ترجمة- رنا عبدالحكيم
بعد شهرين من الإغلاق شبه الكامل في أجزاء كثيرة من الصين، تعود المؤسسات والشركات إلى العمل، مع عودة مؤشرات مهمة مثل الطلب على الكهرباء والصلب وتصنيع السيارات، والتي سجلت مستويات ليست بعيدة عن وضعها الطبيعي السابق.
وبحسب تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي، يثير هذا سؤالا كبيرا فيما يخص أوروبا والولايات المتحدة، اللتين تعانيان الآن العبء الأكبر من تفشي وباء فيروس كورونا، والسؤال هو: هل يمكنهما تجاوز الربع الحالي والاعتماد على انتعاش اقتصادي سليم في بقية العام؟ وبعبارة أخرى: هل لا تزال الاقتصادات الرئيسية في العالم تمضي على المسار الصحيح لما يُعرف باسم "الانتعاش على شكل حرفV ". لكن يبدو أنَّ معظم التوقعات كارثية للربع الثاني، غير أنه بالنظر إلى الإغلاق الكامل للصناعات- من شركات الطيران إلى المطاعم- فقد تصمد الاقتصادات الكبرى.
إنِّه سؤال صعب، خاصة في الولايات المتحدة؛ حيث يريد الرئيس دونالد ترامب العودة إلى العمل كالمعتاد بعد أسبوعين تقريباً، بعد إجراءات جزئية للحد من الاختلاط الاجتماعي وكبح جماح الفيروس التاجي. وقال ترامب إنه يرغب في تنشيط الاقتصاد وتشغيله مرة أخرى بحلول عيد الفصح، أي في منتصف أبريل، لأنه "وقت جميل"، على حد قوله.
وبالنظر إلى الصين؛ حيث بدأ تفشي الفيروس، فبعد حوالي شهرين من عمليات الإغلاق شبه الكاملة غالبًا، خاصة في مركز تفشي المرض في مقاطعة هوبي، تستأنف الصين عملها تدريجياً وتقترب من المستوى الطبيعي للنشاط، الأمر الذي بدا أنه بصيص أمل يلوح في الأفق.
وشهدت شانغهاي وبكين عودة الازدحام المروري في ساعات الذروة، مع ازدحام الطرق في معظم المدن الكبرى بالمقارنة مع متوسطات العام الماضي. في حين أنَّ الطلب على المواد الصناعية الثقيلة مثل الفولاذ قد عاد بالفعل إلى مستويات 2018-2019. وأعاد معظم صانعي السيارات الكبار في الصين فتح مصانعهم. وتتجه مبيعات المساكن نحو الزيادة على الرغم من أنها لا تزال أقل من مستويات السنوات الأخيرة.
وقال روبين بروكس كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي: "يبدو أنه انتعاش قوي إلى حد ما" من البيانات التي نراها. ويتوقع فريقه انكماشًا حادًا في الناتج المحلي الإجمالي الصيني في الربع الأول، ثم انتعاشًا قويًا في الربع الثاني بحلول النصف الثاني من العام، من خلال العديد من المقاييس، يبدو أن النمو الصيني من المقرر استئنافه. وأضاف: "الرسالة الأساسية هي أن هذا كان انقطاعًا حادًا، ولكن بعد ذلك يجب أن يرتد الناتج المحلي الإجمالي إلى حد ما إلى ما كان عليه من قبل".
إن التعافي الواضح للصين أمر مشجع، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن أوروبا أو الولايات المتحدة يجب أن تتوقع انتعاش اقتصادها بغضون ستة أسابيع أو نحو ذلك. فالبلدان الآسيوية التي لاقت ترحيبا بآلية تعاملها مع تفشي الفيروس، مثل هونج كونج وتايوان وسنغافورة، ناهيك عن الصين، عانت من موجة ثانية من الإصابات (وهي قادمة من الخارج غالبا) بعد وقت قصير من رفع القيود السابقة. وهذا جرس إنذار لبلدان مثل الولايات المتحدة، وألمانيا والمملكة المتحدة، التي تحاول الموازنة بين التكاليف الاقتصادية (والعملية السياسية) للإغلاق، مقابل التكلفة البشرية في حالة الاستئناف الجزئي للنشاط الطبيعي.
غير أنَّ المشكلة الأكبر تتمثل في أنه بينما تعود أجزاء من الصين إلى العمل، فإن جزءًا كبيرًا من الاقتصاد المحلي لا يزال مفقودًا؛ حيث يحد المستهلكون من قدرتهم على الإنفاق، خاصة على السلع باهظة الثمن. وحتى مع خروج الصين من أسوأ تأثير للفيروس، فإن أسواق التصدير الرئيسية وشركاءها التجاريين في أوروبا والولايات المتحدة يتفشى فيها الفيروس، بشكل متزايد، مما يهدد بتعويض أي انتعاش يمكن أن تبدأه الصين.