كيف ينتشر "كورونا"؟ وما الوقت المستغرق للإصابة؟

ترجمة- رنا عبدالحكيم

نشر موقع المنتدى الاقتصادي العالمي مقالا بقلم إرين إس بروماج أستاذ في علم الأحياء بجامعة ماساتشوستس دارتموث الأمريكية، أبرز فيه كيفية انتشار الجراثيم، إضافة إلى الأماكن التي من المحتمل أن يصاب بها الشخص بفيروس كورونا.

وذكر فيه أن بيانات قوية عن تفشي مرض كوفيد-19 في الصين وإيطاليا، تظهر أن منحنى الوفيات ينخفض ​​ببطء، مع استمرار الوفيات لأشهر. وبافتراض أننا قد وصلنا للتو حالة الوفاة رقم 70 ألفًا، فمن الممكن أن نفقد 70 ألف شخص آخرين خلال الأسابيع الستة المقبلة عندما نصل إلى تلك الذروة.

وهناك عدد قليل جدًا من الدول التي أظهرت انخفاضًا مستدامًا في عدد الإصابات الجديدة. وأشار الكاتب إلى الوضع الوبائي في الولايات المتحدة الأمريكية، فإحصاءات نيويورك تسلط الضوء على بقية الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تتزايد أعداد الحالات اليومية. والسبب الوحيد الذي يجعل إجمالي أرقام الحالات الجديدة في أمريكا يبدو مسطحًا هو أن تفشي الوباء في مدينة نيويورك كان كبيرًا جدًا والآن يتم احتوائه.

وسواء اتفقنا او اختلفنا، فالولايات المتحدة تواجه خطرا كبيرا الآن جراء إعادة فتح الاقتصاد، وهدف هذا المقال يتمثل في إرشاد القارئ وتنبيهه للبعد عن الأماكن والمواقف الخطيرة.

أين يصاب الأشخاص بالمرض؟

معظم الأشخاص يصابون في منازلهم، إذ يصاب أحد أفراد الأسرة بالفيروس في المجتمع ثم يدخل به إلى المنزل؛ حيث يؤدي الاتصال المستمر بين أفراد الأسرة إلى الإصابة.

ولكن أين يصاب الأشخاص بالعدوى في المجتمع؟

أسمع بانتظام أشخاصًا قلقين بشأن متاجر البقالة وركوب الدراجات والمشاة في الشوارع غير المرغوب فيهم الذين لا يرتدون كمامات، فهل هذه الأماكن مثيرة للقلق؟ حسنًا، ليس حقًا.

من أجل الإصابة، تحتاج إلى التعرض لجرعة معدية من الفيروس استنادا إلى دراسات الجرعات المعدية مع الفيروسات التاجية الأخرى، يبدو أنه قد تكون هناك حاجة فقط لجرعات صغيرة حتى تنتشر العدوى. ويقدر بعض الخبراء أن ما لا يقل عن 1000 من الجسيمات الفيروسية المعدية لكوفيد-19 كافية للإصابة، لكن هذا الأمر لا يزال بحاجة إلى نتائج تجريبية حاسمة. ويمكن استخدام هذا الرقم لتوضيح كيفية حدوث العدوى. إذ يمكن أن تحدث العدوى، من خلال 1000 جسيم فيروسي معدٍ يتلقاها الشخص في نفسٍ واحد أو من فرك عين مرة واحدة، أو 100 جسيم فيروسي يتم استنشاقهم مع كل نفس يزيد عن 10 أنفاس، أو 10 جسيمات فيروسية مع 100 نفس.. كل من هذه المواقف يمكن أن يؤدي إلى عدوى.

ما مقدار الفيروس الذي يتم إطلاقه في البيئة؟

دورات المياه: تحتوي دورات المياه على الكثير من الأسطح عالية اللمس ومقابض الأبواب والحنفيات والأبواب، لذا يمكن أن تكون مخاطر نقل العدوى في هذه البيئة مرتفعة. وما زلنا لا نعرف ما إذا كان براز الشخص المصاب من الممكن أن ينقل العدوى أم لا، وعلينا التعامل مع دورات المياه العامة بحذر إضافي، حتى نعرف المزيد عن طبيعة خطر الفيروس.

السعال: يطلق السعال في المرة الواحدة حوالي 3000 قطرة، بسرعة 50 ميلاً في الساعة. ومعظم القطرات كبيرة الحجم، وتسقط بسرعة (الجاذبية)، لكن الكثير منها يبقى في الهواء ويمكنه البقاء في جو الغرفة لبضع ثوانٍ.

العطس: يتسبب العطس لمرة واحدة في إطلاق حوالي 30,000 قطرة، بسرعة تصل إلى 200 ميل في الساعة. ومعظم القطرات صغيرة وتقطع مسافات كبيرة بسهولة في محيط العطس.

وإذا كان الشخص مصابًا، من المحتمل أن تحتوي قطرات السعال أو العطس على ما يصل إلى 200 مليون من جزيئات فيروسية، يمكن أن تنتشر جميعها في البيئة المحيطة.

التنفس: التنفس في المرة الواحدة يطلق 50- 5000 قطرة، ومعظم هذه القطرات منخفضة السرعة وتسقط على الأرض بسرعة. حتى إن هناك قطرات أقل يتم إفرازها من خلال تنفس الأنف. والأهم من ذلك، بسبب عدم وجود قوة زفير مع التنفس، لا يتم طرد الجسيمات الفيروسية من المناطق التنفسية السفلية.

وعلى عكس العطس والسعال الذي يطلق كميات هائلة من المواد الفيروسية، تحتوي قطرات الجهاز التنفسي- التي يتم إطلاقها عبر التنفس- على مستويات منخفضة من الفيروس فقط.

ولا يوجد رقم خاص بكوفيد-19 حتى الآن، لكن يمكن استخدام الإنفلونزا كدليل؛ إذ أظهرت الدراسات أن الشخص المصاب بالإنفلونزا يمكنه إطلاق ما يصل إلى 33 جزيئا فيروسيا معديا في الدقيقة.

العدوى الناجحة = التعرض للفيروس × الوقت

وإذا قام شخص بالسعال أو العطس، فإن 200,000,000 من الجسيمات الفيروسية تتطاير في كل مكان. وبعض الفيروسات تتعلق في الهواء، وبعضها يقع على الأسطح، ومعظمها يقع على الأرض. لذلك إذا كنت تتحدث وجهًا لوجه مع شخص ما، وتجري محادثة، وهذا الشخص يعطس أو يسعل مباشرة، فمن السهل جدًا معرفة كيف يمكن استنشاق 1000 جزيء فيروسي والإصابة به.

ولكن حتى إذا لم يكن هذا السعال أو العطس موجهًا إليك، فإن أصغر القطرات الحاملة للفيروس يمكن أن تعلق في الهواء لبضع دقائق، وتملأ كل زاوية من غرفة متواضعة الحجم بجزيئات فيروسية معدية. وعند دخول هذه الغرفة، في غضون بضع دقائق من السعال / العطس وأخذ أنفاس قليلة، سيكون الشخص قد تلقى ما يكفي من الفيروسات للإصابة بالعدوى.

ومع التنفس العام، لمدة 20 دقيقة في وجود جسيمات فيروسية في البيئة المحيطة، حتى لو انتهى كل فيروس في رئتيك (وهو أمر مستبعد جدًا) ، ستحتاج إلى 1000 جسيم فيروسي مقسومًا على 20 دقيقة ليساوي 50 دقيقة.

ويزيد التحدث من إفراز قطرات الجهاز التنفسي حوالي 10 أضعاف، أي 200 جزيء فيروسي في الدقيقة. ومع افتراض استنشاق كل فيروس، سيستغرق الأمر حوالي 5 دقائق من التحدث وجهًا لوجه لتلقي الجرعة المسببة للعدوى.

والتعرض للفيروس مضروبا في الوقت هو أساس تتبع الاتصال. ومن المحتمل أن يصاب أي شخص قضي أكثر من 10 دقائق في موقف ما وجها لوجه مع مصاب. ومن المحتمل أن يصاب أي شخص يشارك معك مساحة (على سبيل المثال مكتب) لفترة طويلة. وهذا هو السبب في أنه من المهم للغاية بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الأعراض البقاء في المنزل، فالعطس والسعال يطردان الكثير من الفيروسات بحيث يمكن أن تصيب غرفة كاملة من الاشخاص.

ما هو دور الأشخاص عديمي الأعراض في نشر الفيروس؟

ما لا يقل عن 44% من جميع حالات العدوى- ومعظم حالات انتقال العدوى المجتمعية- تحدث من أشخاص لا تظهر عليهم أي أعراض، ويمكن نشر الفيروس في البيئة المحيطة لمدة تصل إلى 5 أيام قبل أن تبدأ الأعراض.

ويتغير مقدار الفيروس المنطلق من شخص مصاب خلال فترة العدوى ويختلف أيضًا من شخص لآخر. كما إن الحمل الفيروسي يتراكم بشكل عام إلى النقطة التي يصبح فيها الشخص يعاني من الأعراض. لذا قبل ظهور الأعراض مباشرةً، فالشخص المصاب يُطلق معظم الفيروسات في البيئة المحيطة. ومن المثير للاهتمام أن البيانات تظهر أن 20% فقط من الأشخاص المصابين هم المسؤولون عن 99% من الحمل الفيروسي الذي يمكن أن يتم إطلاقه في البيئة.

أين المخاطر الشخصية من إعادة فتح القطاعات؟

إلى جانب التفشي الرهيب في دور رعاية المسنين، فإن أكبر تفشٍ للمرض يحدث في السجون، والاحتفالات الدينية، وأماكن العمل، مثل مرافق تعبئة اللحوم ومراكز الاتصال. وأي بيئة مغلقة، مع ضعف دوران الهواء وكثافة عالية من الناس، تعزز فرص العدوى.

إذن المصادر الرئيسية للعدوى هي المنزل ومكان العمل والنقل العام والتجمعات الاجتماعية والمطاعم. وتلك تمثل 90% من جميع حالات التفشي. وعلى النقيض من ذلك، يبدو أن التفشي جراء التسوق مسؤول عن نسبة صغيرة من العدوى المتتبعة.

وإذا كانت الدول مضطرة لإعادة فتح العمل واستئنافه كالمعتاد، فعلى الأشخاص القيام بدورهم وارتداء الكمامات، لتقليل ما يطلقونه من جسيمات فيروسية في البيئة المحيطة، فمن المؤكد أن ذلك سيساعد الجميع.

تعليق عبر الفيس بوك