتهم الخاصة ولكن من بعيد. وأن نعلمهم ثقافة الابتعاد الجسدي عن الغرباء وبالاقتراب من الأقارب بطرق ومسافات وأساليب معينة.
ودائما هناك حاجة لتبديل نوع التعامل من طفل إلى طفل، دون إشعار الآخر بالفرق، ومن هنا يحتاج الوالدان إلى بذل المزيد من الجهد لفهم نفسيات وعقليات وتوجهات أبنائهم وبناتهم ومعاملة كل واحد منهم كما يناسبه، مع توفير مساحة حرة، فإنهم كالبالون إن ضغطت عليه كثيراً سينفجر بين يديك، وإن تركته سيطير بعيداً عنك، وبين ذلك وذلك هو الأسلوب الأسلم بقانون خير الأمور الوسط وتتدرج الأمور التي في الوسط مثل تدرجات مقياس المسطرة، وبناء عليها نقيس أي درجة هي المناسبة لطفلنا أو طفلتنا وليس أطفالنا كلهم، فلكل واحد مِقياس خاص به.. وهُنا نتحدث عن التعامل والرقابة، وليس عن العطاء والهدايا والحب.
وللأسف الشديد أنَّ حالات التحرش وهتك الأعراض في تزايد، ودائرة الضحايا لا تنحصر في المراهقين والأطفال، بل وأيضا في الكبار والنساء المتزوجات اللائي يَعِشن حياة ينقصها الألق الرومانسي بالنسبة لهن، ويعانين من فراغ عاطفي كبير وركود في الحياة الزوجية؛ فهؤلاء النسوة أيضا فرائس مرغوب فيها لتلك الوحوش البشرية وسهلة خاصة، مع إلقاء سيناريوهات الحب والغزل وإبداء الغِيرة المزيفة، وكم من أسرة تفككت بسبب قصص حب وهمية كان بطلُها وحشًا بشريًّا أراد تذوق لحمٍ مُحرَّم يمتلكه رجل آخر حلالاً طيباً له!
يُتبع ...،