المتاحف في زمن كورونا

 

ردينة بنت عامر الحجرية **

** مديرة متحف المدرسة السعيدية للتعليم

 

من المواقع الرسمية إلى التفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي

 

في المقال السابق تحدثت عن ضرورة تكييف طبيعة عمل المتاحف لتُواكب الطفرة الرقمية الحديثة والحياة الاجتماعية والثقافية الحديثة التي أصحبت حاضرة في وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من حضورها الاعتيادي، أي أنَّ الوعي الإنساني غدا متأثرا بشكل مباشر بما يحدث ويقع في برامج ووسائل التواصل الاجتماعي أكثر من تأثره بما حوله من أشياء وأحداث مادية، بل ويُعاملها معاملة جادة ويوليها اهتماما وأولوية تأخذ حيزاً من وقته ويومه، بل أصبح كثير من التعاملات المالية والإدارية تمارس اليوم من خلال هذه البرامج مع ضرورة وجود حماية عالية وأمن قوي وبيئة موثوقة بين المُتعاملين.

وعلى الرغم من أنَّ الحياة الرقمية الجديدة للمجتمع الإنساني تمثل نقلة نوعية خطيرة لتأثيرها على طبيعة الإنسان وصحته وتربيته وأخلاقه بسبب ذوبان الحواجز التي كانت تفصل بين المُجتمعات والبيئات المختلفة وبسبب سرعة انتشار الأفكار واختلاط الثقافات بعضها ببعض، مما يجعل المجتمعات الصغيرة والمتأخرة علمياً وتقنياً ومادياً ضحية لتلك المجتمعات الرأسمالية التوسعية التي تسعى إلى تعميم ثقافتها وأسلوب حياتها على بقية الدول والشعوب، ما لم يكن لتلك الشعوب ثقة قوية بمقدراتها وهمّة عالية ونشاط مستمر للعمل والتطوير وملء المحتوى الإلكتروني في وسائل التواصل الاجتماعي وفي المواقع المعرفية كموقع ويكيبيديا ومواقع البحث بثقافتها وتاريخها وحضارتها وآخر ما يتوصل إليه المتخصصون من بحوث ونقاشات وأفكار.

وهنا نعود لنُؤكد على دورنا في المتاحف، التي كانت ولا زالت تعتبر المنصة الثقافية والمعرفية الأكثر أهمية في الدول، نعود لنؤكد على أمرين مهمين جدًا: أولا: التواجد رقمياً، وثانياً: التشارك والتفاعل اجتماعياً.

أما من ناحية التواجد رقمياً فإنَّ أغلب المؤسسات ومنذ التسعينات وحتى نهاية العقد الأول من هذا القرن قد صار لها وجود من خلال مواقع إلكترونية رسمية خاصة بها، وكثير منها وفَّر خدمات عديدة من خلال هذه المواقع والتطبيقات التي ساهمت إلى حد كبير في تسهيل وصول وإجراء الخدمات وضبط الأعمال الإدارية وتقليص التجاوزات فيها، عدا بعض المؤسسات التي تأخرت عن الركب لأعذار غير مقبولة، ولكون أسلوب الحياة الجديد أصبح أكثر تعقيدا وأكثر تسارعًا في التغيير والتحول فإنَّ السعي إلى التحول من العمل الإداري إلى العمل الإلكتروني لم يعد كافياً، إذ بات من الضرورة بمكان أن يكون للمؤسسات حضورها الاجتماعي من خلال (التشارك والتفاعل اجتماعيا وثقافيا)، نظرا لانتقال التعامل منذ بداية العقد الثاني من هذا القرن وحتى يومنا هذا من المواقع الإلكترونية إلى التعامل من خلال وسائل التوصل الاجتماعي التي أصبحت وحدها وعاء إلكترونيا اجتماعيًا وعملياً يمارس من خلاله كثير من الأعمال السياسية والإدارية والمالية والتجارية والتسويقية وكذلك الثقافية التي يقوم بها المختصون في كل جانب ومؤسسة.

ومن هنا سوف نركز في حديثنا في المقال المُقبل على 7 وسائل حديثة يمكن للمرشد في المتاحف أن يعزز من خلالها حضوره في وسائل التواصل الاجتماعي.

تعليق عبر الفيس بوك