الدعم غير المباشر من "الفيدرالي" أنقذ سوق الائتمان

"فورين بوليسي": انتعاشة "وول ستريت" مُخيفة.. و"القلة المستفيدة" تعمق المخاطر

ترجمة - رنا عبدالحكيم

رَصَدتْ مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، منحنى شديدَ التباين في التداعيات الاقتصادية لجائحة "كوفيد 19"، ففي الوقت الذي يحصر فيه الوباء ملايين العمال في ثلاث دوائر رئيسة؛ إمَّا مُضطربين أو مفصُولين أو مُحَاصرين، مع قتامة في مشهد المستقبل بالنسبة لمعظم الشركات، تقترب مؤشرات الأسهم الأمريكية من أعلى مستوياتها على الإطلاق.

ويقول ديفيد روزنبرج الرئيس وكبير الاقتصاديين لدى روزنبرج للأبحاث، إنَّ الأمر لا يتعلق بآمال اللقاحات، ولا إعادة فتح الاقتصاد، وبالتأكيد ليس حول الانكماش الاقتصادي العميق الذي ينتهي، بل بالكميات الهائلة من السيولة التي يوفرها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي؛ لذا فإنَّ أسعار الأسهم الحالية لا علاقة لها بالاقتصاد، ولكن كل شيء يتعلق بسيولة الاحتياطي الفيدرالي.

بينما يلفت ديان سونك كبير الاقتصاديين في جرانت ثورنتون -بحسب المجلة- إلى أن أحد أسباب التباين أنَّ قيمة مؤشرات الأسهم الرئيسية يتم تحديدها من قبل عدد أقل من الشركات، وهي أقل -انعكاساً للظروف الاقتصادية العامة- أكثر من أي وقت مضى، وأضاف: يتم وزن المؤشرات بشكل كبير من قبل شركات التكنولوجيا، والعديد منها في وضع أفضل للتغلب على الوباء، بل والاستفادة منه مقارنة بالشركات في الصناعات الأخرى؛ فكلٌّ من الاقتصاد وأرباح الشركات سيكون أصغر بكثير مما كان عليه قبل الوباء  وستظل على هذا النحو وقتا طويلا. وتابع بأنَّ الإجراءات الصارمة التي اتخذها مجلس الاحتياطي الفيدرالي لوقف انهيار سوق الائتمان في مارس تقدِّم بشكل غير مباشر دعمًا لأسعار الأسهم.

محمد العريان كبير المستشارين الاقتصاديين في أليانز والرئيس المعين لكلية كوينز بجامعة كامبريدج، يرى أنَّ فقدان أكثر من 40 مليون أمريكي، أو حوالي ربع القوى العاملة وظائفهم، مع توقعات بأن ينكمش الاقتصاد بنسبة تصل إلى 30 أو 40 % خلال الربع الثاني، هو الصورة الحقيقية للواقع في الولايات المتحدة، وأضاف: إنَّ ما شهدته مؤشرات أسواق الأسهم الرئيسية من انتعاش ملحوظ، هو بسبب اعتماد الأسواق على الاحتياطي الفيدرالي، مشيرًا لمخاطر ذلك بأنه سيؤول لفقدان الاقتصاد الحفاظ على نمو مرتفع أو خلق فرص عمل قوية.

وأوضح العريان أنه "كلما تجاهلتْ الأسواق الأساسيات الاقتصادية والتجارية، واعتمدت على الاحتياطي الفيدرالي، ناضلتْ أكثر لتخصيص الموارد بكفاءة في جميع أنحاء الاقتصاد".. مشيرًا إلى "تآكل الدور الحاسم الذي تلعبه أسعار الأسهم في الإشارة إلى الشركات التي لديها أفضل التوقعات. وهذا يقوض نمو الإنتاجية". وبحسب العريان فإنه "إذا فشل التحقق من أسعار الأصول الحالية من خلال انتعاش اقتصادي حاسم، فإنَّ الرفاهية على المدى الطويل ليست فقط للاقتصاد والأسواق ولكن للمؤسسات والمجتمع أيضًا ستكون في خطر".

ويؤكد آدم بوسين رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، أنَّ المستثمرين العاديين مُحقُّون في تجاهل تقلبات سوق الأسهم. وقال إنهم يجب أن يطلبوا من مسؤوليهم المنتخبين أن يفعلوا نفس الشيء.. فالحركات في أسعار الأسهم الإجمالية لها تأثير مباشر ضئيل على النمو الاقتصادي، ونادراً ما تتوقع التطورات المستقبلية.. وأوضح بوسين أنه إذا ما كان لتحركات سوق الأسهم الواسعة أي معنى، فهي كمقياس لحصة الناتج المحلي الإجمالي تذهب لأرباح مجموعة صغيرة من الشركات المدرجة في البورصة، وقد تبدو وفرة السوق اليوم مخيفة، ولكن ارتفاع أسعار الأسهم يعكس حقيقة أساسية قاتمة.

أما أستاذ التاريخ الاقتصادي المساعد بجامعة جورج واشنطن، ريفور جاكسون، فيرى أنه ومنذ العام 2008، أنتجت سياسات البنك المركزي تضخمًا ولكن فقط في أسعار الأصول، بينما عانى العمال من عقد ضائع من البطالة والأجور الراكدة، وقال: "لم يسبق لهذا الربيع أن فقد الكثير من الناس وظائفهم بهذه السرعة، ولم تتدخل البنوك المركزية من قبل لتوفير الكثير من السيولة للأسواق المالية دون حد واضح".

تعليق عبر الفيس بوك