"فورين بوليسي": الاختبارات الشاملة.. الحل الوحيد لكبح جماح "كورونا"

ترجمة- رنا عبدالحكيم

عندما أبلغت الصين منظمة الصحة العالمية بظهور فيروس "كوفيد-19" في 31 ديسمبر 2019، كان من الواضح أن الحكومة قلقة بشكل خاص من أنه لن يكون من السهل احتواء الأزمة أو إدارتها.

وبحسب تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، فقد قرر رؤساء الدول في جميع أنحاء العالم التخطيط- أو عدم التخطيط- لهذا التفشي بطريقتهم الخاصة. وقلل البعض، مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من المخاطر، بينما تصرف آخرون، مثل الرئيس الكوري الجنوبي مون جايين، في وقت مبكر وحاسم.

وتبرز كوريا الجنوبية كمثال نموذجي؛ فبعد واحدة من أكبر حالات التفشي الأولية في العالم خارج الصين، تمكنت من خفض عدد الحالات الجديدة اليومية دون فرض إجراءات إغلاق صارمة على الصعيد الوطني.

وكان مفتاح نجاح كوريا الجنوبية هو السرعة والدفع المبكر نحو الاختبار الشامل، وتتبع الاتصال الدقيق، والحجر الإلزامي لأي شخص اقترب من حامل الفيروس.

وتختبر الدولة، التي يبلغ عدد سكانها 51 مليونًا، أكثر من 20000 شخص يوميًا في أكثر من 600 موقع اختبار على مستوى الدولة، بينما تدمج التطبيقات التي لا تتبع الأفراد فقط إذا كانت نتائج الاختبار إيجابية، ولكن أيضًا تحذرهم إذا كانوا قد تعرضوا لحالة معروفة.

لكن في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، نشأ جدل حكومي عام وداخلي حول ما إذا كان الاختبار مهمًا أم لا، خاصة لأولئك الذين يعانون من أعراض طفيفة فقط. وحتى 20 مارس، كان معدل اختبار كوريا الجنوبية 6148 لكل مليون شخص، بينما كانت المملكة المتحدة تختبر 960 شخصًا فقط لكل مليون والولايات المتحدة فقط 314.

وهناك 5 أسباب رئيسية تؤكد أهمية الاختبار الشامل.

أولاً: يبدو من المرجح بشكل عام ضرورة أن يعزل الأشخاص أنفسهم إذا تأكدوا أنهم يحملون الفيروس، وتقدم الحكومات المشورة للأفراد لعزل أنفسهم لمدة 7 أو 14 يومًا (حسب البلد) حتى لا ينتشر الفيروس. ومع ذلك، هذا إجراء غير عملي بالنسبة لأولئك الذين لا يمكنهم كسب لقمة العيش إلا من خلال الحضور في العمل والاعتماد على الدخل اليومي، وكذلك أولئك الذين يتساءلون عما إذا كانوا مصابين بالفعل بـ"كوفيد-19" أو لديهم فيروس آخر موسمي ينتشر خلال الشتاء وأوائل الربيع.

ثانياً: لكسر عملية انتقال الفيروس، يحتاج مسؤولو الصحة العامة إلى معرفة مكان الفيروس ومن تعرضوا له، وبالنظر إلى أن بعض الدراسات تقدر أن انتقال المرض دون أعراض يمثل ما يقرب من 50% من الحالات، فإن الاختبار مطلوب للتأكد من أن حاملي الفيروس التاجي لا ينقلونه دون علمهم إلى آخرين. إضافة إلى ذلك، يجب إبلاغ الجهات المعنية بالبدء في إجراءات عزل زملاء المصاب في العمل، أو الأشخاص في نفس المبنى السكني، أو أولئك الذين كانوا في نفس المقاهي أو المتاجر أو القطارات أو الطائرات التي استقلها المصاب.

ثالثًا: بينما تتدافع السلطات المحلية لتخصيص المستشفيات المناسبة التي تحتوي على معدات الحماية الشخصية للموظفين، والمعدات المناسبة مثل أجهزة التهوية والأكسجين والأسرة، وحتى الأفراد، فإنها تحتاج إلى التنبؤ بعدد الأشخاص الذين سيصلون إلى وحدات العناية المركزة في المستقبل. ومن خلال اختبار المصابين بكوفيد-19 في مرحلة مبكرة، والحصول على البيانات المتاحة حول النسبة المئوية من هؤلاء الأشخاص الذين سيحتاجون إلى مزيد من الرعاية في المستشفيات، يمكن للمسؤولين اتخاذ هذه القرارات بناءً على بيانات أكثر دقة حتى تتدفق الموارد بشكل مناسب.

رابعاً: كما أظهرت الصين وكوريا الجنوبية، يمكن أن تصبح أجزاء معينة من الدولة بؤر انتشار تضم عددا كبيرا من الحالات. ويحدث هذا بالفعل في لندن، نظرًا لعدد الأشخاص الذين يصلون إلى المستشفى والذين يعانون من مرض خطير إلى جانب إصابتهم بكوفيد-19. لكن بدلاً من قياس ذلك من خلال النظر إلى عدد الأشخاص الذين يحتاجون حاليًا إلى دخول المستشفى عن طريق الاختبار، يمكن لسلطات الصحة العامة أن ترى أين تظهر البؤر  الجديدة، وداخل تلك البؤر، يتم البحث عن طبيعة نشر العدوى، مثل انتشارها أثناء الصلوات في الكنيسة أو عند تناول الطعام في المطاعم والمقاهي.

وأخيرًا.. تقوم منظمة الصحة العالمية بإعداد تقارير يومية تشير إلى عدد الحالات المؤكدة لكل دولة من أجل تتبع تطور التفشي، لكن دقة هذه الأرقام تعتمد على إجراء الاختبارات بالفعل. وبدون اختبار واسع النطاق لجميع الحالات، بما في ذلك الحالات التي تعاني من أعراض خفيفة أو أولئك الذين يحملون فيروسات بدون أعراض، لن يتمكن أحد من معرفة حجم المشكلة. وثمة فارق كبير إذا كان سجلت دولة 50 حالة، أو 500 حالة، أو 50000 حالة، وبدون أرقام دقيقة، تحاول الحكومات والأطباء مكافحة انتشار العدوى دون معرفة حجم التفشي، أو مصدره.

تعليق عبر الفيس بوك