خبراء يؤكدون أن الوباء يظهر مجددا بأداء ضعيف ودون وفيات

"تايم": لا داعي للقلق من التفشي الجديد لـ"كورونا".. والفيروس سيلازم البشرية

ترجمة - رنا عبدالحكيم

مَع تَواتُر الأنباء عن تفشٍّ جديد لفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، في أحد أسواق العاصمة الصينية بكين، غرقت العاصمة الصينية مُجدَّدا فيما يسميه المسؤولون "وضع الحرب"، حسبما نشرت مجلة تايم الأمريكية.

وظهرتْ 106 حالات جديدة في جميع أركان سوق شينفادي لبيع المواد الغذائية بالجملة في منطقة فنغتاى بجنوب غرب بكين؛ وذلك بعد 56 يومًا دون تسجيل أي إصابات جديدة. وتمَّ نشر حوالي 100 ألف عامل من عمال مكافحة الأوبئة، وتم فرض الإغلاق التام على ما لا يقل عن 29 مقاطعة، كما تم إغلاق المدارس والمرافق الرياضية، وإقالة العديد من المسؤولين.

وقال وو زونيو كبير علماء الأوبئة بالمركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها: إن "بكين تواجه تفشيا مركَّزا". ومن المقرر إجراء اختبار لحوالي 90 ألف شخص في "ساحة المعركة" بجوار السوق. وقد يكون التفشي الجديد -الذي ظهر لأول مرة في 11 يونيو- آخذا في التراجع بالفعل، بعد أن بلغ ذروته مع 36 حالة جديدة تم الإبلاغ عنها يومي 13 و14 يونيو، ثم انخفض هذا العدد إلى 27 يوم الإثنين، رغم الإبلاغ عن أربع حالات في مقاطعة خبي المجاورة وحالة أخرى في سيتشوان.

وقلق الصين أمر مفهوم، إذ إن سوق شينفادي هو الأكبر من نوعه في قارة آسيا؛ حيث يمتد على مساحة 112 هكتارًا ويوفر 80% من المنتجات الزراعية في بكين، إضافة إلى المواد الغذائية للمقاطعات الشمالية الأخرى المكتظة بالسكان. وتخشى الحكومة الصينية من تسبب آلاف البائعين والعاملين بالسوق في حمل ونقل الفيروس التاجي.

وترى مجلة "تايم" في تقريرها أنَّ الحزب الشيوعي الصيني الحاكم لن يتهاون مع أي تفشٍ جديد للمرض، خاصة بعدما عزَّز رصيده السياسي الداخلي من خلال إعلان "النصر" على الفيروس، بينما كان الغرب -خاصة الولايات المتحدة- لا يزال يعاني من شدة الإصابات. وقال الرئيس الصيني شي جين بينج في فبراير: إن "سلامة واستقرار" بكين "تتعلق بشكل مباشر بالتوقعات الأوسع للحزب والدولة".

وقال الدكتور يانتشونج هوانج خبير الصحة العامة في مجلس العلاقات الخارجية في مدينة نيويورك: "إن الحزب الحاكم يريد إرسال إشارة قوية للغاية إلى المسؤولين الحكوميين المحليين بأن الأولوية القصوى هي التأكد من عدم وجود حالات جديدة أو وفيات جديدة".

وفرضت السلطات المحلية في أجزاء عدة من الصين الحجر الصحي على الزوار من بكين، وحذرت السكان من السفر غير الضروري إلى العاصمة. وأدت التقارير التي تفيد بأن مجموعة من سمك السلمون النرويجي المستورد ربما كانت مصدر تفشي المرض، إلى التخلص من الأسماك من المحالات التجارية في جميع أنحاء البلاد، وفحص جميع المواد الغذائية المستوردة.

وصرح يانج بنج عضو مجموعة الوقاية من تفشي الالتهاب الرئوي في مركز بكين لمكافحة الأمراض، لهيئة الإذاعة والتليفزيون الصينية التي تديرها الدولة بالقول: إنَّ "التقييم الأوَّلي يشير إلى أن التفشي متعلق بالواردات... قد تكون ملوثة من المأكولات البحرية أو اللحوم".

وتم الإبلاغ عن حالات تفشٍّ جديدة للفيروس التاجي، بينما تخفف دول العالم الإجراءات الاحترازية، حتى تلك الدول التي تصرفت بسرعة وحزم في المراحل الأولى من الوباء. وعلى الرغم من استجابة كوريا الجنوبية لتفشي "كوفيد 19" التي حظيت بالثناء على نطاق واسع، إلا أنها شهدت ارتفاعًا كبيرًا في الحالات قرب ملهى ليلي في سيول خلال مايو. وفي أستراليا، أظهرت نتائج الاختبارات إيجابية الحالات في مايو أيضا، لنحو 71 شخصًا، على صلة بمركز ملبورن لتجهيز اللحوم. ويوم الثلاثاء، أنهت نيوزيلندا 24 يومًا دون تسجيل إصابات جديدة، وذلك بعد الإبلاغ عن إصابتين جديدتين لمسافرين عائدين من المملكة المتحدة.

وثمة مخاطر إضافية مرتبطة بكون الصين الدولة التجارية الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم. ويتوقع البروفيسور بن كاولينج رئيس قسم الأوبئة والإحصاء الحيوي في جامعة هونج كونج المزيد من تفشي المرض في المدن الكبرى الأخرى في الصين خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة. وقال: "يبدو أن الحكومة الصينية ستتصرف بصرامة لوقف الانتشار، لكن هذا سيكون له آثار أخرى". وأضاف: "سيكون هذا مدمرا للأعمال التجارية إذا اضطرت المصانع التي بدأت في الوقوف على قدميها إلى الإغلاق مجددًا".

وترى المجلة في تقريرها أن إصرار الحكومة الصينية على وصف هذا المرض بأنه عدوى مستوردة -إذ يبدو أن جينوم الفيروس الجديد أقرب إلى السلالات الأوروبية من تلك التي اكتشفت لأول مرة في ووهان- يعزز التصور بأن السلع المستوردة غير آمنة.

وأوضح هوانج أن حالات الشفاء القليلة وعدم تسجيل حالات وفاة، مؤشرات على أن هذا التفشي الأخير قد لا يكون واسع النطاق. وقال إن السياسة الصحيحة الآن هي تعلم التعايش مع الفيروس والاعتراف بأن التفشي على نطاق صغير أمر لا مفر منه. وقال: "على الحكومة أن تتعلم الموازنة بين الصحة العامة والاستعداد للتعافي الاقتصادي والاجتماعي".

تعليق عبر الفيس بوك