العالم بعد كورونا.. كل شيء قابل للتغيير!

سلطان بن سليمان العبري

Sultan1444@gmail.com

عامان أو ثلاثة كانوا ينتظرون دورهم ليقوم نجم كرة قدم ما بالإمساك بأيديهم الصغيرة ليدخل معهم ملاعب كرة القدم، والآن بات عليهم، هم وغيرهم ممن كانوا ينتظرون لقاء مشاهير الفن والأدب والرياضة وغيرهم، أن ينسوا فقرة المصافحة والقرب ممن يحبون، لسنوات وربما للأبد؟

لكن، هل هذه الرومانسية الفائضة كل ما ينتظرنا -نحن سكان هذا الكوكب- بعد أن تنتهي جائحة كورونا؟

أشياء كثيرة ستتغير، بل كون بأكمله لن يعود كما كان، فما هي التغييرات المتوقعة والكبيرة التي تحمل ما يمكن تسميته بـ"سمة عامة"؟؟

تابعت باهتمام كبير آلاف الآراء والانطباعات التي تركها خلفهم أصدقاء وحتى أعداء وكُتَّاب ورؤساء دول وفنانين ومشاهير وأشخاص عاديين، عما تغيَّر في حياتهم، فوجدت أن الطابع الروحاني الديني هو الغالب الأعم على انطباعات الناس العاديين الذين رأوا فيه كبحًا لجماح المنكرات والقمار والرذيلة وما إلى ذلك، وهم محقون طبعا، لكن هذا الأمر عَرَضِي وغير مرئي أصلا؛ فهو يمارس بكل مكان ولا يحتاج لبيوت أو شركات متخصصة، وهو ليس أولوية حتى عند ممارسيه؛ كونه رفاهية فائضة نسبة من ينتهجها قليلة.

قلبتُ أكثر، فوجدت من كتب عن التأثير الاقتصادي السلبي ودور الدول في المساعدة، وهكذا لم أجد ما يشفي غليلي كثيراً، لأن هذا الوضع يتغير بتغير المكان والزمان ورؤية وقوة الدول الاقتصادية، وكان أن تابعت تأثير الجائحة على الفن والأدب والرياضة فوجدت أنَّ الآداب أكثرها استفادة؛ حيث يمكن للمرء أن يكتب والآخر يقرأ في أي مكان ودون أي لقاء حقيقي ثنائي أو جماعي، فأنت تقرأ لكتاب لا تراهم وبعضهم متوفَّى منذ قرون.. فما الجديد في ذلك؟

ناهيك عن أنه قد تبيَّن لي أنَّ الأمر شخصي بحت، ولا يمكن القياس عليه أيضا، إذ لا يقرأ الإنسان أو يكتب طوال الوقت، فهو حتمًا سيجوع ويعطش، وعليه أن يفكر في كيفية الحصول على مبتغاه الأساسي ليعيش، وإن عاش، فستكون هناك مجابهات أكبر وأكثر مع الواقع، فما العمل إذن؟

فجأة وقع عيني على مقال بحثي مترجم من قبل محمود حمدان، وقد نشرته جريدة مرموقة عالميًّا هي "الفايناننشال تايمز" للكاتب والمؤرخ يوفال نوح هراري الأستاذ في قسم التاريخ بالجامعة العبرية في القدس، قلت في نفسي لعل أصدق الروايات التي تاتي من أعداء، وأي أعداء هم أعداء للإنسانية عامة وليس للمسلمين أو العرب على وجه الخصوص، لكنَّ اطلاعي السابق على كتابيه "العاقل: تاريخ مختصر للجنس البشري" و كتاب "21 درساً للقرن الواحد والعشرين"، جعلني أثق أن هناك كلاما كبيرا سأقرأه وأعرفه، وهذا هو المطلوب، ومن هنا قرأت المقال كاملا، ووجدت أنه من المفيد العروج على أبرز ما تضمنته؛ كون الكاتب باحثًا في التاريخ الإنساني وليس شخصاً عاديًّا.

يقول نوح: " اليوم، ولأول مرة في تاريخ البشرية، تتيح التكنولوجيا مراقبة الجميع طوال الوقت. وقبل 50 عاماً، لم يكن باستطاعة المخابرات السوفييتية متابعة 240 مليون مواطن سوفيتي على مدار 24 ساعة، كذلك لم يكن باستطاعتها حتى أن تأمل في معالجة جميع المعلومات التي تم جمعها بشكل فعال. فاعتمدت على عملاء ومحللين بشريين، ولم تتمكن من تعيين إنسان لمتابعة كل مواطن، ولكن يمكن للحكومات الآن أن تعتمد على أجهزة استشعار في كل مكان وخوارزميات قوية بدلاً من البشر.

وفي معركتها ضد كورونا، استخدمت عدة حكومات بالفعل أدوات المراقبة الجديدة. وأبرز حالة هي الصين، فقد راقبت الهواتف الذكية للأشخاص بدقة، كما استفادت من مئات ملايين كاميرات التعرف على الوجوه، وإلزام الأشخاص بفحص درجة حرارة أجسامهم وحالتهم الطبية والإبلاغ عنها، لا يمكن للسلطات الصينية أن تحدد فقط حاملي الفيروس المشتبه بهم، ولكن أيضاً تتبع تحركاتهم والتعرف على أي شخص اتصلوا به، وفيما تحذر مجموعة من تطبيقات الهاتف المحمول المواطنين من قربهم من المرضى المصابين. وحتى الآن، عندما لمست إصبعك شاشة هاتفك الذكي وضغطت على رابط، أرادت الحكومة أن تعرف بالضبط ما كان أردت تصفحه، ولكن مع فيروس كورونا، يتحول تركيز الاهتمام (إلى أمور أخرى). وتريد الحكومة الآن معرفة درجة حرارة إصبعك وضغط الدم تحت جلدها.

وإحدى المشاكل التي نواجهها في فهم أين نحن من المراقبة، هي أنه لا أحد منا يعرف بالضبط كيف يتم مراقبتنا، وما قد تجلبه السنوات المقبلة، وتتطور تكنولوجيا المراقبة بسرعة فائقة، وما بدا أنه خيال علمي قبل 10 سنوات هو أخبار قديمة اليوم.

وكتجربة فكرية، هبْ أنَّ حكومة افتراضية تطالب بأن يرتدي كل مواطن سواراً بيولوجياً يراقب درجة حرارة الجسم ومعدل ضربات القلب على مدار الساعة، وتم تجميع البيانات الناتجة وتحليلها بواسطة الخوارزميات الحكومية.

ستعرف الخوارزميات أنك مريض حتى قبل أن تعرف أنت، وستعرف أيضاً أين كنت؟ ومن قابلت؟ يمكن تقصير سلاسل العدوى بشكل كبير، وحتى إيقافها تماماً، ويمكن القول إنَّ مثل هذا النظام يمكن أن يوقف الوباء في آثاره في غضون أيام. ألا تبدو رائعة؟ أما الجانب السلبي بالطبع فهو أن هذا سيعطي شرعية لنظام مراقبة جديد مرعب. فإذا كنت تعلم، على سبيل المثال، أنني ضغطت على رابط "فوكس نيوز" بدلاً من رابط "سي.إن.إن"، يمكن أن يعلمك شيئاً عن آرائي السياسية وربما حتى شخصيتي، ولكن إذا تمكنت من مراقبة ما يحدث لدرجة حرارة جسدي وضغط الدم ومعدل ضربات القلب أثناء مشاهدة مقطع الفيديو، فيُمكنك معرفة ما يجعلني أضحك، وما الذي يجعلني أبكي، وما يغضبني.

من المهم أن نتذكَّر أن الغضب والفرح والملل والحب هي ظواهر بيولوجية مثل الحمى والسعال، ويمكن للتكنولوجيا نفسها التي تحدد السعال أن تحدد الضحكات أيضاً، وإذا بدأت الشركات والحكومات في جمع بياناتنا البيومترية بشكل جماعي، فيمكنها التعرف علينا بشكل أفضل بكثير مما نعرف أنفسنا، ومن ثم لا يمكنهم فقط التنبؤ بمشاعرنا ولكن أيضاً التلاعب بها، وبيعنا أي شيء يريدونه -سواء كان ذلك منتجاً أو أمراً سياسيًّا. ومن شأن المراقبة البيومترية أن تجعل أساليب اختراق "كامبريدج أنالاتيكا" للبيانات تبدو وكأنها من العصر الحجري.

تخيَّل كوريا الشمالية في العام 2030م، عندما يضطر كل مواطن إلى ارتداء سوار البيومترية على مدار 24 ساعة في اليوم. وإذا استمعت إلى خطاب القائد العظيم والتقط السوار علامات الغضب الواضحة، فقد انتهيت. يمكنك، بالطبع، أن تجعل قضية المراقبة البيومترية بمثابة إجراء مؤقت يتم اتخاذه أثناء حالة الطوارئ، وستزول حالما ينتهي السبب، لكن التدابير المؤقتة لها عادة سيئة في تجاوز حالات الطوارئ، خاصة وأنَّ هناك دائماً حالة طوارئ جديدة تكمُن في الأفق، حتى عندما تنخفض الإصابة بفيروس كورونا إلى الصفر، يمكن لبعض الحكومات المتعطشة للبيانات أن تجادل بأنها بحاجة إلى إبقاء أنظمة المراقبة البيومترية لأنها تخشى حدوث موجة ثانية من كورونا، أو لأنَّ هناك سلالة جديدة من فيروس إيبولا تتطور في وسط إفريقيا، أو لسبب آخر. وكانت هناك معركة كبيرة تدور رحاها في السنوات الأخيرة حول خصوصيتنا.

وقد تكون أزمة كورونا هي نقطة التحول في المعركة، فعندما يُتاح للأشخاص الاختيار بين الخصوصية والصحة، فإنهم سيختارون الصحة، شرطة الصابون ومطالبة الناس بالاختيار بين الخصوصية والصحة هو في الواقع أصل المشكلة، لأنه خيار زائف. إذ يمكننا -وينبغي- أن نتمتع بالخصوصية والصحة.

ويُمكننا أن نختار حماية صحتنا ووقف الوباء ليس عن طريق إنشاء أنظمة مراقبة شمولية، ولكن عن طريق تمكين المواطنين، في الأسابيع الأخيرة، نظمت كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة بعض أنجح الجهود المبذولة لاحتواء الفيروس. وفي حين أن هذه البلدان قد استخدمت بعض تطبيقات التتبع، فقد اعتمدت بشكل أكبر على اختبارات مكثفة، وعلى تقارير صادقة، وعلى رغبة في التعاون من أجل كشف الحقائق للجمهور. المراقبة المركزية والعقوبات القاسية ليست الطريقة الوحيدة لجعل الناس يمتثلون للإرشادات المفيدة، فعندما يتم إخبار الناس بالحقائق العلمية، وعندما يثق الناس في السلطات العامة لإخبارهم بهذه الحقائق، يمكن للمواطنين أن يفعلوا الشيء الصحيح حتى بدون أن رقابة أبوية. وعادة ما يكون السكان الذين لديهم دوافع ذاتية ومستنيرين، أكثر قوة وفعالية بكثير من السكان الخاضعين للشرطة والجاهلين. ضع في اعتبارك، على سبيل المثال، غسل يديك بالصابون، فقد كان هذا أحد أعظم التطورات على الإطلاق في نظافة الإنسان، وينقذ هذا الإجراء البسيط ملايين الأرواح كل عام، بينما نعتبره أمراً مسلماً به، اكتشف العلماء فقط أهمية غسل اليدين بالصابون في القرن التاسع عشر.

وفي السابق، حتى الأطباء والممرضات انتقلوا من عملية جراحية إلى أخرى دون غسل أيديهم. أما اليوم يغسل مليارات الأشخاص أيديهم يوميًّا، ليس لأنهم يخافون من شرطة الصابون، ولكن لأنهم يفهمون الحقائق.

أغسل يدي بالصابون لأنني سمعت عن الفيروسات والبكتيريا، أفهم أن هذه الكائنات الدقيقة تسبب الأمراض، وأنا أعلم أن الصابون يمكن أن يزيلها. الثقة بالعلم ولكن لتحقيق مثل هذا المستوى من الامتثال والتعاون، فأنت بحاجة إلى الثقة. ويحتاج الناس إلى الثقة بالعلم، والثقة بالسلطات العامة، والثقة بوسائل الإعلام. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، قوض السياسيون غير المسؤولين عمداً الثقة في العلوم والسلطات العامة ووسائل الإعلام، والآن قد يميل هؤلاء السياسيون غير المسؤولين إلى السير في الطريق السريع نحو الاستبداد، بحجة أنه لا يمكنك الوثوق في الجمهور لفعل الشيء الصحيح. وبصورة طبيعية، لا يمكن إعادة الثقة التي تآكلت لسنوات بين عشية وضحاها، ولكن هذه ليست أجواء عادية.

ففي لحظة الأزمة، يمكن للعقول أيضاً أن تتغير بسرعة، كما يمكن أن يكون لديك نقاشات مريرة مع أشقائك لسنوات، ولكن عندما تحدث بعض حالات الطوارئ، تكتشف فجأة خزاناً خفياً من الثقة والود، وتسرعان في مساعدة بعضكما البعض.

إنَّ كلاً من الوباء نفسه والأزمة الاقتصادية الناتجة عنه مشكلتان عالميتان. لا يمكن حلها بشكل فعال إلا من خلال التعاون الدولي. أولاً وقبل كل شيء، من أجل هزيمة الفيروس، نحتاج إلى مشاركة المعلومات عالميًّا، وهذه هي الميزة الكبرى للبشر مقارنة بالفيروسات. إذ لا يمكن لفيروس كورونا في الصين ونظيره في الولايات المتحدة تبادل النصائح حول كيفية إصابة البشر، ولكن يمكن للصين أن تعلم الولايات المتحدة العديد من الدروس القيمة حول الفيروس وكيفية التعامل معه، وما يكتشفه طبيب إيطالي في ميلانو في الصباح الباكر قد ينقذ الأرواح في طهران في المساء، كما أنه عندما تتردد حكومة بريطانيا بين العديد من السياسات، يمكنها الحصول على المشورة من الكوريين الذين واجهوا بالفعل معضلة مماثلة قبل شهر، ولكن لكي يحدث هذا، نحتاج إلى روح من التعاون والثقة بين دول العالم. يجب أن تكون البلدان على استعداد لتبادل المعلومات بشكل مفتوح وبتواضع للحصول على المشورة، ويجب أن تكون قادرة على الثقة في البيانات والأفكار التي تتلقاها.

ونحتاج أيضاً إلى جهد عالمي لإنتاج وتوزيع المعدات الطبية، وعلى الأخص مجموعات الاختبار وأجهزة التنفس. فبدلاً من محاولة كل دولة القيام بذلك محلياً، وتكديس أي معدات يمكنها الحصول عليها، يمكن لجهد عالمي منسق أن يسرع الإنتاج إلى حد كبير، ويضمن توزيع معدات إنقاذ الحياة بشكل أكثر عدالة. مثلما تقوم الدول بتأميم الصناعات الرئيسية خلال الحرب؛ فقد تتطلب منا الحرب البشرية ضد كورونا "إضفاء الطابع الإنساني" على خطوط الإنتاج الرئيسية.

ويجب أن تكون الدولة الغنية التي لديها عدد قليل من حالات الإصابة بفيروس كورونا على استعداد لإرسال معدات باهظة إلى بلد فقير يعاني من العديد من الحالات، وأن تكون على ثقة من أنها عندما تحتاج إلى المساعدة لاحقاً، فستأتي الدول الأخرى لمساعدتها. قد نفكِّر في جهد عالمي مماثل لتجميع العاملين في المجال الطبي؛ إذ يُمكن للبلدان الأقل تأثراً في الوقت الحالي أن ترسل موظفين طبيين إلى المناطق الأكثر تضرراً في العالم؛ من أجل مساعدتهم وقت حاجتهم، وكذلك يمكن أن تتدفق المساعدات في الاتجاه المعاكس إذا اقتضت الضرورة. وهناك حاجة ماسة للتعاون العالمي على الصعيد الاقتصادي أيضاً؛ فبالنظر للطبيعة العالمية للاقتصاد وسلاسل التوريد، فإنه إذا قامت كل حكومة بعملها في منأى عن الحكومات الأخرى، فستكون النتيجة فوضى وأزمة عميقة. ونحن بحاجة إلى خطة عمل عالمية بسرعة. اتفاقية عالمية هناك حاجة أخرى للتوصل إلى اتفاق عالمي بشأن السفر؛ إذ إنَّ تعليق جميع الرحلات الدولية لأشهر سيتسبب في صعوبات هائلة، ويعرقل الحرب ضد الفيروس. وتحتاج الدول إلى التعاون من أجل السماح لعدد قليل على الأقل من المسافرين الأساسيين بمواصلة عبور الحدود: العلماء والأطباء والصحفيين والسياسيين ورجال الأعمال. ويمكن القيام بذلك من خلال التوصل إلى اتفاقية عالمية بشأن الفحص المسبق للمسافرين من قبل بلدهم؛ فإذا كنت تعلم أنه لا يُسمح إلا للمسافرين الذين تم فحصهم بعناية على متن طائرة، فستكون أكثر استعداداً لقبولهم في بلدك. ولسوء الحظ، فإنه البلدان الحالية لا تفعل أي من هذه الأشياء. لقد أصاب الشلل الجماعي المجتمع الدولي، ويبدو أنه لا يوجد عقلاء. وكان يُتوقع أن يُرى قبل أسابيع اجتماع طارئ للقادة العالميين للتوصل إلى خطة عمل مشتركة، وتمكن قادة مجموعة السبع من تنظيم مؤتمر بالفيديو هذا الأسبوع فقط، ولم يسفر عن أي خطة من هذا القبيل. في الأزمات العالمية السابقة - مثل الأزمة المالية لعام 2008 ووباء إيبولا 2014 - تولت الولايات المتحدة دور القائد العالمي. لكن الإدارة الأمريكية الحالية تخلت عن منصب القائد، فقد أوضحت أنها تهتم بعظمة أميركا أكثر من اهتمامها بمستقبل البشرية. لقد تخلت هذه الإدارة حتى عن أقرب حلفائها عندما حظرت جميع رحلات السفر من الاتحاد الأوروبي، ولم تكلف نفسها عناء إعطاء الاتحاد الأوروبي إشعارًا مسبقاً - ناهيك عن التشاور مع الاتحاد الأوروبي حول هذا الإجراء الهام. لقد قامت بإيذاء ألمانيا من خلال تقديمها مليار دولار إلى شركة أدوية ألمانية لشراء حقوق احتكار لقاح جديد لفيروس كورونا.

وحتى إذا قامتْ الإدارة الحالية في نهاية المطاف بتغيير مسارها ووضعت خطة عمل عالمية، فإنَّ القليل سيتبع قائداً لا يتحمل المسؤولية مطلقاً، ولا يعترف أبداً بالأخطاء، والذي يأخذ كل الفضل بشكل روتيني لنفسه ويترك كل اللوم للآخرين. إذا لم يتم ملء الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة من قبل دول أخرى، فسيكون من الأصعب إيقاف الوباء الحالي، وسيستمر تأثير ذلك ليسمم العلاقات الدولية لسنوات قادمة. ومع ذلك، فإنَّ كل أزمة هي فرصة أيضاً. يجب أن نأمل أن يساعد الوباء الحالي البشرية على إدراك الخطر الحاد الذي يشكله الانقسام العالمي. تحتاج البشرية إلى الاختيار. هل نسير في طريق الانقسام، أم سنتبنى طريق التضامن العالمي؟ إذا اخترنا الانقسام، فلن يؤدي ذلك إلى إطالة أمد الأزمة فحسب، بل سيؤدي على الأرجح إلى كوارث أسوأ في المستقبل. وإذا اخترنا التضامن العالمي، فسيكون هذا النصر ليس فقط ضد كورونا، ولكن ضد جميع الأوبئة والأزمات المستقبلية التي قد تهاجم البشرية في القرن الحادي والعشرين.

تعليق عبر الفيس بوك