"التعليم عن" بُعد وشركات الاتصالات

 

 

منير بن محفوظ القاسمي *

تويتر: @muneer_alqasmi

التعليم الواعد بأنظمته وأفكاره بات وشيكا، وهذا ما تابعناه في حوار معالي وزيرة التربية والتعليم في المؤتمر الصحفي السادس للجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار جائحة "كورونا" (كوفيد ١٩)، الذي بُث عبر الوسائل الإعلامية بتاريخ 5 مايو؛ حيث صرَّحت معالي الوزيرة بأنَّ الاعتماد على المنصات التعليمية الإلكترونية سيكون هو الأساس للمرحلة المقبلة؛ وهذا يعني أننا على أعتاب عامٍ دراسيٍ جديدٍ بعون الله سيمثل نقلة في كثير من التوجهات والأفكار والقناعات التي سادت التعليم مرحلة زمنية طويلة.

وبلا شك، فهذا الخبر مُفرِح للغاية؛ فالتعليم لابد أنْ يُواكب التطورات المتسارعة، وأن لا يظل حبيسَ التلقين الصفي، بل يتعدَّاه ليشمل مرحلة الاندماج الإلكتروني؛ والمتمثل في: التعلم المدمج، وهذا يعني تخصيص أيام أو ساعات مدرسية أو منزلية يتلقَّى فيها طالب العلم تعليمه عبر شاشات الحاسوب.

وبما أنَّنا في عصر سرعة الاتصالات، وبداية ثورة الجيل الخامس من تكنولوجيا الاتصالات المتنقلة 5G؛ فهذا يعني تقدُّما في البنية الأساسية للمجتمع؛ بما فيها المدارس وإمكانياتها التقنية واستعدادها لتقديم تعليم إلكتروني لا يُعاني من تأفف الطلاب والمعلمين نتيجة للانقطاعات المتكررة في الشبكة أو البطء، أو عدم وجود الخدمة أساسا في بعض المناطق التي لا يشملها نطاق التغطية.

أقول ذلك وقد جرَّبنا سابقا بعض الأنظمة والبرامج التي نتعامل معها بشكل تزامني أو غير تزامني كالبرامج التي ترتبط بالبوابة التعليمية بوزارة التربية لإنجاز الأعمال التي تتطلب التعامل مع التقنية، فكثيرًا ما تتوقف روابط الانتقال للصفحة التالية من البرنامج نتيجة ضعف الشبكة بسبب ضغط الاستخدام عليها من قبل المستخدمين في آن واحد، وقد تعاني بعض المدارس البعيدة عن مناطق التغطية من عدم توافر شبكة الإنترنت، وهو بلا شك يشكل عائقا آخر في إنجاز الأعمال المطلوبة للموظفين.

ويجب أنْ نَعِي أيضًا عند تطبيق نظام التعلم الإلكتروني عبر المنصات أنَّ أكثر ما سيتم استخدامه هو برامج الفيديو؛ مما يعني أنَّ ضعف الشبكة قد يُؤدي لتكرار توقف تشغيل المقطع التعليمي، وتململ الطلاب أو تأخر المعلم في إرسال الفيديو التعليمي أو الدرس نتيجة لتوقف الشبكة أو ضعفها، وهذا ما لا نأمله في المرحلة المقبلة. كما يجب أن تعي وزارتنا وشركات الاتصالات المستويات المادية والظروف الاجتماعية لبعض الأسر، خاصة فيما يتعلق بتوافر خدمات الشبكة في منازلهم.

فحريٌّ بشركات الاتصالات بعد اليوم أن تُركِّز على التعليم، وأن تضع خطة لحل مشكلاته التقنية، وتمدد من مناطق تغطيتها، وأن تكون شريكا قويا للتعليم الواعد في قادم الوقت، وعونا لإخوانهم المعلمين وأبنائهم الطلاب ومجتمعهم في التسعيرات التي تضعها للاشتراك في خدماتها عبر الإنترنت؛ فالمعلم والطالب وولي الأمر في هذا النوع من التعليم سيستخدمون باقاتهم الشهرية؛ مما سيشكل عبئا ماليا جديدا عليهم.

 

* مشرف تربوي ومدرب في مجال تكنولوجيا التعليم

تعليق عبر الفيس بوك