البصمة الطاقيّة

 

فاطمة عبدالله خليل

كاتبة بحرينية

 

نبارك لكم أحبتنا في سلطنة عمان الشقيقة شهر رمضان المبارك أعاننا الله على صيامه وقيامه وتقبل الله فيه طاعاتنا وصالح أعمالنا.  ولعله حريّ بنا في هذا الموسم الروحي العظيم أن نقف على بعض من العلوم غير المعروفة بما يكفي أو تلك التي تقف بمنطق التشكيك لدى البعض، بنوع من التفسير الذي يأخذ بعداً تفكرياً في عظيم خلق الله وإعجازه استجابة لقوله تعالى (أفلا يتفكرون؟).

وما سنقف عليه اليوم هو موضوع البصمة. قد يبدو هذا موضوعاً مستهلكاً لدى البعض أو أصبح من بديهيات معرفتنا الإنسانية ومسلماتها في هذا العصر، ولكني وددت أن أقف عليه على نحو أكثر تفصيلاً وبما يجاوز بصمات الأصابع أو الأيادي كما اعتدنا التعامل معها لدى تسجيل بياناتنا في السجلات الأمنية لحفظ الهوية، أو في البنوك والمعاملات الرسمية الهامة والضخمة.

لا شك أن تطور عالم البيانات والتكنولوجيا أتاح لنا آفاقاً واسعة لاكتشاف بصمات جديدة في الإنسان يمكن استخدامها للاستدلال على الأفراد بما يجاوز الاكتفاء بالأيدي والأقدام وبصماتهم، وقد أصبحت كثير من الأجهزة الأمنية في المطارات تستخدم بعض من تلك الأدوات التقنية والاستفادة منها كالتعرّف على بصمة العين، فضلاً عن التعرف على بصمة الوجه من خلال قراءة ما يعرف بالسمات البيومترية، أيضاً نعرف جميعاً أنّ ما يعرف بـ(DNA) أو البصمة الوراثية هي الأكثر دقة على الإطلاق ليست في إثبات النسب وحسب، بل في تمييزها لهوية الفرد مهما تشابه معه آخر على نحو طبيعي كالتوائم مثلاً، أو على نحو متعمد كإجراء عمليات التجميل وأقنعة الوجود. ومن البصمات المميزة أيضاً هناك بصمة الصوت حيث اكتشف أنّه مهما بدت لك الأصوات متشابهة فإنّ ثمة ما يمكن أن يميز صوت أحدهم عن بقيّة الأصوات التي تكاد أن تطابقه بما يجعل للصوت بصمة يمكن الاستدلال عليها بفحص دقيق على شخص ما.

قد تبدو كل تلك النماذج منطقية وعادية بالنسبة للبشر، لاسيما وأنّ المشتغلين في العلم استعرضوا تلك الإنجازات وسوقوا لها بكثرة، فضلاً عن أنّها باتت تفعل اليوم في كثير من الأجهزة الأمنية وأنظمة الحماية المختلفة والتي من بينها أجهزة الهواتف الذكيّة. ولكن هل سمعت يوماً عن البصمة الطاقية؟!! قد يبدو هذا المصطلح غريباً.. ولكن لو تساءلت يوماً كيف يعمل قانون الجذب في عمقه لوجدت أنّ مسألة البصمة الطاقية مسألة منطقية وواقعية هي الأخرى، فطاقاتنا المتمثلة في أنفسنا، أجسادنا، أرواحنا، تختلف عن الآخرين من حولنا.

ألم تتساءل يوماً إذا كنا نتحدث عن فكرة الكون المسخر، والكون الذي يأتينا بالأشياء التي نركز عليها في أفكارنا ومشاعرنا فنجذبها إلينا، ألم تتساءل كيف يميزني الكون عن الآخرين من حولي؟ وكيف أنّه في ظل هذا الفيض من الأفكار لهذا العدد المهول للبشرية يأتي كل فرد بأفكاره وباستمرار في عمليات جذب متواصلة مدى الحياة؟ وكيف لم يخطئ هذا الكون يوماً في توجيه ما جذبته أنت لأحد إخوتك الذين يشبهونك مثلاً؛ كما تحدث بعض الأخطاء البشرية في عدم التمييز بين الهويات أحياناً لشدة التشابه؟ إن الإجابة عن هذا السؤال كامنة باختصار في البعد الطاقي لك، فبصمتك الطاقية هي ما يميزك في الكون عن سائر الخلق، وهي ما يضع أفكارك التي تجذبها ضمن شفرة طاقة محددة تخصك لتكون أنت المعني بالتلقي دوناً عن الآخرين.

بالمختصر:

في كل يوم نكتشف سراً جديداً في أنفسنا، يدعونا لمزيد من التفكر، وفي كل مرة مع علمنا بأنّ كل شيء مسخر لنا وأنّ الله يقول له كن فيكون، إلاّ أنّ الله وضع لذلك نظاما دقيقا ومحكما، يعمل وتجري الأحداث والمقادير والاختيارات بموجبه في الحياة.  فسبحان الله عمّا يصفون.

تعليق عبر الفيس بوك