100 يوم من الجلوس على العرش

 

 

علي بن سالم كفيتان 

مرَّت 100 يوم منذ أن تولَّى حَضْرة صَاحِب الجَلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -أيَّده الله- زمام الأمور في وطننا، ولعلَّ المتابع والمُهتم بالشأن العُماني يسعَى لتسيلط الضوء على المنجزات التي تحققت خلال هذه الفترة، ولا شك أنَّها فترة قصيرة نسبيًّا، وغير كافية لإبراز الرؤية الحكيمة لجلالة السلطان المفدى -حفظه الله- لكننا ومن واقع الأحداث يُمكننا التعريج على ما قام به جلالته -أيَّده الله- من إجراءات خلال المائة يوم الأولى من حكمه، ومن ثمَّ نحاول استنتاج توجهات المستقبل المشرق لنا.

ظلَّ جلالته -أيَّده الله- وفيًّا ومخلصًا ومثمنًا لما قام به سلفه جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيَّب الله ثراه- وظهر ذلك جليًّا لمن شاهد جلالته منذ دخوله مجلس عُمان وأدائه قسم اليمين وحتى صعوده منصة سلام الشرف بعد التنصيب الرسمي، وحضوره مراسم تشييع السلطان الراحل، وانعكس ذلك جليًّا في خطاب جلالته الأول لشعبه، وطبقه كمنهج على الأرض دون تساهل أو تراخٍ؛ من خلال إبقاء الإرث الخالد للسلطان الراحل كنبراس خير ومشعل يُهتدى به في المرحلة الجديدة، ليقين جلالته -أبقاه الله- بأنَّ هذا هو النهج القويم لخلافة رجل أفنى حياته في خدمة بلده.

ورغم التحديات التي واجهتْ بداية حكم جلالته من حيث جائحة "كورونا"، وانهيار أسعار النفط، وعجز الميزانية، وتزايد أعداد الباحثين عن عمل، إلا أنَّ الشعب يشعر بطمأنينة افتقدها بعد العام 2010، فخطوات حُكومة جلالته غير مُتسرِّعة، لكنها تمنَح ما يكفي من الثقة للمواطن بأنَّ الأمور ستُعاد إلى نصابها قريبا، ولن يكون ذلك عبر مُعالجات مؤقتة بل جذرية بإذن الله تعالى؛ فعُمان الوطن يختزن الكثير من الخيرات إذا صَفَت النيات وأبعدت عن نفسها الشعور بالظلم والدونية. فالعهد الجديد يتسع للجميع، شريطة الثقة بالله، والعمل بإخلاص، وفق الثوابت التي ينتهجها جلالته منذ توليه الحكم في الحادي عشر من يناير الماضي، ولا يجب أن يتمَّ تفسير أي إجراء إلا من الوجه الصحيح؛ فجلالته -أيده الله- لا ينطلق من الرؤى الضيقة، ونعتقد جازمين أنه لا يحمل ثأرا إلا على الفساد، والخطوات الجريئة المعلنة والتي لا تزال ضمن الكواليس تُثبت ذلك يوميا؛ فوجب علينا كشعب أن نقف بكل حزم وصبر مع جلالته - حفظه الله.

إنَّ جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أيده الله- أنطق الجميع وزرع آمالا كالجبال بصمته الناطق الواصل إلينا من خلال نظراته المُتَّقدة، وبينت لنا ابتسامته مدى عطفه ولينه علينا في عُمان من أقصى رؤوس جبال مسندم وحتى آخر ذرة تراب عند ضربة علي في ظفار. فالكلُّ مستبشر ومطمئن يترقب أياما مشرقة وعهدا مباركا بإذن الله تعالى، ونعلم جميعا أنَّ البدايات تكون صعبة، لكنها هي ما يمنح مصل التحصين لما هو قادم، فعُمان اليوم بحاجة إلى اللغة الإيجابية أكثر من أي وقت مضى؛ فكل إجراءات حكومة صاحب الجلالة باتتْ تمهِّد للشباب للإمساك بزمام المبادرة وقيادة البلاد للمرحلة المقبلة.

وفي الختام.. أرى القائد المفدى وكأنه يقول لنا: هل أنتم معي يا شعبي؟ أسمعُوني أصواتكم، أنا واثق بالله ثم بكم، أننا سنخوض ملحمة وطنية أخرى لا مكان فيها لفاسد أو انتهازي على تراب بلدنا الطاهر... تأكدوا أنه لن يكون هناك سِمسَار بعد اليوم، بل أبطال جُدد يُعِيدون للأرض حياتها، وللأمة العمانية مكانتها.. تأكدوا أنني لن أنام قرير العين وهناك من لا يزال يَبِيع على الطرقات العامة سلعًا بسيطة لانتزاع قوت يومه.. تأكدوا أنَّ كل من أساء لعُمان أو لجلالة السلطان الراحل، واستغل كرمه وطيبته ومرضه سينال عقابه كاملا دون نقصان.. سأكون نصيراً للفقراء ومن تقطَّعت بهم السبل، وسأقتصُّ لهم بكل حزم؛ فمن اليوم أنا وما أملك لكم، فكم أشتاق لسماع نبضكم الحي يدب في كل أرجاء عُمان، نعم عُمان التي بناها قابوس بجهده وشقاه، ومات دونها وحيدا في قصره، وحمَّلني أمانتكم بعده.

حفظ الله بلادي...،