مهارة التصور الذهني (2)

د. عبدالحميد الكيتاني

ذكرنا سابقًا أنّ هناك عدة أنواع من التصور الذهني وقد تكون الأكثر شيوعًا هي هذه الثلاثة: 1- التصور الداخلي و2- التصور الخارجي و3- عدم التصور الذهني.

أما التصور الخارجي فهو محاولة تأدية مهارة ما بالاقتداء بأداء رياضي مُتميز بتلك المهارة، فعلى سبيل المثال في رياضة التنس الأرضي بإمكان اللاعب أن يتصور أو يستحضر ذهنيًا مهارة الإرسال التي يقوم بها بطل عالمي كروجير فيدرر من حيث الوقفة، التركيز، الهدوء حركة لف الجذع وحركة القدمين إلخ! أما التصور الداخلي فهو نتيجة نابعة من الداخل لأداء التصور الذهني وذلك عن طريق الاستعانة بالتجارب السابقة للاعب سواء بالمشاهدة أو استحضار مهارة أداها بطريقة مميزة في السابق.

وتعد مهارة "عدم التصور الذهني" هي المرحلة المتقدمة من مهارات التصور الذهني، حيث يتدرج الشخص أولاً بممارسة التصور الخارجي ثم الداخلي وينتهي أخيراً بالاستقرار بمهارة "عدم التصور الذهني" وإن كان البعض قد يلجأ أحياناً إلى الداخلي والخارجي حسب الظروف النفسية التي يمر بها الشخص. وتتلخص فكرة مهارة "عدم التصور الذهني" في فرضية أنَّ اللاعب قد وصل إلى مرحلة الإتقان في الأداء الحركي للمهارة وبقي فقط استرجاع المهارة عن طريق الحس العضلي أكثر من البصري، بمعنى آخر أنَّ المُمارسة في "عدم التصور الذهني" تكون عن طريق تحفيز العضلات وذلك من خلال الاستعانة بالحس العضلي للاعب!!

إنَّ من أبرز أساسيات نجاح التصور الذهني هو توفر الاسترخاء واستحضار التصور بشكله الكامل، أما في الاسترخاء فإنه يتطلب وجود الاسترخاء الذهني والعضلي:

1- الاسترخاء العضلي هو شبيه بتمارين اليوجا عندما يقوم الشخص بالتركيز على شد مجموعة من العضلات ثمَّ القيام بمدها أو استرخائها ومن ثم ينتقل إلى مجموعة أخرى من العضلات ليقوم بعمل المثل وهكذا حتى ينتهي من شد واسترخاء معظم المجموعات العضلية الكبيرة للجسم.

2- الاسترخاء الذهني: يتمثل في أن يقوم الشخص بالتركيز على أداء العضلات أثناء الشد والاسترخاء مع محاولة تفريغ الدماغ من أية استثارة زائدة ليست لا علاقة لها بالمجهود العضلي الهادف لإحداث الاسترخاء العضلي، وهذه المهارة ليست بالسهلة إنما تتطلب تدريبا مستمرا للوصول إلى المستوى المرضي ليتوافق مع الاسترخاء العضلي!

ونقصد باستحضار التصور بشكله الكامل هو استحضار الوضوح أثناء التصور كواقعية الصورة ونقائها في الذهن ومحاولة تكرارها لأجل الوصول إلى نقطة الوضوح الكامل في مخيلة اللاعب، مع محاولته كذلك إضافة تحسينات إلى الصورة بالكيفية التي يراها مناسبة له حتى يستطيع تخزينها في الدماغ بشكل أوضح!

أما بالنسبة لأوقات ممارسة التصور الذهني فهناك عدة اعتبارات في هذا الجانب، إذ إنه بالأساس يعتمد على نفسية اللاعب أولاً وأخيرا فهناك لاعبين لا يودون القيام بهذا النوع من التحضير قبل المنافسات الرياضية بدقائق لأنها قد تسبب توترا إضافياً بالنسبة لهم (وهذا غالباً يحدث عند الأشخاص غير المُتمكنين جيدًا في التصور الذهني) بينما آخرون يرون أنَّ هذا هو الوقت المناسب لنقله إلى حالة التركيز الكاملة، إذن للاعب الخيار في ممارسة التصور الذهني في الوقت الذي يراه مناسبًا له قبل خوض المنافسات الرياضية، لكن المتفق عليه في الأمر هو ضرورة الالتزام وتخصيص جزء من وقت التمارين الرياضية (بعيدًا عن جو المنافسات) في ممارسة التصور الذهني (ما بين ١٠-١٥ دقيقة)، إذ إنَّ هذه المهارة تصقل وتنمو بالأساس في أجواء التمارين العادية ما ينتج عنه غرس الثقة الكافية لمُمارسته بأريحية في المنافسات الرياضية!

تعليق عبر الفيس بوك