30 دولة معظمها في إفريقيا على "حافة المجاعة"

الأسواق الناشئة أمام "تهديد وجودي" بسبب "كورونا".. والأزمة تعمق الفقر

ترجمة - رنا عبدالحكيم

ذَكَر تقريرٌ لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أنَّه من المرجح أن تظل آثار فيروس "كورونا" الأكثر حِدَّة تُلقي بظلالها على الفقراء حول العالم، بينما تئن الأسواق الناشئة من تداعياتها وتواجه تهديدًا وجوديًّا، واحتمالا بانتهاء هذا النوع من النمو المتسارع في البلدان النامية الفقيرة.

وارتفعتْ الإصابات في إفريقيا بمقدار النصف تقريبًا، بغضون أسبوع واحد، الشهر الماضي، كما استمرَّ أعداد المصابين في الهند في الارتفاع. ويحدُث بعض من أسوأ حالات التشفي في العالم في دول مثل البرازيل والإكوادور وتركيا. ومن المحتمل أن تعود بؤرة الوباء مرة أخرى إلى آسيا أو تنتقل إلى أمريكا اللاتينية.

ووراء هذه الطوارئ الصحية العامة، يَكمُن تهديد اقتصادي مدمر. غير أن الخطوات الجريئة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أزالت ما كان من شبه المؤكد أن يكون سلسلة متتالية من الأزمات المالية للأسواق الناشئة في أعقاب هروب رؤوس أموال بنحو 83 مليار دولار في مارس الماضي.

لكنَّ هذا الوباء يهدِّد الآن تحولاً أكثر عُمقاً، يضع كلمة النهاية لفكرة الأسواق الناشئة؛ أي البلدان الفقيرة سريعة النمو القادرة على القيام بخطوات سريعة نحو التنمية، ليصبحوا المفضلين لدى المستثمرين الماليين في هذه العملية.

وحتَّى لو تمكنت تلك الأسواق من تجنب تداعيات الفيروس، فستتضرَّر الدول الفقيرة بشدة من التداعيات الاقتصادية العالمية. وحذر برنامج الأغذية العالمي مؤخرًا من أن أكثر من 30 دولة فقيرة، كثيرٌ منها في إفريقيا، على حافة المجاعة، بينما توقعت لجنة الإنقاذ الدولية ما يصل إلى مليار إصابة في الدول المتأثرة بالصراعات وذات الأنظمة الهشة.

وستكون عملية إدارة الجائحة على المدى الطويل أمرًا مثيرًا للقلق، فالدول الأكثر ثراءً في حيرة الآن بشأن كيفية استئناف النشاط الاقتصادي مع تجنب المزيد من موجات العدوى من خلال الاختبار الشامل وتتبُّع العدوى.

وحتى إذا كان من الممكن تجنب كارثة الصحة العامة بطريقة أو بأخرى، فيجب على الدول النامية الآن أن تتعامل مع اثنين من التحديات الملحة الأخرى: التهديد قصير المدى بالركود والذعر المالي، ثم المشكلة طويلة الأمد المتمثلة في ضعف الأداء الاقتصادي.

وتُشير أحدث توقعات صندوق النقد الدولي (IMF) إلى أنَّ الأسواق الناشئة ستنكمش بنسبة 1% هذا العام. ويبدو هذا أفضل بكثير من الانخفاض بنسبة 6% المتوقع في البلدان الأكثر ثراءً. لكن من شبه المؤكد أنه يخفي المدى الحقيقي للتباطؤ، لأن مجموعة الأسواق الناشئة تضم الصين، التي من المقرر أن يتعافى اقتصادها العملاق بسرعة نسبية. وأولئك الذين يعتمدون على السياحة سيعانون بشدة أيضا. وتبدو الاقتصادات في أمريكا اللاتينية هشة بشكل خاص. وسينخفض الاقتصاد في دول مثل البرازيل وروسيا وجنوب إفريقيا بنسبة 5% أو أكثر. ولا يزال من المحتمل أن تكون الأرقام الضعيفة في حالة انتشار التفشي، والتي بدورها من المحتمل أن تقوض توقعات أكثر تفاؤلاً لعام 2021 من هيئات مثل صندوق النقد الدولي.

والأسوأ من ذلك، أنه لا توجد أسواق ناشئة تقريبًا لديها الموارد اللازمة لتمويل مستوى الدعم المالي في حالات الطوارئ، مثل ضمانات الدخل ومنح الشركات الصغيرة، كما هي الحال في دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا.

ويخلُص تقرير المجلة إلى أنَّ بعض الدول ستتحمل الضربة أفضل من غيرها؛ إذ تحتفظ الأسواق الناشئة في آسيا باحتياطيات تبلغ قيمتها تريليونات الدولارات، وهو درس تعلمته من تجربتها في الأزمة الآسيوية عام 1997. وقد نجا البعض، مثل فيتنام، من أزمة الفيروس التاجي بشكل جيد حتى الآن. ومع ذلك، وفي ظل تلاشي خطورة الصدمة العالمية القادمة، يظل نوع ما من الأزمات المالية في الأسواق الناشئة محتملاً بشكل مثير للقلق.

تعليق عبر الفيس بوك