الحُب وطمأنينة النفس

 

مدرين المكتومية

في ظلِّ ما نمرُّ به من ظروف صعبة، وما نعيشه من أجواء توتر وقلق، فضلا عن الإرهاق والشَّوق لتجاوز المرحلة الحالية، لابُد لكلِّ شخص أن يسعى جاهدًا إلى العناية بذاته وحالته النفسية، والطريق الأمثل لذلك يتمثَّل في الاسترخاء الذاتي؛ بمعنى أن يسعى كل فرد منا بصورةٍ حثيثة إلى التوقُّف عن التفكير في المستقبل، وتجاوز حالات التوتر والقلق بأي وسيلة كانت.

ومن وجهة نظري أرى أنَّ هناك ثلاث وسائل لكي نتخلَّص من هذا التوتر وذلك القلق المُتوَهَّم؛ الاولى: علينا أن نلجأ بقوة إلى من نُحب؛ فوجود كل فرد منا بجوار من يحبه هو الخلاص وطوق النجاة مما قد يشعر به المرء من متاعب نفسية. فالحبيب أيًّا من كان: صديق أو صديقة، زوجة أو زوج، أخ أو أخت، أم أو أب، سيكون بالنسبة لنا الحُضن الدافئ والقلب الكبير الذي يتَّسِع لنا، والقادر على محو همومنا.

فمَنْ مِنا لم يلجأ إلى حبيبه ذات يوم عندما شعر بضيق أو وقع في أزمة أو تعرَّض لأي مشكلة في حياته، والحب هنا لا يَجِب أن تحده الظروف أو المادة؛ فبإمكان كلمة طيبة من الحبيب لحبيبه أن تُزيح همومَ دهرٍ بالكامل، وربما نظرة تملؤها الشفقة والاحتواء تكون تِرياقًا لأوجاعنا النفسية، فما أجمل أن نقترب من أحبائنا في هذه اللحظة التي نمر بها جميعًا، لا تتخلوا عن أحبابكم، اقتربوا منهم قدر الإمكان، اقتربوا بأرواحكم قبل أجسادكم، دعوا القلوب تتعانق والأعين تلتقي ببعضها البعض.

الوسيلة الثانية: الابتعاد عن مصادر التوتر؛ فإذا كُنت ممن يحرصون على متابعة الأخبار أولًا بأول، أو مِمَّن يكرسون أغلب وقتهم للعمل وحسب، ولا يُخصِّصون أوقاتًا للاسترخاء ومجالسة الأصدقاء والأهل والأحبَّة، فعليك فورا أن تتخلى عن تلك العادة غير الصحية، فلا داعي لأن تتابع الأخبار على مدار الساعة، يكفيك نشرة إخبارية واحدة أو تتصفح موقعا إخباريا لمدة لا تتجاوز خمس دقائق في اليوم، ويفضل أن تكون في منتصف اليوم، فلا تبدأ يومك بقراءة الأخبار فتتكدر معيشتك وتكتئب مع مطلع اليوم، وأيضا لا تطالع الأخبار في المساء قبل النوم فتُصاب بالتوتر والأرق وعدم القدرة على الاستمتاع بنوم عميق، اقترب أكثر من أهلك وأصدقائك بأي وسيلة تواصل مع من يتوافق معك في الرُّؤى، ولا تخوض جِدَالات عقيمة، لا تغني ولا تسمن من جوع.

الوسيلة الثالثة: خصِّص ساعة أو ساعتين يوميًّا للترفيه والتريُّض، مارس الرياضة ولو نصف أو ربع ساعة في المنزل، في غرفتك أو الشارع أو في أي مكان، انْعَم بوقتٍ كافٍ من الترفيه، مارس لعبه إلكترونية على هاتفك، أو أي جهاز إلكتروني آخر، استمتع بقضاء الوقت لا تفعل شيئًا سوى أن تُمارس لعبة إلكترونية. اقرأ كتابًا، تصفح مجلات الموضة، احرص على ممارسة أي نشاط يمكن أن يمنحك الشعور بالاسترخاء والهدوء النفسي.

ومن هنا، أهمس في أذن كل من يقرأ هذه السطور وأقول: الحب، والصداقة، والمشاعر الطيبة، هي وحدها التي ستُخرجنا من دوامة الحياة وضغوطاتها وآلمها، اصنع سعادتك بيدك، وابتعد عمَّا يسبِّب التعاسة والإحباط، صاحِب الأنقياء، وتواصل مع الأحبَّاء، فالحياة ملكك أنت، استمتع بها حتى النهاية.