"ما حدث في تلك الغرفة".. فضائح سياسية تعكس جهل الرئيس الأمريكي ونزعته "الديكتاتورية"

ترجمة- رنا عبدالحكيم

خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نشرت قائمة طويلة من الكتب، لكن أحدث كتاب بقلم مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، جذب مزيدًا من الأضواء، نظرًا لوضع المؤلف الرفيع داخل الإدارة الأمريكية وطبيعة إدعاءاته التي أوردها في الكتاب.

وكتاب "ما حدث في تلك الغرفة The Room Where It Happened" يصور رئيس الولايات المتحدة على أنَّه يجهل الحقائق الجيوسياسية الأساسية، وأن قراراته السياسية مدفوعة في الغالب بالرغبة في إعادة انتخابه لا لمصلحة وطنية.

ويسعى البيت الأبيض لإيقاف إصدار الكتاب بطرق قضائية، بينما صدر حكم من قاضي فيدرالي أمس يرفض طلب الإدارة الأمريكية بمنع نشر الكتاب. ومع ذلك استبقت وسائل الإعلام الأمريكية الكشف عن بعض تفاصيل الكتاب. من جانبه رصد موقع هيئة الإذاعة البريطانية "BBC" أبرز مضامين الكتاب، كما أعده الموقع في نسخته الإنجليزية.

مساعدة الصين

في الكتاب، يصف بولتون لقاءً بين الرئيس ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ في اجتماع مجموعة العشرين في اليابان العام الماضي. وكتب بولتون يقول إنَّ الرئيس الأمريكي "بشكل مذهل، حول مجريات المحادثة إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر، ملمحًا إلى القدرة الاقتصادية للصين، مستجدياً الرئيس شي لضمان فوزه". وشدد ترامب في هذه المقابلة على الدور المهم للمزارعين وزيادة المشتريات الصينية من فول الصويا والقمح الأمريكيين، في نتائج الانتخابات.

وتحدث ترامب كذلك إلى شي وأخبره أنَّ بناء معسكرات الاعتقال هو "الإجراء الصحيح الذي يتعين القيام به"، في إشارة إلى رأي ترامب بخصوص معسكرات الاعتقال لأقلية الأويغور المُسلمة في الصين. وجلبت معاملة الصين للأويغور والأقليات العرقية الأخرى إدانات دولية، حيث يعتقد أنَّ حوالي مليون شخص محتجزون في مخيمات في منطقة شينجيانغ. لكن في كتاب بولتون، عندما دافع شي عن بناء المعسكرات، أبدى الرئيس الأمريكي موافقته على تصرفات الصين.

وكتب بولتون يقول: "وفقًا لمترجمنا، قال ترامب، إنِّه يجب على شي المضي قدمًا في بناء المعسكرات، وهو ما اعتقد ترامب أنَّه القرار الصحيح الذي يتعين القيام به".

"خدمات شخصية للديكتاتوريين"

وكتب بولتون في كتابه أن ترامب كان على استعداد للتدخل في التحقيقات الجنائية "لتقديم خدمات شخصية للديكتاتوريين الذين يحبهم بحق". فوفقًا للكتاب، عرض ترامب المساعدة على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 2018، للتحقيق مع شركة تركية بسبب انتهاكات مُحتملة للعقوبات الإيرانية.

وفي الكتاب، يدعم بولتون إدعاءات الديمقراطيين بأنَّ الرئيس ترامب أراد حجب المساعدة العسكرية عن أوكرانيا للضغط على حكومتها للتحقيق مع منافسه الديمقراطي جو بايدن. وكان هذا الادعاء قد عزز جهود مساءلة ترامب في الكونجرس تمهيدا لعزله.

ومع ذلك، ينتقد بولتون الديمقراطيين في كتابه، قائلاً إنِّهم "أساؤوا التصرف" فيما يتعلق بالعزل، من خلال التركيز فقط على قضية أوكرانيا. وجادل بأنَّه لو أنَّ الديمقراطيين وسعوا التحقيق، لكان من الممكن إقناع المزيد من الأمريكيين بأنَّ الرئيس ترامب ارتكب "الجرائم الكبرى والجنح" اللازمة لإقالته من منصبه.

ويقول بولتون في كتابه إنَّ ترامب أخبر زعيم الصين أن الأمريكيين حريصون على إجراء تعديل في الدستور لكي يبقى أكثر من فترتين رئاسيتين. ويذكر بولتون في الكتاب: "جاءت إحدى النقاط البارزة عندما قال شي إنِّه يُريد العمل مع ترامب لمدة ست سنوات أخرى، وأجاب ترامب أن الشعب الأمريكي يؤيدون إلغاء الحد الدستوري بفترتين رئاسيتين له"، حسبما نشرت وول ستريت جورنال.

المملكة المتحدة نووية؟!

وأظهر الكتاب مقتطفًا من اجتماع عام 2018 مع رئيسة الوزراء البريطانية آنذاك تيريزا ماي حيث أشار مسؤول خلال المُقابلة إلى بريطانيا على أنها قوة نووية، ليأتي تعليق ترامب في هذه اللحظة قائلاً: "فعلاً! هل أنتم قوة نووية؟". وقال بولتون إنَّ تعليق ترامب "لم يكن بقصد المزاح"، إذ إنِّه يجهل بالفعل أنها دولة نووية.

ويقول بولتون إنَّ هناك فجوات معرفية أخرى في ثقافة الرئيس ترامب. فقبل اجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي، قيل إنِّه سأل عمَّا إذا كانت فنلندا تتبع الاتحاد الروسي، أو أنَّها "تدور في فلكه".

ووفقاً لبولتون، لم تكن الإحاطات الاستخباراتية "مفيدة للغاية" لأنه خلال معظمها "تحدث بإسهاب أكثر من المذكرات، في كثير من الأحيان حول مسائل لا علاقة لها بالموضوعات المطروحة".

والرئيس ترامب منتقد دائم لحلف شمال الأطلسي "ناتو"، داعياً الدول الأعضاء الأخرى إلى زيادة إنفاقهم على الحلف. لكن بولتون يقول إنِّه في قمة الناتو لعام 2018، قرر ترامب الانسحاب، وقال الرئيس، وفقاً لبولتون: "سننسحب، ولن ندافع عن أولئك الذين لم يدفعوا".

فنزويلا، استحوذت هي الأخرى على جانب من الكتاب، إذ إنِّها واحدة من أكبر مشاكل السياسة الخارجية لإدارة ترامب، وتعارض الولايات المتحدة بشدة رئيسها نيكولاس مادورو. وفي مناقشات حول فنزويلا، قال ترامب إنه سيكون "من الرائع" غزو فنزويلا، وأن فنزويلا التي تقع في أمريكا الجنوبية "هي حقًا جزء من الولايات المُتحدة".

ويحتوي كتاب بولتون على أمثلة مُتعددة لمسؤولين بالبيت الأبيض يسخرون من الرئيس ترامب. ويصف بولتون البيت الأبيض، بأنَّه كان أشبه بـ"معارك الأكل" بدلاً من اعتباره مقرًا لصنع السياسات.

تعليق عبر الفيس بوك