"لما توسمنا فيه من صفات وقدرات"

 

 

د. ناصر بن سيف الذهلي

 

ما هي الصفات والقدرات التي توسمها جلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- في حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه-؟

المُتأمل في شخصية السلطان الراحل- طيب الله ثراه- يدرك تمامًا أنَّ شخصيته مزيج بين الحكمة والبصيرة النافذة، ففي تناغم فريد انفرد به -طيب الله ثراه- بين شخصية عسكرية قيادية وبين شخصية مدنية رحيمة بأبناء شعبها تتربع شخصيته رحمه الله، حيث كان ذو حكمة وبصيرة نافذة في أمور كثيرة كان يراها الشعب في وقتها سرعة في القرار أو تريثاً غير ذي جدوى، ولكن مع مرور الوقت ما لبث أن رأينا أنَّه جنَّب بلادنا الغالية الكثير من الأزمات والمواقف التي خاضها كثير من الدول، حيث كان رحمه الله حكيماً في انتقاء مبعوثيه وممثليه في العديد من القضايا الحساسة على مستوى المنطقة مسلحين بحكمته وبصيرته النيرة.

إنَّ السلطان الراحل ربى أجيالا من القادة نهلوا من منهل صفاته القيادية فأصبحوا لا يرون العالم من حولهم إلا من خلال الزاوية التي رسمها لهم فهذا السر وراء حب الكثير من دول العالم لعُمان.

إنَّ هذه النَّظرة الحيادية المُتفردة التي تنم عن ذكاء وحكمة وبصيرة خارقة، فنجد مثلاً أن السلطان الراحل طيب الله ثراه رفض احتلال العراق للكويت في عام 1990م، وفي نفس الوقت ساند برنامج النفط مُقابل الغذاء لصالح الشعب العراقي. كما رفض الدخول في التحالف لضرب اليمن وفي نفس الوقت كان يُرسل المؤن والإغاثة من الدواء والغذاء والملبس للشعب اليمني الشقيق، فأي بصيرة هذه؟ ولو سطرنا مواقف السلطان الراحل -طيب الله ثراه- لن ننتهي من ذكرها حيث إنَّ الحكمة تتجلى في كل موقف من مواقفه طيب الله ثراه.

كل تلك الحكمة والبصيرة هي التي قادته لتوسم الصفات القيادية لجلالة السلطان المعظم حفظه الله، فنجد أنَّ جلالته شخصية ثابتة متأنية صبورة، والناظر والمتأمل للتسلسل القيادي لجلالته- أبقاه الله- نجد أن السلطان الراحل كان قد أودع فيه كل تلك الصفات القيادية، حتى أنَّ السلطة انتقلت إليه بشكل سلس وكأن السلطان الراحل لم يترجل عن حصانه.

ولعلي أسرد القول قليلاً في بعض مناقب شخصية جلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم وصفاته، لقد بدء عهده بأزمتين اقتصادية وصحية وكلاهما عالمية عالج الأولى بترشيد النفقات وعالج الثانية بالتأني في اتخاذ القرارات.

ففي خضم هاتين الأزمتين، تخرج لنا المراسيم السلطانية والأوامر السامية تتاسبق لتُعالج الفجوة في الأزمتين فما بين تقليل نفقات وإعادة هيكلة ونقل وترقيات نجد أنَّ الطريق قد بدأ بالاتساع بدل أن يضيق وهنا تتجلى الحكمة في إدارة الأزمات، وعلى الطرف الآخر نجد الاهتمام السامي بأزمة جائحة كورونا قد جاء بتشكيل لجنة عُليا وكأنه أعزه الله يرى نهاية الطريق وبُعده وتعقيداته.

فأيُّ حكمة هذه؟ والقارئ بين السطور والمتأمل لملامح شخصيته لحظة إعلان تنصيبه حاكماً للبلاد يتجلى له ملياً الهدوء والثبات وهذه من أهم الصفات القيادية التي يجب أن يتحلى بها أي قائد ولعل العارفين بلغة الأجساد يدركون تماماً العزيمة والإصرار اللذين تعكسهما عيناه.

لقد رأى السلطان الراحل طيَّب الله ثراه، العزيمة والثبات والقدره والصبر والحكمة وغيرها من الصفات التي توسمها في شخصية جلالة السلطان المفدى- نصره الله- والتي دعته إلى اختياره خليفة له.

فعُمان ستكون في عصره بقيادة فذة ونهضة مُتجددة، فهنيئاً لعمان سلطانها المُعظم هيثم بن طارق.

تعليق عبر الفيس بوك