عجلة الاقتصاد المحلي

 

 

وصلت أخبار انتشار وباء كوفيد 19 إلى أي بلد كأنها صاعقة توقفت معها كل أنواع الحياة دون التفريق بين وسائل فرض هذا التوقف إن كان هذا التوقف بإصدار القرارات والقوانين أو بالمراقبة والتقيد من قبل الجهات المختصة أو التوقف الذاتي ومراقبة الصحة الشخصية لكل فرد على حدة.

هذا التوقف يحمل شعارا واحدا مفاده "الإنسان أولا"، وأن هذه الإجراءات التي أوجدت هي مخافة على صحته، لكنه الإنسان بطبيعته التي اعتادها لا يمكن أن تقيده عن الحركة أبدا لكنه التزم لكثير من الوقت بالسكون وقلة الحركة وهذا ما لاحظناه هنا في سلطنة عمان، فالجميع من مواطنين ومقيمين التزموا بالقرارات والإرشادات والنصح وعملوا بكل تعليماتها وطرق تنفيذها، لكن ما نلاحظه اليوم في نهار الشهر الفضيل أعاده الله علينا بالخير والبركات وأكرمنا بفضله، حيث يكون الوضع مختلفا.

فعلى الرغم من الالتزام إلا أنّ الناس بدأت تفكر كيف وماذا تتبضع؟ ففي رمضان عادة ما يكون التبضع أكثر عن ذي قبل ودون وجه تحديد لبضاعة عن غيرها، وهذا حال اعتدناه كثقافة في دول العالم الإسلامي، ففي رمضان تحتاج البيوت للمفروشات الجديدة والأثاث المكمل لأناقة البيت كمفارش وأطقم جلوس وستائر وغيرها من أنواع الأثاث، ومن الكهربائيات ثلاجات وتلفيزيونات وأدوات مطبخ كهربائية، ومن الأواني ما لم يكن في البال والرصد، ومن السيارات أيضا ما هو جديد، وغيرها مما هو في ورش الحدادة والألمنيوم ومناجر الأخشاب ومعامل الزجاج، هذا حال اعتادته الناس هنا في كل شهر رمضان كما اعتاد العاملون في هذه الأنشطة والقطاعات للكسب الوافر في موسم الشهر الفضيل، ولأن هذا الحال في هذه الأنشطة والقطاعات أصبح متوقفا اليوم بسبب الالتزام بكل القرارات الصادرة من اللجنة العليا أولا ثم القرارات التالية من جهات الاختصاص.

وعلى الرغم من أنّ القرارات الصادرة من اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد19) كانت تشمل الكثير من الجوانب الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية في آن واحد ومن منظور بعيد عن أعيننا، إلا أن القرارات التالية الصادرة من جهات الاختصاص كانت بعيدة عن بعض جوانب الواقع، وكان لابد لها من التقصي والإحاطة بكل الجوانب حتى تصل إلى غاية وهدف موحد تفيد من خلاله المجتمع كما تستفيد منه في الوقاية الأضرار الناجمة من جائحة كورنا، فالتزاحم الجسدي في سوق الموالح المركزي من أسبابه وسائل الإعلام بعد حصولها ورفدها بمعلومات تفاصيل الأسعار وتوافر المواد والخضروات والفواكه وذلك لهدف نشرها. هذه المعلومات صدرت من جهات العلاقات العامة المختصة في جهات الاختصاص، كما تم غلق موانئ الصيادين وأعادتهم الى حقبة ما قبل السبعين في الإنزال السمكي وتحميل الأسماك لتتخالط هي والتراب ولتفقد جودتها في ظل المطالبة بالاكتفاء من الأسماك وتوفيرها وتوافرها في السلطنة بالجودة المرجوة ومن خلال الموانئ الشاملة على كل أنواع الخدمات والتي صرفت لها الملايين من الريالات على مدى 50 سنة من عمر النهضة (مثال ولاية قريات) هو أيضا من مثل تلك القرارات.

والآن لننتقل إلى المراكز التجارية التي لا تزيد مساحتها عن 400 متر مربع وهي في مناطق شتى من ولايات السلطنة حيث نجد تشميع رف واحد طوله 2- 3 أمتار يحتوي ما بين 10 إلى 20 آنية من الأواني، إلا أننا نجد هذا القرار بعيد عن الواقع فما يزيده أو ينقصه ذلك الرف سوى حاجة أهل البلد والمنطقة، كما حال اللحام ومنتج الألمنيوم والكراج ومصلح الإطارات ومحلات تصليح الكهربائيات كالتلفزيونات والثلاجات... إلخ، مثل هذه الأنشطة لا تمثل أي تزاحم جسدي كذلك الذي تشهده مراكز التسوّق الكبيرة وأسواق الخضار والفواكه فيها أو محلات بيع الخضروات والفواكه المنتشرة في كل المناطق فالزحام هناك يبدو واضحا.

إنّ عجلة الاقتصاد المحلي لابد لها من الدوران وكل جهة مختصة كان يجب عليها أن تضع ما هو مناسب في قراراتها ليكون متوائما مع الواقع أولا، فلا يمكن أن نجد صيدلية مغلقة في منطقة حيوية لأنها رفعت سعر دواء أو كمامة لتترك كل تلك المنطقة بدون صيدلية، فهناك قوانين ومخالفات وقرارات يمكن أن تكون حلا، بدلا من غلق الصيدلية الوحيدة، كما أنّ التشهير بالمحلات والصور والأسماء منها ثم الاعتذار عن سوء فهم ليس حلا، ولأننا لا نود أن نحدد أعمال وقرارات كل مختص في جهات الاختصاص، إلا أننا نرى أن الواقع يحتم علينا التنبيه عليه والإرشاد، فنحن جميعنا في ظل ظروف تطلب منا التضافر والتلاحم والعمل بروح الفريق الواحد حتى نعدي هذه المرحلة .

فعجلة الاقتصاد المحلي متكوّنة من الشركات القائمة بتلك الأعمال والأفراد العاملين فيها، وملاك العقارات من الأفراد والشركات والمؤسسات الحكومية، والمستفيدين والمستهلكين، والدوائر والجهات الحكومية المختصة، كل أولئك يشكلون نسيج فريق واحد في ظل الأزمات والمحن فليكونوا كما نظنهم ونعتقد فيهم كل أوجه التعاون والاشتراك ليصلوا بعمان إلى الهدف المرجو والذي أرادته لهم اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد19).

تعليق عبر الفيس بوك