2020.. عام فيه يغاث الناس

 

 

ماهر الحايك

 

إنّ من الفوائد العظيمة التي حصلنا عليها من أزمة مرض الكورونا هي إظهاره لصعوبة دور صاحب القرار، لما يتسبب قراره في تأثير على جميع أفراد المجتمع.

وقد أولى القرآن تكريما خاصا لمن يتولى المسؤولية وبين ضرورة طاعته طالما كان يطيع الله "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم". وحتى يستطيع صاحب القرار أن يتخذ قراره بحكمة وموضوعية كان لا بد له من النصيحة "وأمرهم شورى بينهم" والتي يحصل عليها بالتشاور مع المخلصين من أصحاب الخبرة والاختصاص حسب كل أزمة أو مشكلة تمر بها البلاد.

وقد فهم النبي صلى الله عليه وسلم أهمية الشورى وطبقها بعبقرية خلال مسير الدعوة، ولعل أوضح مثال عليها ما حدث خلال معركة بدر عندما استجاب النبي صلى الله عليه وسلم لرأي الصحابي الحباب بن المنذر في تغيير موقع تمركز المسلمين قبل المعركة إيمانا منه بأهمية الخبرة والاختصاص.

وقد كان إيماننا نحن وآباؤنا وأجدادنا النتيجة المنطقية لهذا التصرف النبوي الشريف. وإن فقد صاحب القرار لهؤلاء المخلصين من أصحاب المشورة سيجعل من مهمته صعبة للغاية، بل قد يكون تحصيل النتائج المفيدة مستحيلا.

وها هو الكورونا يؤكد أهمية وصعوبة هذا الدور وما يحتاجه من اتخاذ قرارات جريئة.

فقد رأينا أن جميع المناوشات في بلداننا العربية والإسلامية قد توقفت أو تكاد بسبب انشغال الدول الكبرى بنفسها بسبب المرض، أي أنها هي من كانت تحرك هذه النزاعات لما تقدمه لها من فوائد بتشتيت الجهود العربية والإسلامية عن هدفها الأساسي وهوتحقيق البناء والرفاهية. إن هذا ليؤكد بشكل لا يدع مجالا للشك أننا نستطيع حل مشاكلنا بأنفسنا دون اللجوء للسلاح، وذلك بالحوار البناء القائم على تقديم مصلحة الوطن على أي مصلحة شخصية أو حزبية أو طائفية.

أمّا من الناحية الاقتصادية فقد رأينا جميعا كيف تصرفت أمريكا في بداية انهيار سعر برميل النفط بشكل غير لائق محاولة الاستفادة من ذلك بملء احتياطيها الاستراتيجي غير آبهة بأي خسارة مادية أو استنزاف لهذه الثروة العظيمة، ولما وصلت الخسائر إلى شركاتها بدأت تحاول بكل طريقة الضغط لوقف المضاربات في سوق النفط، بل وبدأت تظهر الدعوات إلى مخالفة الاتفاقيات المبرمة مع بعض الدول النفطية حماية لمصالح شركات بلادها فيما يؤكد لو طبقت هذه الدعوات على عدم التزامها بأي وعد أو اتفاق سابق.

طبعا قد يسأل سائل وما هو الحل؟

إنّ الحل سهل وبسيط وواضح يتمثل بوقف الحجر الصحي وعودة عجلة الاقتصاد في بلادنا العربية والإسلامية بأقصى سرعة حتى تستطيع استيعاب فائض الإنتاج النفطي وبالتالي عودة سعر برميل النفط إلى سابق عهده وربما يتجاوزه خلال فترة أقل مما لو استمر هذا الحجر هذا هو الإجراء الإسعافي.

أمّا الإجراء طويل الأمد فيتمثل بوقف ربط سعر برميل النفط بالدولار الأمريكي فقط، والعمل على ربطه بسلة عملات وهذا ما سيمنح دولنا العربية والإسلامية قوة أكبر على المناورة في ظل أي أزمة مقبلة.

هذا إضافة إلى تشجيع موارد الدخل الأخرى غير النفطية وعلى رأسها الاستفادة من الموارد البشرية والتي تمثل أهم مورد لدينا بسبب النسب العالية من الشباب الطموح لدى دولنا العربية والإسلامية، والتي تنتظر الفرصة لتقدم أفضل ما لديها خدمة لأوطانها وأمتها.

والله هو القوي وهو يهدي السبيل.

تعليق عبر الفيس بوك