الوقاية خير من العلاج

المنتدى الاقتصادي العالمي: الموجة الثانية من "كورونا" مفهوم معيب

ترجمة- رنا عبدالحكيم

نشر الموقع الإلكتروني للمنتدى الاقتصادي العالمي "World Economic Forum" تقريرا استعرض فيه آراء الخبراء حول مسألة الموجة الثانية من انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، وتوقيت عودة الحياة إلى طبيعتها.

وقال التقرير إنَّ معظم دول العالم تخفف حاليا إجراءات الإغلاق، حيث يعود الأشخاص إلى أعمالهم وتستأنف المحلات أنشطتها، على الرغم من عدم توافر لقاح، فضلاً عن أنَّ العالم بعيد للغاية عن تحقيق "مناعة القطيع"، لذا فإنَّ هذه الحرية الجديدة يشوبها الخوف من موجة ثانية من العدوى. وهناك العديد من المؤسسات والخبراء الذين يتحدثون عن "موجة ثانية" تضرب الصين وإيران.

غير أنَّ تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي يرى أن مفهوم الموجة الثانية معيب ويخلق مفاهيم خاطئة خطيرة حول الوباء.

في وقت مبكر من الوباء، ناقش العديد من الخبراء أوجه التشابه بين كوفيد-19  وفيروس الأنفلونزا. كلاهما فيروسات تسبب التهابات الجهاز التنفسي في الغالب خفيفة. الأنفلونزا هي أيضًا سبب أحدث الأوبئة السابقة. ومن هذه التشابهات، كان من المغري افتراض أن كوفيد-19 سوف يتصرف بشكل مشابه لوباء الأنفلونزا. ومع ذلك، فهذه فيروسات مختلفة للغاية نظرا لتباين سلوكها تمامًا مع أية فيروسات أخرى.

كما إن معدل وفيات كوفيد-19 أعلى بكثير مقارنة بالأنفلونزا، إلى جانب معدل أعلى بكثير فيما يتعلق بدخول المستشفيات والعدوى الشديدة. والأنفلونزا هي فيروس موسمي، فكل عام نرى حالات الأنفلونزا تبدأ في أوائل الخريف، وتزداد خلال فصل الشتاء ثم تختفي مع اقتراب الصيف. ويتكرر هذا سنويًا، وبالتالي إذا ظهرت سلالة جديدة من الأنفلونزا، فمن المحتمل أن تكون لدينا موجة أولى من العدوى خلال فصل الشتاء والربيع، ثم يعود الفيروس في موجة ثانية في الخريف والشتاء في العام التالي. لكن في حالة كوفيد-19، فلا معلومات تشير إلى أنَّه فيروس موسمي أصلًا.

وانتقال الأنفلونزا أقل في الصيف لأنَّ الجمع بين الرطوبة العالية وزيادة الأشعة فوق البنفسجية وقضاء وقت أقل داخل الأماكن المغلقة، قريب من بعضها البعض. وقد تؤثر بعض هذه العوامل أيضًا على كوفيد-19، لكننا لا نعرف إلى أي مدى ستؤثر. حتى إذا كانت العوامل الموسمية تؤثر على انتقال كوفيد-19، فإن انتشار فيروس جديد من خلال مجموعة سكانية ليس لديها مناعة سيقهر أي تأثير للعوامل الموسمية.

وبصرف النظر عن موسمية الفيروس، هناك سبب آخر يفت في عظم فكرة الموجة الثانية؛ حيث يشير مفهوم الموجة الثانية إلى أنه أمر لا مفر منه، وأن ذلك شيء جوهري في كيفية تصرف الفيروس وانتشاره، أو أنه يزول قليلاً، ثم يعاود التفشي مرة أخرى. ويرى التقرير أن هذه الفكرة لا تأخذ في عين الاعتبار أهمية الإجراءات الوقائية الجارية، وتصور الحكومات والمجتمعات على أنها عاجزة، وأنَّ العالم يسير وفق أهواء هذا المرض.

ويقول التقرير: "العالم لا يمر بين موجات، هناك حالات جديدة في المملكة المتحدة كل يوم، لكن هناك أيضا انحسار في بعض الدول وزيادة في دول أخرى، الأمر برمته يتأثر باستمرار بإجراءاتنا الاحترازية".

والتخلي عن اتخاذ التدابير الاحترازية سيُؤدي إلى زيادة في الحالات، هذا هو الوضع الطبيعي الجديد حتى يكون لدينا لقاح فعَّال. وحتى ذلك الحين، علينا أن نعتمد على إجراءاتنا لإبقاء الحالات منخفضة الآن وفي الخريف.

ويطرح تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي سؤال: متى يمكننا أن نعود لحياتنا الطبيعية؟ وهل هذا ممكن من الأساس؟

صحيفة نيويورك تايمز أجرت مُقابلات مع 511 اختصاصيًا في علم الأوبئة والمتخصصين في الأمراض المعدية من الولايات المتحدة وكندا، وأبرزات تصوراتهم حول الوقت الذي قد يتوقعون فيه استئناف مجموعة من الأنشطة حول العالم. لكن تباينت الردود، بناءً على أحدث البيانات المتاحة للجمهور والمدعومة علمياً، وبناءً على الافتراضات أيضا حول خطط الاستجابة للوباء في مختلف الدول. ولاحظ الخبراء أنَّ إجاباتهم ستتغير اعتمادًا على آلية تعاطي الدول ومعدلات الفحص في مختلف المواقع.

وأوضح التقرير أن الرغبة في التواجد في الهواء الطلق واضحة جدًا؛ حيث يأمل 56% من الذين شملهم استطلاع للصحيفة الأمريكية، القيام برحلة برية قبل انتهاء الصيف. وفي الوقت نفسه، شعر 31% أنهم سيكونون قادرين على المشي لمسافات طويلة أو القيام بنزهة مع الأصدقاء هذا الصيف أيضا، مشيرين إلى الحاجة إلى "الهواء النقي والشمس والتواصل الاجتماعي والنشاط الصحي"، للمساعدة على الحفاظ على صحتهم البدنية والعقلية أثناء هذا الوقت.

ويقول التقرير إنَّ من النتائج الأكثر إثارة للدهشة هي أن 6% من علماء الأوبئة لا يتوقعون أن يمارس الناس العناق أو المصافحة بعد الوباء. علاوة على ذلك، يعتبر أكثر من نصف المشاركين في الاستطلاع أنَّ الكمامات ستظل ضرورية في العام المقبل أيضًا على أقل تقدير.

ويختتم تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، بالقول إنه في حين أن العديد من البلدان تنهي حالات الإغلاق العام، وتعيد فتح القطاعات لدعم الاقتصاد، فإنَّ بعض مسؤولي الصحة حول العالم لا يزالون يحذرون من رفع القيود قبل الأوان، وقبل أن نتعامل مع الفيروس وانتشاره بشكل كامل، لكن المؤكد أنَّ الإجابات حول استئناف هذه الأنشطة لا يرتبط بوقت أو تاريخ محددين.

تعليق عبر الفيس بوك