التعلق المرضي.. الوقاية والعلاج

 

د. آيات الجارحي **

** عضو الرابطة الأوروبية لعلماء الانثروبولوجيا

 

عندما يجد الإنسان نفسه غير قادر على العيش في الحياة بدون أشخاص بعينهم، ويصبح هذا الشخص غير قادر على مواكبة حياته بكل مشتملاتها بدون هؤلاء الافراد، فيتحول هذا الوضع إلى مرض نفسي يطلق عليه العلماء "التعلق المرضي"، وهو التعلق بأحد الأشخاص بشدة من الناحية العاطفية.

ولا يتوافر في هذه العلاقة أية روابط مشتركة، ويصل الأمر بالإنسان إلى صنع حاجز نفسي وهمي بينه وبين الآخرين بسبب هذا المرض.

ومن أشهر أعراض التعلق المرضي، أن يرى الشخص أنه غير قادر عن الاستغناء عن أشخاص بعينهم، ويرى نفسه دائما في أشد الاحتياج لهم، كما أنه يوهم نفسه باللجوء إلى الحبيب على أنه السند والحل الوحيد، وكذلك تجد هذا الشخص يخشى دائما أن يترك الآخرين على الرغم من الجوانب السلبية التى يقومون بتصديرها له، وتجده دائما بعيدا عن الاهتمام بنفسه، ويفتقد لتوجيه الآخرين، كما أنه يعتاد على إلقاء الأخطاء على غيره وبالأخص الشريك.

أما فيما يخص أسباب التعلق المرضي، فهناك سوء التنشئة الاجتماعية نتيجة لخلافات بين الأبوين، والتى يكون انعكاساتها النفسية كبيرة، خاصة أنها تبدأ معه منذ الصغر، فيفتقد الأبناء العلاقة السليمة بين الأبوين، مما يجعل الأبناء دائمي اللجوء لشخص آخر يشعرهم بالحب والحنان، إضافة إلى تهميش دور الأبناء في الحياة الأسرية، وانعكاس ذلك على نفسيتهم، التي بدورها تنعكس على أصدقائهم، فيؤدي ذلك إلى تهميشهم من قبل الأصدقاء.

ومن أسباب "التعلق المرضي" أيضا بعض اضطرابات الشخصية؛ مثل الشخصية الاعتمادية التي تحتاج إلى أشخاص يوجهونها، وكذلك الشخصية النرجسية التى تفضل الشعور بأن الغير في إحتياج دائم لها.

ومن أخطر الأمور التي تترتب على إصابة الفرد بالتعلق المرضي، أن يلجأ إلى إدمان المخدرات وشرب الكحوليات، من أجل إشباع الرغبة في التعلق بشيء معين، كذلك اللجوء لأشخاص غير جديرين بالثقة والتعلق بهم.

ويجب أن نوضح أن هناك عدة طرق لتجنب التعلق المرضي والتعافي منه، ومن أهمها ممارسة الأنشطة التى تجعل الفرد قادرا على تقدير ذاته والشعور بالأنا الطبيعية، إلى جانب الإفصاح أمام المحيطين باحتياجاته واهتماماته، وعدم السماح لأحد بالتقليل من شأنه، ومصارحة الآخرين بالمشاعر المتبادلة، علاوة على اللجوء إلى الطبيب النفسي واتباع العلاج السلوكي المعرفي.

تعليق عبر الفيس بوك