خبراء يدعون لاستئناف "آمن" للأنشطة والأعمال

فتح القطاعات.. طوق النجاة للاقتصاد قبل فوات الأوان

دول العالم تتجه لإنهاء "إغلاقات كورونا" بعد تكبد مليارات الدولارات

"التعايش" مع فيروس كورونا خيار المستقبل لتفادي الانكماش المزمن

الغساني: ضرورة الفتح التدريجي للقطاعات لتجنب أية تداعيات سلبية

الهوتي: وضع الجائحة في السلطنة لا يستدعي الإغلاق الكامل

 

الرؤية- نجلاء عبدالعال

في ظل ما تعانيه اقتصادات العالم من أزمة ركود حاد مع استمرار غلق القطاعات ووقف الأنشطة الاقتصادية والتجارية، تئن هذه الدول- ومن بينها السلطنة- من تبعات هذا الإغلاق، علاوة على أزمة أخرى تنخر في عظم المالية العامة للدولة، وهي التراجع الحاد لأسعار النفط، الأمر الذي دفع الحكومة الرشيدة لاتخاذ خطوات حاسمة لترشيد الإنفاق، ومواجهة الوضع المالي القائم... غير أنّ خبراء ومختصون يؤكدون ضرورة العودة التدريجية والمدروسة لاستئناف العمل في هذه القطاعات، لاسيما وأنّ الجائحة في عمان لا تستدعي الإغلاق الكامل. وأكدوا أنّه يجب في الوقت نفسه اتخاذ كافة التدابير الاحترازية والإجراءات الوقائية لمنع أي تفشٍ جديد محتمل حال الفتح.

 

مرحلة التعايش

وقال سعادة الشيخ محمد بن أبوبكر الغساني نائب رئيس مجلس الشورى في الفترة الثامنة: "علينا التعايش مع فيروس كورونا الذي من الواضح أنّه سيستمر لفترة أطول كثيرًا من التوقعات، ومن الواضح بحسب ما تكشفه البحوث العلمية حول العالم أنّ التوصل إلى لقاح أو مصل أو علاج لن يصبح متوفرا قبل 6 أشهر على الأقل، وهي فترة طويلة لا يمكن للاقتصاد أن يتحملها بحالة الإغلاق الكامل الحالية، لذلك من المهم أن يجري التجهيز لفتح تدريجي للأنشطة الاقتصادية في السلطنة بمجرد تخطي نقطة ذروة التفشي والتي قال معالي الدكتور وزير الصحة أنها ستكون مع نهاية أبريل الجاري".

وأوضح سعادته أن الحقائق التي أصبحت معروفة حاليا عن المرض والأشخاص الأكثر عرضة لتدهور حالاتهم إذا ما أصيبوا، كلها توفر إمكانية للعمل المشترك على حماية الجميع، والتأكد من اتخاذهم سبل الوقاية من الإصابة، مع إجراءات أعلى لمن لديهم ظروف صحية قد تفاقم من المرض لديهم، مؤكدا أن كل تلك المعرفة مع سبل الكشف عن الإصابة يمكنها في حد ذاتها أن تسهل إعادة فتح الأنشطة الاقتصادية. وأكد أن عدد الحالات المتعافية يتزايد، وبالتالي يتعين بدء فتح الأنشطة التجارية بالتدريج بعد بلوغ نقطة الذروة، على أن نبدأ بفتح بعض الأنشطة، خاصة الخدمية، التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر وعلى الأخص الأعمال في شريحة المؤسسات الصغيرة بالذات وكذلك المتوسطة.

وأشار الغساني إلى أن حجم الضرر الكبير جراء التوقف الاقتصادي حاليا لا يدركه الجميع. وتابع: "بالتأكيد ندعو الله ألا يكون هناك وفيات على الإطلاق جراء فيروس كورونا ونبتهل إليه أن يختفي ونصل إلى عدم تسجيل أية إصابة جديدة، لكن بالنسبة للضرر الاقتصادي فإنه للأسف أكبر من ضرر كورونا وكلما تأخرنا زاد الضرر أكثر، وإذا استمر الإغلاق لفترة أطول سيضر بالاقتصاد بشكل عام".

ولفت سعادته إلى أن كثيرا من دول العالم بدأت بالفعل في الفتح التدريجي خاصة للأنشطة التي تأثرت حياة العاملين فيها، ويمكن أن نجد عديد من السيناريوهات بدأت تظهر عن آليات العودة للحياة الطبيعية بعضها يبدأ من المدارس والبعض من المصانع والآخر من المتاجر، ولذلك فإنه أصبح من الممكن وضع سيناريو خاص بالسلطنة يواكب احتياجات الاقتصاد والقوى العاملة والأنشطة المرتبطة ارتباطا مباشرا بحياة المواطن ورزقه ومتطلباته اليومية للبدء بفتحها؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر محلات غسيل وكي الملابس والأنشطة المرتبطة بالحاجات اليومية، كذلك المحلات اللازمة لدعم استمرارية الأنشطة الاقتصادية مثل محلات بيع مواد البناء خاصة وأن نشاط الإنشاءات مازال مستمرا، مؤكدا أن المصانع والحمد لله تقدم تجربة جيدة جدا حيث استمر العمل في كثير منها مع أخذ الاحتياطات اللازمة للوقاية.

الفتح التدريجي

ومن جانبه، قال الدكتور أحمد بن عبدالكريم الهوتي عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان إنه آن الأوان للتفكير جديا في فتح الأنشطة والمجالات التجارية والاقتصادية، لأن البلد تكبدت الخسائر تلو الخسائر بسبب الوقف الحالي، ورغم ذلك نرى في جميع دول العالم انتشارا للفيروس سواء أغلقت الأنشطة الاقتصادية كلية أو بشكل جزئي، لكن ترف الإغلاق المستمر للأنشطة لا يمكننا تحمله لفترة أطول من ذلك.

وأضاف أن الظروف تحتم علينا الانسجام والتعايش مع هذا الوضع، قائلا: "إن بعض الولايات والمحافظات البعيدة عن مركز الوباء لا ينبغي أن تكون مغلقة طوال الوقت، وإنما يتعين تحريك النشاط التجاري والاقتصادي ووضع الشروط والاحتياطات المطلوبة، لذا فإنه أصبح لزاما على المعنيين في وزارة الصحة أو اللجنة العليا أن يضعوا الشروط اللازمة للعودة للعمل سواء للمجمعات التجارية أو المحلات الصغيرة أو تلك المحلات التي لا يغلب على طبيعة عملها دخول أشخاص بعدد كبير".

وبين الهوتي أن ما تشتهده محلات المواد الغذائية من دخول وخروج المستهلكين بأعداد كبيرة يشير إلى أنه لا يمكن السيطرة على هذا الوضع إذا استمر الإغلاق، لكن لو كان عدد المحلات العاملة أكبر والانتشار أوسع لأتاح ذلك المجال لأن تكون أعداد المستهلكين أقل، ولما كان هناك تكدس وازدحام.

ومضى الهوتي قائلا: "هناك كذلك عدد كبير من الوافدين الذين يعتمدون في أعمالهم على الدخل اليومي ولا يحصلون على رواتب، وهذه حالات موجودة ويجب الاعتراف بها وبوجودها منذ سنين طويلة، واليوم هؤلاء بدون أصبحوا بدون دخل، وقد يتعرضون لمشاكل كثيرة، وأيضا قد يعرضون المجتمع لمشاكل أخرى، فما نتمناه حاليا هو أن نبتعد عن التفكير من زاوية واحدة والنظر بشكل متكامل للصورة الكلية وتبعات كل القرارات على كافة الأصعدة وبصفة خاصة على الصعيد الاقتصادي".

ولفت عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان إلى أن دول العالم في غالبيتها بدأت بالفعل في تنفيذ خطط لفتح تدريجي للأنشطة الاقتصادية، رغم أن أغلبها لديها إصابات أعلى كثيرا مما هو موجود في السلطنة. وأضاف: "الأعداد في السلطنة مازالت تحت السيطرة، ونأمل أن تظل، لكن فيروس كورونا سيبقى لفترة طويلة، وعلينا من الآن أن نسلم أن الظروف الحياتية يجب أن تتغير، وفي الوقت نفسه أن ننسجم مع هذا الواقع ونضع الآليات اللازمة لتخفيف الضرر الناجم عنه".

وزاد الهوتي قائلا إن دولا مجاورة للسلطنة بدأن العودة التدريجية للنشاط الاقتصادي، وفي دول يبلغ تعداد سكانها أضعاف أضعاف العدد في السلطنة بدأ أيضا السماح بالعودة للعمل، منها الهند وباكستان؛ حيث سمحت السلطات في الهند بعودة محدودة للعمل في متاجر بعض الأحياء والمناطق السكنية اعتبارا من الأسبوع الجاري، ويشمل الفتح محلات البيع بالتجزئة، وفي باكستان أيضا قررت السلطات الباكستانية التحول إلى ما يطلق عليه إجراءات العزل الذكية اعتبارا من أول الأسبوع الجاري بحيث يجري تتبع حالات الإصابة مع السماح لبعض الأنشطة الصناعية والتجارية باستئناف العمل بموجب إرشادات للسلامة. لافتا إلى أن أعداد الإصابات في هذه البلاد أيضا أضعاف المسجلة في السلطنة.

تجارب دولية

ومن خلال رصد ما يحدث في العالم، رصدت "الرؤية" خططا لعودة عمل الاقتصاد في عدد من الدول، ففي بلجيكا، التي تعد أعلى دول العالم في نسبة الوفيات إلى عدد السكان، أصدر مجلس الأمن القومي البلجيكي قرارات تفصيلية لآلية العودة للفتح التدريجي وتبدأ المرحلة الأولى في 4 مايو، وتضم عودة الشركات للعمل ولكن للشركات القادرة على العمل وفق احترازات تباعد جسدي للعاملين، أما بالنسبة للشركات التي لا تستطيع ضمان التباعد الاجتماعي سيتعين عليها اتخاذ تدابير خاصة لكي تعود للعمل.

وتضم المرحلة الأولى ️المتاجر؛ حيث يُسمح بفتح متاجر النسيج، لتوفير أقنعة الفم المصنوعة من النسيج، كما تشمل المرحلة الأولى السماح بالتجمعات وفق ضوابط تشمل: السماح للأشخاص بدعوة “صديقين فقط” إلى منزلهم، كما سيتم السماح بركوب الدراجات أو الذهاب في نزهة كمجموعة من ثلاثة أشخاص فقط، مع احترام التباعد الاجتماعي في جميع الأوقات. وكذلك تسمح الخطة بأن يستأنف النقل العام أنشطته المعتادة، مع توصية بشدة باستخدام أقنعة الوجه، وفي 11 مايو سيجرى العمل على تطبيق الجزء الثاني من المرحلة الأولى حيث سيُسمح بإعادة فتح جميع المتاجر بشروط صارمة للغاية.

وفي لبنان، التي شارفت على الإفلاس، رفع المجلس الأعلى للدفاع اللبناني مقترحا بإنهاء حالة الإغلاق إلى مجلس الوزراء يتضمن 4 مراحل تبدأ المرحلة الأولى تبدأ يوم 27/4/2020، وتستمر كل مرحلة لمدة أسبوع، مع ترك القرار لمجلس الوزراء في تحديد الأنشطة الاقتصادية التي سيسمح لها بإعادة العمل تدريجياً ضمن نطاقها ووفقاً للمراحل المعلنة.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z