آمال عريضة على المبادرات المخلصة لدعم جهود الحكومة لتجاوز "كورونا"

خبراء: آن الأوان لمضاعفة جهود المسؤولية الاجتماعية.. ومسؤولية وطنية كبرى على عاتق كبار رجال الأعمال

...
...
...
...
...

 

◄ البلوشي: المسؤولية الاجتماعية واجب وطني والتزام أخلاقي وليست منة

◄ الرشيدي: المبادرات الاجتماعية ستسهم في تجاوز أزمة كورونا وعلينا أن نتكاتف جميعًا

◄ الرواس: نطالب اللجنة العليا بإنشاء صندوق لاحتواء المبادرات المجتمعية

◄بطاينة: على المؤسسات الخاصة تخصيص جزء من أرباحها للمسؤولية الاجتماعية

 

الرؤية- مريم البادية

أطلق عددٌ من رجال الأعمال والتجار الصغار مبادرات مجتمعية نوعية تدعم جهود الحكومة في محاربة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" ، وذلك لتؤكد على دورها الوطني والتفاعل التضامني لتجاوز التحديات وكذلك تأكيداً على مفاهيم المسؤولية الاجتماعية وظهور الحس الوطني والإنساني.

الدكتور حامد بن عبدالله البلوشي، مستشار في الاستدامة والمسؤولية المجتمعية، قال إن الاستثمار الاجتماعي مبني في الأساس على علاقة تشاركية بين القطاع العام والخاص والمجتمع المدني، تحكمها الشفافية والمصداقية والإنجاز، فالاستثمار في دعم المجتمع سوف يكون له مردود كبير على المستثمر وعلى المجتمع بشكل عام.

وأشار البلوشي، إلى أنَّ إشراك شرائح المجتمع المحلي في تنفيذ آلية أو تنظيم مؤسسي محلي، لمختلف مجالات التنمية الشاملة، ويتم من خلال هذه الشراكة توزيع الأدوار والمسؤوليات بدقة بين الأطراف، والاستفادة من المزايا النسبية لكل طرف، وذلك في إطار علاقة واضحة تحترم قواعد الشفافية والمحاسبية.

وتابع البلوشي أن قناعة الشركاء للعمل تنطلق معًا برؤية مشتركة من خلال علاقة قانونية منظمة وواضحة أساسها المصداقية والثقة بين الشركاء والتعاون المستمر في عملية اتخاذ القرار وما يترتب على ذلك من اتفاقيات تتكامل بموجبها الأدوار وتتضح من خلالها المسؤوليات ويلتزم كل شريك اتجاه الآخر نحو تحقيق هدف عام ومنفعة متبادلة.

وقال البلوشي، إن المسؤولية المجتمعية ليس كما يفسرها البعض بمفهومها الضيق بأنها منة وفضل على المجتمع تقتصر على تبرعات ورعاية مؤتمرات ومناسبات بل هي أشمل وأوسع فهي واجب وطني والتزام أخلاقي وواحدة من دعائم الحياة المجتمعية العصرية الهامة ووسيلة من وسائل تقدم المجتمعات، حيث تقاس قيمة الفرد في مجتمعه بمدى تحمله المسؤولية تجاه نفسه وتجاه الآخرين ويكون لبنة في نهوض ورقي مجتمعه، ذلك أنَّ نهضة أي مجتمع إنما هي مجموع ما يقوم به أفراد هذا المجتمع من جهد وعلم وبذل وعطاء.

وأشار البلوشي إلى أنَّ الظرف الاستثنائي الذي يمر به العالم اليوم في مواجهة خطر انتشار فيروس كورونا، أبرز لنا أهمية أن تعمل الدول على بناء نظام مؤسسي يعمل على تعزيز مفهوم المسؤولية المجتمعية في المؤسسات والشركات والمجتمع بشكل عام لأنه يمثل صمام الأمان في مواجهة مختلف التحديات.

وذكر  البلوشي أنَّ التاريخ القديم والحديث يشهد للسلطنة على مواقف عظيمة لأبناء المجتمع العماني الذين لم يتوانوا في أداء الواجب وقت الأزمات والتحديات، وسأستشهد هنا بتجربة السلطنة في التعامل مع ظاهرة الأنواء المناخية التي تعرضت لها مؤخرا وكيف تداعى العمانيون من كل مناطق السلطنة ووقفوا صفا واحدا ويدا واحدة ورسموا صورة ولوحة في غاية الروعة والجمال في التضحية والفداء والنجدة والنخوة، الأمر الذي خفف من حجم المُعاناة وحال دون وقوع خسائر بشرية كبيرة في الأرواح ووقف العالم مدهوشا ومذهولا بهذه التجربة العمانية.

وقال  البلوشي، إننا اليوم في السلطنة كغيرنا في مختلف دول العالم نواجه جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19) وكلنا ثقة بكافة أبناء الوطن الذين عودونا على رد الجميل وأداء الواجب قبل الطلب كل على قدر استطاعته وموقعه المهني في الحياة. فالسلطنة لم تبخل في يوم من الأيام على أحد منهم، ورد الجميل لها وللمجتمع هو أقل من الواجب، فالعلاقة بين الوطن وأبنائه مبنية على  الولاء والانتماء  والفكر الإيجابي وحسن الظن، وهذه من أساسيات التنمية المستدامة التي تبنى عليها العلاقة بين قطاعات المجتمع المختلفة.

وأضاف البلوشي، أن الشركات والبنوك وأصحاب الاستثمارات، استفادوا كثيراً من الدعم الحكومي على مدى عقود، ولا يمكننا أن ننكر وجود مساهمات من عدد من الشركات ضمن نطاق مسؤوليتها المجتمعية لكنها تبقى محدودة ومقتصرة على شركات معينة. لذا فإن المسؤولية مشتركة بين الطرفين (القطاع الحكومي والقطاع الخاص).

وأوضح البلوشي أن الحكومة يجب أن تكون مستعدة لطرح ما لديها من تحديات اجتماعية متعلقة بالأزمات والظروف الخاصة، ومن ثم العمل على خلق بيئة جاذبة للقطاع الخاص من أجل تبني المبادرات الإيجابية التي من شأنها مواجهة تلك التحديات، فالقطاع الخاص ثقتنا به كبيرة وعليهم مسؤولية عظيمة للقيام بالدور المتوقع منهم خلال هذه الفترة الحرجة، لذا على الحكومة أن تكون لديها الجاهزية الكافية لتقديم مبادرات مدروسة وواضحة وعلى الشركات تبني هذه المبادرات ودعمها بالتنسيق مع الجهات الحكومية.

وأقترح البلوشي على الجهات المختصة الإعلان عن  المبادرات المطلوب دعمها والأولويات حسب كل مرحلة وطرحها على رجال الأعمال، أو أن يتم إنشاء "صندوق وطني" أو "صندوق المسؤولية المجتمعية" يتم دعمه من القطاع الخاص والشركات ورجال الأعمال ويتم الاستفادة منه في الحالات الاستثنائية الطارئة.

 

وعن غياب المبادرات المجتمعية للشركات يرى البلوشي، أن هناك أكثر من سبب محتمل أهمها غياب الإطار المؤسسي الحكومي الذي يشرف وينظم عمل المسؤولية المجتمعية لشركات القطاع الخاص بمختلف مبادراتها، مؤكدًا أنَّ هناك جهودا عشوائية مبعثرة لأن المصالح تتضارب والأولويات تختلف من شركة لأخرى وخاصة في ظل عدم وجود ثقافة المسؤولية الاجتماعية بمعناها الحقيقي لدى بعض الشركات لذلك فهي بحاجة إلى رؤية واضحة وبرنامج عمل وخطة تنفيذية مبنية على مسح ميداني لاحتياجات وأولويات الفئات المستهدفة من المجتمع في مختلف الظروف.

من جانبه قال فيصل بن حمود الرشيدي عضو اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى وممثل ولاية بركاء، إن الاستثمار الاجتماعي من أهم عوامل نجاح الدولة إذا تم استثماره بالطريقة الصحيحة الفعَّالة وهو بلا شك يولد علاقة وثيقة بين المجتمع والشركات التي تعمل في محيطه .

 

 وأضاف الرشيدي، أن الحل الوحيد في ظل الأوضاع الحالية من تأثر الاقتصاد بسبب انخفاض النفط وتفشي فيروس كورونا هو إطلاق مبادرات اجتماعية بالتعاون مع الدولة جنباً الى جنب وسيسهم في دعم جهودها وسيؤثر تلك المساهمات والمبادرات إيجاباً في تجاوز هذه الأزمة والذي لا يتأتى إلا بتضافر الجهود بين رجالات الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال والدولة للخروج بأقل الخسائر وسيدعم الجوانب الصحية والمالية.

ودعا الرشيدي، رجال الأعمال والمؤسسات الكبرى للتنسيق المباشر مع وزارة الصحة لمعرفة مستلزمات الجانب الصحي والوقائي المطلوب توافره في هذه المرحلة والعمل على توفيره، وأثنى توجه أعضاء مجلس الشورى في المبادرة التي قاموا فيها لمساندة الحكومة في هذه الأزمة.

وأشار الرشيدي إلى أهمية وجود صندوق وطني لدعم التوجه نحو المبادارت، كما أنَّ مسؤولية رجال الأعمال والشركات الكبرى مسؤولية اجتماعية عظمى للخروج من هذه المحنة، ويجب عليهم ألا ينتظروا الحكومة ويطلقوا مبادرات، فالآن أصبح وقت التضحية وتقديم الدعم للخروج بأقل الخسائر قدر الإمكان.

 

بدوره طالب الشيخ عبدالله بن سالم الرواس، رئيس المؤسسة الدولية للتنمية المستدامة والسفير الدولي للمسؤولية المجتمعية اللجنة العليا بإنشاء صندوق لاحتواء المبادرات المجتمعية، مؤكدًا أنَّ هناك الكثير من رجال الأعمال الكبار وشركات كبرى لديهم توجه لدعم الحكومة ولكن بعد أن يكون هناك صندوق يؤمن مبادراتهم.

 وقال الرواس، إنَّ كل من يبادر بالدعم هي فقط على منصات التواصل الاجتماعي ولا توجد حاضنة لاحتوائها وتنظيمها، والشركات مقبلة على أزمة اقتصادية، وهناك تجار لديهم أموال وفائض أكثر من أصحاب الشركات الكبرى.

أما لؤي بديع بطاينة الرئيس التنفيذي لشركة أوبار للاستثمارات المالية، فقال إنَّ الشركات لديها مسؤولية كبيرة نحو المجتمع، وهذا لا يعني فقط الدعم المالي بل إنما يكمن بدورهم في المسؤولية الاجتماعية من خلال تعزيز الوعي.

وذكر بطاينة أن السلطنة مرت بالكثير من الأزمات في السنوات السابقة، وكان دور المؤسسات في القطاع الخاص ملحوظا ومهما، لذا يجب أن تكون لها دور في هذا الجانب وليس فقط لتوريد رسالتها الربحية، بل المجتمعية كذلك.

وأضاف أنَّه يجب أن يكون هناك تبادل مشترك بين الحكومة وهذه المؤسسات، كما أنها مطالبة بتخصيص جزء من أرباحها وذلك وفق المسؤولية المجتمعية التي تسير عليها مؤسسات القطاع الخاص.

وأوضح بطاينة أنَّ الشركات تُعاني من تأثيرات جائحة فيروس كورونا، فهي لديها الآلاف من الموظفين، ولكن من جهتها تساند الحكومة من خلال الدعم المجتمعي الذي يكمن في تعزيز الوعي.

تعليق عبر الفيس بوك