◄ نظام الأمان الوظيفي في ألمانيا يحمي العامل من التسريح
ترجمة - رنا عبدالحكيم
قالتْ صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إنَّ الدول الأوروبية نجحت في الحد من تصاعد معدلات البطالة في ظل أزمة الفيروس التاجي، على عكس الولايات المتجدة التي انزلقت إلى مستويات قياسية من البطالة، ربما تضاهي ما سجلته إبان الكساد الكبير 1930.
وفي واشنطن، قد يبدو هذا وكأنه نتيجة حتمية لأزمة صحية أجبرت على التوقف المفاجئ لكثير من القطاعات الاقتصادية، لكنَّ الوضع عبر المحيط الأطلسي يشير إلى الارتفاع الكبير في البطالة الأمريكية؛ حيث قدم 17 مليون شخص طلبات للحصول على إعانات في الأسابيع الأربعة الماضية.
والوضع الاقتصادي في أوروبا قاتم بنفس القدر؛ إذ يقدر البنك المركزي الفرنسي انكماش الاقتصاد بنسبة 6% في الربع الأول، وهو أسوأ انخفاض منذ العام 1945. لكن حتى الآن، يتم تنفيذ إجراءات لحماية العمال إلى حد كبير. وتدخلت العديد من الحكومات ببرامج مكلفة لدعم أجورهم لتجنب تسريح العمال.
وتتوقَّع المعاهد الاقتصادية الألمانية البارزة حدوث زيادة في البطالة في ألمانيا هذا العام تتراوح بين 0.2 و0.5 نقطة مئوية. ويتوقع معهد إيفو للأبحاث الاقتصادية أن معدل البطالة في ألمانيا سيبلغ ذروته عند 5.9% في منتصف العام قبل أن ينخفض. ويمكن مقارنة ذلك بالولايات المتحدة، حيث يقدر بنك جيه.بي مورجان تشيس أنَّ البطالة قد تصل إلى 20% في الربع الثاني من العام الجاري.
وفي أوروبا، شهد الطلب على الإعانات الحكومية إقبالا هائلاً؛ بما يقدم دليلاً قويًّا على أنه إذا لم تكن هناك برامج، فإن تسريح العمال سيكون أعلى بدرجة كبيرة.
وفي ألمانيا، على سبيل المثال، أبلغ 650 ألف صاحب عمل وكالات التوظيف بحلول الأسبوع الماضي عزمهم على الاستفادة من برنامج العمل قصير الوقت في البلاد. وفي ظل نظام الإعانات، يتم تقليص ساعات عمل الموظفين، وتدفع لهم الحكومة ما يصل إلى ثلثي راتبهم العادي، بينما يدفع صاحب العمل القليل أو لا شيء. وبمجرد أن يكون صاحب العمل جاهزًا لدفع الأجور الكاملة مرة أخرى، يعود كل شيء إلى طبيعته، ويتم بذلك تفادي تسريحا العمال.
ويعترف العديد من الاقتصاديين بتفوق النظام الالماني؛ لأنه مكنها من العودة الصاخبة بعد الأزمة المالية العالمية لعام 2008؛ لأن شركاتها لم تفقد خبرة عمالها، وكانت على استعداد لتكبير طاقتها الكاملة بمجرد بدء الانتعاش. وهذه المرة، قامت العديد من الدول الأوروبية بتقليد جارتها.
وفي الوقت نفسه، يغطي النظام الفرنسي بالفعل 8 ملايين شخص؛ أي ثلث العاملين في القطاع الخاص في البلاد. وستغطي الحكومة الفرنسية ما يصل إلى 84% من راتب العامل، وتقدر وزارة العمل التكاليف بنحو 21 مليار دولار على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة.
وفي بريطانيا، وعدت الحكومة بدعم ما يصل إلى 80% من رواتب العمال طالما لم يتم تسريحهم، لكنها تكافح من أجل إعداد برنامجها وتشغيله. ويقدر معهد دراسات التوظيف أن تكلفة البرنامج البريطاني يمكن أن تكون 50 مليار دولار على مدى ثلاثة أشهر. ويقول المعهد إن البطالة تضاعفت بالفعل من 3.9 % إلى 7.5 %، وهو أعلى من أعلى نقطة خلال الأزمة التي بدأت في عام 2008.
وفي غضون ذلك، منعت إيطاليا المتضررة بشدة شركاتها من تسريح العمال لمدة 90 يومًا.
والسؤال: هل تستطيع الولايات المتحدة أن تتخذ نفس الإجراءات؟
تضرَّرت الولايات المتحدة كثيرا بالفعل، وترفض الشركات التي سرحت عمالها عودتهم للعمل، كما يرفض قادة الحزب الجمهوري حزمة المساعدة التي صاغها الديمقراطيون.
وفي أوروبا، كان لدى العديد من الحكومات برامج قائمة كجزء من شبكات الأمان الوظيفي لديها، وببساطة قامت بتوسيعها لتناسب حجم الأزمة.