سنتصالح معك مجددا يا عُمان

 

 

◄ سنتصالح معكِ مجددا يا عُمان وسنقدم لكِ عرقنا الطاهر قربانا لهذا الصلح

 

 

علي بن سالم كفيتان

alikafetan@gmail.com

 

لقد قررنا العودة إلى أعشاشنا إلى قُرانا ومدننا العُمانية بعيدًا عن ضجيج الحياة التي أخذتنا خارج نطاق ذواتنا فقد اكتشفنا أنفسنا من جديد ورتبنا أولوياتنا وعشنا الحياة الأسرية بكل تجلياتها، لم نفقد الأمل بالله بعد أن أغُلقت المساجد، بل فتحنا في كل بيت مسجد؛ حيث نُصلي مع الآباء والأمهات الأبناء والبنات، الجميع يتوافد للمصلى المنزلي قبل الفروض، يؤذن الابن والأب هو الإمام يقرؤون بعد صلاة العصر ما تيسر من "رياض الصالحين"، فتسود الطمأنينة ويعم الإيمان وتعمر البيوت بذكر الله.. هكذا نحن في عُمان اليوم فلا صراع ولا جدال من أجل السلع ولا تشكيك بما تقوم به الحكومة من جهود مخلصة للتقليل من آثار هذه الجائحة على وطننا هكذا نحن إيجابيون دائمًا في وطن الخير والسلام.

في وطننا بدأنا بإنتاج الكمامات والمطهرات ونعمل بجد على صناعة أجهزة التنفس الصناعي فالعالم بات غابة يلتهم فيها القوي الضعيف، فعندما تصبح الدول العظمى عبارة عن مجموعة من القراصنة تختطف الطائرات المحملة بالأدوية والكمامات الواقية وأجهزة التنفس الصناعي يماط اللثام عن تلك الحضارات النفعية الزائفة وتشرق على البشرية أمم أخرى لا زالت جذوة الخير مُتقدة بداخلها فعُمان إمبراطورية حجمتها الظروف وأنهكتها الصراعات لقرون خلت لكنها لم تفتقد روح السيادة وعنفوان مزاحمة الأسياد واليوم ينبعث لنا هذا كله من خلف الركام من خلال تعاملنا المنطقي مع هذا المرض وتقدم شبابنا المبدعون بابتكارات تجعلنا بعيدًا عن رحمة قراصنة الغذاء والدواء.

ستعود الحياة إلى مزارعنا في سهول الباطنة الفسيحة وجبال عُمان الشامخة وستتدفق الأفلاج العمانية بقوة بعدما عادت الأيدي العُمانية لفلاحة الأرض سنتصالح معكِ مجددًا يا عُمان وسنقدم لكِ عرقنا الطاهر كقربان لهذا الصلح لقد عقدنا العزم أن نحرث سهول حمران وأرزات وجرزيز التي كانت طوق النجاة لبلادنا في الحرب العالمية الأولى والثانية وسنُرمم مزارع نجد ظفار بعيدًا عن البلدوزرات التي جرفتها قبل حين سنوصل الكهرباء لكل المزارع وسنقدم الدعم لكل شاب حرث الصحراء ليُقدم لنا سلة غذائنا بعيدا عن رحمة المتجبرين، فاليوم وقبل غدا مطلوب أن نتصالح من الأرض العُمانية ونهبها كل إبداعاتنا فهي لم تخذلنا قط.

وقفة إجلال لحكومتنا الرشيدة التي شيدت منظومة موانئ عالمية أعادت لنا الثقة بجغرافيتنا العُمانية المتحكمة ونحمد الله أننا شعب راقٍ لا يتهافت على تخزين واحتكار السلع فالمخازن مليئة والأسواق عامرة بعد كسر حاجز الاحتكار وفتح باب الاستيراد المباشر بحمد الله. ونقدم كذلك شكرنا وتقديرنا لما تقدمه المؤسسات القائمة على الأمن الغذائي في السلطنة فاللحوم والأسماك والألبان متوفرة بكل أنواعها في أسواقنا المحلية فعندما تصالحنا مع عُمان رأينا فيها كل سبل الحياة الكريمة فبعد اليوم لن نسلم رقابنا للآخرين لأنَّ أرضنا طيبة ومعطاءة وشعبها وفي ومخلص وسلاطينها رجال تعلوهم همة الإمبراطوريات العظيمة التي زاحمت الكبار ولم تلتفت للصغار على مر التاريخ.

إنَّ التعامل الشفاف مع تطورات هذه الجائحة في بلادنا يمنحنا الطمأنينة الكاملة فالدكتور السعيدي ورفاقه ليس لديهم ما يخفونه عنَّا فطلتهم اليومية تقول لا داعي للقلق ولا مكان للشك مطلقاً فيما تقوم به اللجنة العليا المعنية بالتعامل مع هذه الجائحة العالمية وخير شاهد هو الموقف الوبائي للسلطنة وإشادة منظمة الصحة العالمية بالإجراءات المتخذة وعلينا أن نصمد خلال الأسبوعين القادمين لنثبت للعالم علو قيمنا الإنسانية وقدرتنا اللامتناهية على تخطي المحن.

إنَّ عزل العاصمة وقبلها ولاية مطرح ليس بالأمر الهين ولكن هذا أثبت لنا جدية ومصداقية من أوكلت لهم مهمة حماية بلادنا، كما أن مجانية الكشف والعلاج بالتساوي للمواطنين والوافدين بينت وجهاً مشرقاً وناصعًا لروح سلطاننا المُعظم -أيده الله- فعُمان وطن كل من عاش على ترابها وأحب أهلها وقدَّم خدماته الجليلة إليها ممن يعملون في أعلى المهن وإلى عامل النظافة البسيط جميعهم سينالون العلاج والرعاية في وطن السلام.

حفظ الله بلادي، وأمتي، والبشرية جمعاء.