تأثير "كورونا" على الطاقة المتجددة

 

عمر بن علي الشحري

باحث دكتوراه

 

انتشر فيروس كورونا – كوفيد (19) في جميع أرجاء المعمورة في حدث تاريخي كبير,أنتج العديد من التحديات الجديدة ليست على الصعيد الصحي والسياسي والإقتصادي فقط بل أوجد نوع جديد من التعامل بين الدول والشعوب فأنكفاءت الدول على نفسها وأضافت تقلبات أسعارالنفط العالمية وتباطؤ الإقتصاد العالمي عاملا خطيرا قد يرغم العديد من الدول والمؤسسات في تأخير تنفيذ العديد من الخطط الطموحة على كل المستويات وفي مختلف القطاعات التي كانت تعول عليها الكثير في تحقيق أهدفها القصيرة أو المتوسطة أو حتى الطويلة المدى.

تشكّل الطاقة المُتجدّدة، ولا سيّما الطاقة الشمسيّة وطاقة الرياح، الخيارات الأكثر فعاليّة في العالم من حيث الكلفة، خصوصًا بعد التطورات التقنية الهائلة والتي ساهمت في خفض تكاليف إنتاجها. فدفع هذا التطورالإيجابي في إعتماد الكثير من مشاريع الطاقة المتجددة على المستوى العالمي وخصوصا في الصين التي أضحت أكبرمنتج للطاقة الشمسية في العالم والتي هي ذاتها مصدر فيروس كورونا.

حسب المؤشرات العالمية، الصين هي أكبر منتج للألواح الشمسية وتوربينات الرياح حيث يصل إنتاجها إلى قرابة الثلث من الإنتاج العالمي ومما لا شك فية أن كثير من المشاريع تأثرت وبشكل مباشر من الإغلاق المؤقت للمصانع الموجودة في الصين فأسواق الطاقة المتجددة ستشهد تأخيرات كبيرة في تسليم الواح الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح فكان هذا التأثير الأول والمباشر للفيروس على مجال الطاقة المتجددة. فبعد أن كانت الدراسات البحثية تبشر بنقلة نوعية في مجال إستخدام الطاقة النظيفة على المستوى الدولي، أشارت توقعات شركة بلومبرغ المتخصصة في دراسات تمويل الطاقة المتجددة إلى إنخفاض بنسبة (9) % على الطلب من الطاقة الشمسية خلال عام 2020، وقد قدرت إحدى الشركات المتخصصه أن الخسائر المباشره على مشاريع الطاقة الشمسية بلغ حوالي 2.4 مليار دولار أمريكي في الهند وحدها والتي تعتمد على الصين في إنتاج (80%) من مكونات أنظمة الطاقة المتجددة. كما قامت العديد من الدول بتأجيل بعض مشاريع الطاقة المتجددة والمعدة مسبقا حيث فضلت التأخير في طرح المناقصات كما فعلت الحكومة المصرية في مشروع الغردقة والذي تبلغ تكلفتة نحو 100 مليون دولار أمريكي.

وبالنظر إلى الواقع الداخلي لسوق الطاقة المتجددة في سلطنة عمان نجد أن رؤية عمان (2040) ركزت على الاستدامة من خلال الموائمة بين الاقتصاد والمجتمع والبيئة فكان نصيب البحث عن مصادر الطاقة المتجددة من الأهداف الرئيسية في تنفيذ الرؤية. وأشار التقرير الربع السنوي الأول لهيئة تنظيم الكهرباء لعام 2019 إلى ارتفاع إنتاج الكهرباء بنسبة (3.6)% مقارنة بنفس الفترة من عام 2018 مما أعطى مؤشرات إيجابية على إرتفاع الطلب.وبالإضافة إلى ذلك ركزت الاستراتجية الوطنية للطاقة لخطة (2030) أن تكون النسبة المقدرة لإنتاج الطاقة الكهربائية من طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية بحدود (25 - 30%)، فأتت المشاريع وأقيمت الدراسات وكان أخر تلك المشاريع مشروع الطاقة الشمسية في ولايه عبري بقوه (500)ميغا واط وعلى أن يتم البدء في تشغيل المشروع تجاريا في منتصف عام 2021. وحسب الخطط الحكومية فالتخطيط جاري لإقامة أربعة مشاريع تعمل بالطاقة الشمسية بحلول 2025 وبطاقة إنتاجية تصل إلى (500) ميغا واط لكل منها.

ومن المتوقع أن المشاريع القائمة حاليا أو المخطط لإنشاءها سوف تتأثر بأعراض كورونا الفنية أوالمالية وسيكون هنالك تأخر سلبي في تنفيذ أواستلام تلك المشاريع الطموحة مما سيؤخر في تنفيذ الخطط الطموحة لاستراتجية الطاقة الوطنية وسيكون لها تبعات متلاحقة على قطاعات أخرى مرتبطة بها.

لتجنب مثل هذه التوقعات نعتقد بأهمية النظرإلى إيجاد حلول مبتكرة من خلال البحث والتطويرلتلافي مثل هذه التداعيات وزيادة كفاءة الأنظمة الحالية أوالجاري إنشاءها وحث الجهات الحكومية والخاصة على تبنى مشروعات للطاقة مدعومة من الحكومة تساهم وبشكل كبيرفي سد إحتياجاتها من الطاقة مما يجعلها تساهم وبشكل جماعي في تحقيق الاستراتجية الوطنية.

تعليق عبر الفيس بوك