ترجمة - رنا عبدالحكيم
اعتبرتْ صحيفة "ذا جارديان" البريطانية أنَّ تعليق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتمويل منظمة الصحة العالمية في خضم الجائحة؛ بمثابة البحث عن كبش فداء لاستجابة إدارته المتأخرة والفوضوية للأزمة.
وقالتْ الصحيفة إنَّ الولايات المتحدة هي أكبر مَانِح لمنظمة الصحة العالمية؛ حيث تموِّل أكثر من 400 مليون دولار سنويًّا من كلٍّ من الاشتراكات المقدرة (رسوم العضوية) والتبرعات، رغم أنها في الواقع متأخرة عن سداد 200 مليون دولار.
ومن الناحية النظرية، لا يُمكن للبيت الأبيض أن يَمنَع تمويل المؤسسات الدولية إلا بتكليف من الكونجرس، ولكن الإدارة وجدتْ طرقاً ملتوية مثل هذه العقبات الدستورية بشأن قضايا أخرى من خلال الفشل ببساطة في صرف الأموال أو تطبيق العقوبات، على سبيل المثال، ويمكن إلغاء التمويل رسميًّا، لكن ذلك يتطلب موافقة مجلس الشيوخ، أو "إعادة برمجته" من خلال تحويله إلى غرض آخر يُمكن أن يجادل البيت الأبيض بأنه يتفق مع إرادة الكونجرس.
وقالتْ ألكسندرا فيلان الأستاذة المساعدة في مركز علوم الصحة العالمية بجامعة جورجتاون: "مهما كان الشكل الذي يتخذه، فإن هذا قرار خطير وقصير النظر في أي وقت، ناهيك عن أنه خلال جائحة".
وقال جافين يامي مدير مركز جامعة ديوك للتأثير السياسي في الصحة العالمية: "إنه قرار غريب سيضر بشدة بالصحة العامة العالمية". وأضاف: "يحاول صرف الانتباه عن أخطائه التي أدت لأسوأ رد فعل حكومي على كوفيد 19على الأرض".
ويتَّفق مسؤولو الصحة العامة بشكل عام على أنَّ استجابة منظمة الصحة العالمية للوباء لم تكن مثالية، لكنها تحسَّنت كثيرًا على أداء المنظمة المنتشر في مواجهة تفشي فيروس إيبولا في العام 2014، وأفضل بكثير من الطريقة التي تعاملت بها الولايات المتحدة مع كوفيد 19.
وركَّز ترامب وأنصاره على تغريدة منظمة الصحة العالمية في 14 يناير، تُبلغ عن نتائج الدراسات الصينية الأولية التي تشير إلى "عدم وجود دليل واضح" على انتقال العدوى من شخص لآخر.
وأطلعت منظمة الصحة العالمية الصحافةَ -في 14 يناير- على أنَّ انتقال الفيروس من إنسان لآخر لا يزال يُمثل احتمالًا قويًّا؛ نظرًا لتجربة أوبئة فيروسات التاجية السابقة، وحثت على اتخاذ الاحتياطات المناسبة.
وفي 23 يناير، قامت منظمة الصحة العالمية بتحديث رواية تهديد الفيروس التاجي، مؤكدة انتقال الفيروس من إنسان إلى آخر، وحذرت من أنَّ الخطر العالمي مرتفع. وبعد ذلك بأسبوع أعلنت رسميًّا حالة طوارئ عالمية.
والادعاء بأن التأخير في الحصول على عينات منظمة الصحة العالمية قد شل الاستجابة الدولية هو ادعاء باطل؛ فقد نشر العلماء الصينيون علنا التسلسل الجيني لـ"كوفيد 19" في 11 يناير.
وبحلول أوائل شهر فبراير، كانت منظمة الصحة العالمية في وضع يُمكِّنها من توزيع اختبار كوفيد 19 في جميع أنحاء العالم، لكن حكومة الولايات المتحدة اختارت عدم تتبعه بسرعة من خلال الموافقة. وبدلاً من ذلك، أنتجت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) اختبارها الخاص في نفس الوقت تقريبًا، ولكن كان معيبًا ويجب استدعاؤه. وستتراجع الاختبارات الأمريكية أكثر من ستة أسابيع مقارنة ببقية العالم.
وفي حين لم يكن هناك أي اختبار تقريبًا في الولايات المتحدة طوال شهر فبراير، افترض ترامب أن العدد المنخفض للحالات الأمريكية المؤكدة يعني أن بلاده قد هربت بطريقة أو بأخرى. وتفاخر في 24 فبراير، بعد شهر من إعلان منظمة الصحة العالمية للطوارئ، أن "الفيروس التاجي يخضع للسيطرة إلى حد كبير في الولايات المتحدة".
ولم تظهر ثورة ترامب ضد منظمة الصحة العالمية إلا على مدار الأسبوع الماضي؛ حيث ظهرت المزيد والمزيد من التقارير عن استجابة الإدارة الذاتية والمختلة.
ومن المستحيل التنبؤ بمدى نجاح دور ترامب الذي يلعبه "كبش فداء" لمنظمة الصحة العالمية في الانتخابات الأمريكية، ولكن على الصعيد العالمي ستُعتبر بلا شك خطوة أخرى في تنازل الولايات المتحدة السريع عن القيادة العالمية.