التوجيهات السامية والمراسيم السلطانية بداية قوية لمعالجة التحديات الاقتصادية

"ذي أتلانتك": جلالة السلطان يطلق ضربة البداية في خطط إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة

◄ خفض ميزانيات الوزارات يترجم الحرص السامي على تعزيز الانضباط المالي

◄ التوجيهات والمراسيم السامية الأخيرة تهدف لبناء منظومة إدارية جديدة أكثر كفاءة

◄ تطور مرتقب في العلاقات مع دول الخليج والهند

◄ أمريكا والمملكة المتحدة لا تزالان شريكين أصيلين لعُمان

 

ترجمة - رنا عبدالحكيم

أكَّد مارك جي سيفرز السفير الأمريكي السابق لدى السلطنة، أنَّ مجموعة التوجيهات السامية والمراسيم السلطانية التي أصدرها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مؤخرا تُمثل بداية قوية لجهود مواجهة التحديات الاقتصادية ومعالجتها؛ الأمر الذي يستدعي إبراز تلك الجهود الحثيثة ودعمها.

وقال سيفرز -في مقالة نشرها موقع المجلس الأطلسي "ذي أتلانتيك"- إنَّ جلالة السلطان تولى حكم البلاد عقب رحيل السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- في مشهد عكس وحدة وتلاحم العائلة المالكة والشعب العماني، ومثَّل ذلك ترجمة واضحة للانتقال السلس للسلطة في عُمان؛ مما عزز التوقعات بتحقيق نمو اقتصادي سريع، بفضل التعهُّد السامي من لدن جلالة السلطان المعظم -أيده الله- بدعم نمو القطاع الخاص. وأوضح سيفرز -في مقالته- أنَّ مُجتمع الأعمال يتطلع لبيئة استثمارية مواتية، والتي من شأنها أن تُعزِّز تسارع النمو وتُسهم في توفير الوظائف، في ظلِّ تصاعد الدين العام للدولة خلال السنوات الأربع الماضية.

وأبرز المقال الاهتمام السامي لجلالة السلطان بالتنمية الاقتصادية؛ حيث إنَّ جلالته قبل توليه مقاليد الحكم، ترأس وأشرف على إعداد الرؤية المستقبلية "عُمان 2040"، والتي تعد برنامج الإصلاح الاقتصادي في السلطنة؛ الأمر الذي يدعم جهود جلالته في دفع النمو الاقتصادي إلى الأمام. وأشار سيفرز إلى تعهد جلالته في خطابه الأول للمواطنين بأن يتخذ كل الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، من أجل تحقيق الحكم الرشيد وتعزيز النزاهة والمساءلة. وقال سيفرز إن ذلك الخطاب السامي أثار إعجاب الجميع. لكنه أشار إلى أنه بعد نحو 3 أسابيع من الخطاب، واجهت الحكومة أزمة مزدوجة نتيجة لتفشي وباء كورونا وتراجع أسعار النفط، لكن جلالة السلطان تعامل مع الأزمة بسرعة وحكمة، فأمر بتشكيل لجنة عليا لمواجهة الوباء. ورصد المقال الإجراءات التي أعلنتها السلطنة لمواجهة هذا الفيروس؛ ومنها: إغلاق معظم القطاعات، وحث الأفراد على البقاء في المنزل، وتعزيز التدابير الاحترازية، ثم عودة موظفي الحكومة في نهاية مايو، والرفع التدريجي للقيود التي فرضتها الجائحة، مع استمرار وقف حركة الطيران، باستثناء رحلات الشحن الجوي ورحلات أخرى لإعادة العمال الأجانب إلى أوطانهم، فضلا عن عودة العمانيين من دول أخرى.

وأشاد السفير الأمريكي السابق -في مقاله- بقرارات خفض ميزانيات الوزارات الحكومية بنسبة 10%، وقال إن ذلك التوجه يعكس عزم جلالة السلطان على خفض الإنفاق وتعزيز الانضباط المالي.

واعتبر سيفرز أن تاريخ 3 يونيو، هو البداية الحقيقية لتنفيذ التعهد السامي بإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة؛ حيث أصدر جلالته في ذلك اليوم مراسيم سلطانية تضمنت إنشاء المكتب الخاص للإشراف على عمل الوزارات المدنية، يتبع جلالة السلطان مباشرة، وتعيين معالي الدكتور حمد بن سعيد العوفي وزير الزراعة والثروة السمكية، رئيسا لهذا المكتب، مشيرا في هذا السياق إلى أن العوفي ترأس سابقا لجنة الأولويات الوطنية ومواءمة الإستراتيجيات في "رؤية 2040". كما أصدر جلالة السلطان مرسوما بإنشاء جهاز الاستثمار العماني، بهدف تنسيق عمليات جميع الشركات الحكومية، باستثناء شركة تنمية نفط عمان. وأوضح سيفرز في مقاله أن جهاز الاستثمار العماني سيدير عمليات صناديق الثروة السيادية، مرجحا أن يتم إعادة توجيه الاستثمارات نحو الداخل بدلاً من الخارج، كما كانت الحال سابقًا.

ولفت سيفرز إلى أن إنشاء هذه المؤسسات الجديدة تزامن مع التوجيهات السامية الصادرة في نهاية مايو إلى جميع الجهات الحكومية بإنهاء عقود 70% على الأقل من الخبراء والمستشارين الأجانب بنهاية العام الجاري، مع إحالة ما لا يقل عن 70% من الخبراء والمستشارين العمانيين الذين قضوا 25 سنة أو أكثر في وظائفهم إلى التقاعد، وأيضا إحالة 70% على الأقل من موظفي الحكومة ممن أمضوا 30 سنة أو أكثر في وظائفهم إلى التقاعد.

ويرى سيفرز أنَّ هذه الإجراءات تهدف لبناء منظومة إدارية جديدة أكثر كفاءة تسعى لـ"الحكم الرشيد والنزاهة والمساءلة" كما تعهَّد جلالته في خطابه السامي. وقال سيفرز: "لا شك أن جلالة السلطان يضع في عين الاعتبار الحاجة الملحة لخلق المزيد من فرص العمل للشباب، وتشجيع جيل جديد من رجال الأعمال الموهوبين في التكنولوجيا، لذا يجب أن نتوقع بذل جهود أكبر لخفض النفقات الحكومية وزيادة الاعتماد على القطاع الخاص في تنويع الاقتصاد، مع التركيز على زيادة الإيرادات".

وتطرَّق سيفرز في مقاله إلى العلاقات الجيدة لعُمان مع دول الخليج، وقال إنَّ المحافظة على طبيعة هذه العلاقات تُمثل جانبا مهما في السياسة الخارجية لعمان، تحت قيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم. وأشار إلى العلاقات العمانية-الإماراتية، وقال إن الإمارات هي الشريك التجاري الأول للسلطنة، وترتبط الدولتين علاقات تاريخية وتجارية، وروابط صهر ونسب، لكن السنوات الأخيرة، شهدت توترات على خلفية قضايا إقليمية؛ منها: الحرب في اليمن، وإيران، وبعض الإشكاليات الأخرى. وقال سيفرز إن الفترة المقبلة ستشهد مدى تطور العلاقات بين عُمان والإمارات ودول الخليج عامة، لكن في الوقت نفسه، يرى أن جلالة السلطان سيواصل الاحتفاظ بالعلاقات الوطيدة مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، باعتبارهما شريكين أصيلين لعمان، علاوة على العلاقات الوثيقة المتزايدة مع الهند.

ويختتم سيفرز مقاله بالإشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل دعمها لعمان لتعزيز استقرارها وازدهارها.

تعليق عبر الفيس بوك