دراما كرة القدم لا تنتهي

 

"عقاب الكرة"

 

محمد العليان

قِيل في كُرة القدم الكثير من العناوين؛ فهي مجنونة وقاسية وغادرة، وليس لها أمان وما بين الفوز والخسارة مساحة كبيرة وشاسعة ليس لها حدود؛ فالفوز يعني السعادة والسرور والأفراح. أما الخسارة، فهي الحُزن وخيبة الأمل، والكرة لها فلسفة خاصة فهي تُعطِي من يُعطِيها وتلفظ من يتعالى عليها، ولكي تحقِّق الفوز لا بد أن تبذل كل الجهد في التدريبات والمباريات والتأهيل فنيا وبدنيا ونفسيا قبل المباراة.

وقد يُواجه الفريق أحيانا حالة من سوء الحظ وعدم التوفيق؛ فيخسر أو يتعادل، ولكن هذه الحالة لا تستمر طويلا، قد يكون الفريق محظوظا في المباريات القادمة والفوز يأتي للفريق الذي يسعى إليه، ويبذل كل الجهد والعرق من أجل تحقيقه، والخسارة عادة ما تكون مصير الفريق الذي يتعالى على الكرة، ولا يحترم منافسه، فيدفع الثمن غاليا، وهو ما يُسمَّى بعقاب كرة القدم، فكم من حالات يخسر فيها أي فريق مباراة كان مرشحا بقوة للفوز بها! وكم من مباريات قدم فيها فريق آخر مستوى متميزًا لكنه لم يبذل الجهد حتى النهاية معتمدا على تقدمه وامتلاكه زمام المباراة وهبوط المستوى الفني والبدني لمنافسه؛ فكانت النتيجه عقابه على تهاونه، وأيضا عاقبته كرة القدم هذه الساحرة المستديرة التي لا تحترم إلا من يحترمها، وتعطي من يُخلص لها ويحنو عليها.

وهناك أمثلة كثيرة لعقاب كرة القدم على مستوى كل البطولات المختلفة للأندية والمنتخبات؛ فمنها: مباراة المنتخب الإيطالي أمام المنتخب النيجيري في مونديال وكأس العالم 1994م بأمريكا، تقدمت نيجيريا بهدف حتى نهاية المباراة بدقائق معدودة، وتهاون واغتر لاعبو نيجيريا واستعرضوا المهارات الفنية، وقبل إطلاق الحكم صافرته يُفاجئهم المنتخب الإيطالي بهدف من أقدام اللاعب باجيو في وقت ميت من المباراة، حتى قيل إن باجيوا أعاد منتخب إيطاليا من سلم الطائرة إلى البطولة من جديد، وفي الوقت الإضافي سجل باجيو الهدف الثاني هدف الفوز بضربة جزاء وخرجت نيجيريا نتيجة الاستهتار، وقبل مباراة ألمانيا والجزائر في مونديال 1982م في إسبانيا، قال ديرفال مدرب المنتخب الألماني إنه سيعود لألمانيا إذا فازت الجزائر عليه، وقال اللاعب رومينجا إننا سنلعب المباراة بالفريق البديل تعبيرا على قوة ألمانيا على الفوز في كل الحالات.

ثم وقعت أكبر مفاجأة في مونديال 1982، عندما فازت الجزائر على ألمانيا صاحبة التاريخ العريق؛ حيث كان النجم الجزائي ماجر والأخضر بلومي عريسيْ المباراة، وسرقا الأضواء من الجميع بإحرازهما هدفيْ الفوز للمنتخب الجزائري "محاربي الصحراء"، وكتبوا تاريخا لا يمكن أن تتجاهله كرة القدم وذاكرة المونديال.. ودفعت البرازيل كلها ثمن الاستهتار، وما زالت هذه المباراة هي الأسوأ في تاريخ الكرة البرازيلية، وهي مباراة البرازيل مع إيطاليا في كأس العالم 1982 بإسبانيا؛ كان هناك ما يُشبه الإجماع على أن البرازيل ستفوز بكأس العالم، وفي النهاية خسرت من إيطاليا في مباراة من دراما كرة القدم لن ينساها التاريخ الكروي.