السياحة الرياضية في عمان بين الواقع والطموحات

 

شروق بنت أشرف الهنائية

معلمة رياضة مدرسية

تحظى السياحة في الوقت الحالي باهتمام كبير في معظم دول العالم، كونها موردًا اقتصادياً مهماً، حيث تعتبر إحدى وسائل المساهمة في التنمية الوطنية الشاملة. ويمكننا أن نعرف السياحة على أنها مجموعة من الأعمال والوظائف التي تخدم السياح وتساهم في توفير أماكن إقامة. وتُوجد عدة تصنيفات للسياحة والتي يتم تصنيفها وفقًا لطبيعة الأنشطة الممارسة فيها والتي تتنوع بين سياحة دينية، وثقافية، وبيئية، ورياضية. ولوحظ في العقود الثلاثة الأخيرة تزايد الاهتمام بالسياحة الرياضية كأحد الأنشطة السياحية التي تركز الدول على رعايتها وتطويرها، ويتضح ذلك أيضاً في تنافس الدول على استضافة أحداث رياضية سياحية كمنافسات كأس العالم لكرة القدم والألعاب الأولمبية. وقد صحبته دوافع فلسفية ومهنية ضاعفت من أثر الرياضة على نمو الاقتصاد العالمي وزيادة اهتمام المجتمعات البشرية بها على نطاق العالم. وتهدف السياحة الرياضية إلى إشباع حاجة الفرد لممارسة الرياضة المفضلة إليه، أو مشاهدة أنواع الرياضات التي تتناسب وطبيعة مناخ البلد الذي يزوره، سعياً إلى جذب أكبر عدد من السائحين بغرض المشاركة في مختلف المناسبات أو البطولات الرياضية.

عند الوقوف على مقومات السياحة الرياضية في عمان فإننا لن نحتاج إلى مرآة مُكبرة لنكتشفها، ولا تدع الطبيعة العمانية مجالا للشك في ما يمكن أن تقدمه لهذا الجانب السياحي أو ما يمكن أن نصنعه منها، ناهيك عن الإرث التاريخي الذي يمكن الاستناد عليه للجذب السياحي، علاوة على الأمن والاستقرار الذي تتمتع به السلطنة والذي يعد دافعا هاما آخر. فقد نجح موسم سباق الدراجات الهوائية (طواف عمان) الذي يقام كل عام بدءاً من عام 2014م، في جذب أفضل راكبي الدراجات الهوائية وفرقها في العالم، وقد أصبح علامة هامة لموسم السباقات في المنطقة. بالإضافة إلى بطولة عُمان للراليات والتي تستقطب هواة سباق السيارات والتي أقيمت في مدينة سندان الصناعية بحلبان. كما أن مؤسسة الموج للجولف التابعة لمشروع الموج، ونادي غلا للجولف، ومُرتفعات مسقط للجولف تكرس اهتمامها برياضة الجولف وتعمل على تسخير المنطقة لتصبح أحد المقومات الجاذبة للسياح وذلك لمشاركة السياح وحضورهم لمتابعة البطولات التي تقام عليها. وعند التحدث عن مشروع عمان للإبحار والذي يستقبل السياح من أرجاء العالم للمشاركة في فعاليات أسبوع المصنعة للإبحار الشراعي المُقام في المدينة الرياضية بولاية المصنعة، فإننا نتحدث عن المدينة التي تستقطب الكثير من الأحداث الرياضية السياحية البحرية على الصعيدين الإقليمي والدولي.

عطفاً على هذه المقتطفات المذكورة فإننا نمتلك الكثير من المقومات السياحية الرياضية التي تساهم في دعم النمو الاقتصادي، إلا أننا نفتقر إلى استثمار المقومات الطبيعية كالتضاريس والموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي يجعل السلطنة مركزاً سياحياً ضخماً، وعلى سبيل المثال فإنَّ السلطنة تمتلك العديد من الجزر والشواطئ التي تحتوي على 11 موقع غطس مختلف، وأيضاً امتلاكها لسلسلة صخرية تجعلها تجذب متسلقي الجبال الهواة والمحترفين لممارسة رياضة تسلق الجبال ورياضات المغامرة الأخرى. إلا أن ضعف الروابط المشتركة للجهات المختصة في الشأن الرياضي السياحي تجعلها تقلل من ازدهار السياحة الرياضية في السلطنة، بالإضافة إلى عدم اهتمام السلطنة بالتخطيط لهذا الجانب الهام، واستقدام مختصين مؤهلين لعمل دورات تدريبية في إدارة السياحة الرياضية، وعدم إرسال كوادر بشرية إلى الدول المتفوقة في مجال السياحة وتأهيلها لكي تُساعد في التخطيط المستدام للسياحة الرياضية. ناهيك عن ضعف أساليب التسويق كالدعاية والإعلان والبث التلفزيوني والترويج للبطولات والمهرجانات، إضافة إلى التسويق الإلكتروني والدور الهام الذي يلعبه في عملية الترويج للسياحة الرياضية. كل ذلك يؤكد على عدم وجود خطة مستقبلية مرسومة وواضحة لمستقبل السياحة الرياضية في السلطنة.

في نهاية الأمر إن المقومات التي تمتلكها السلطنة قادرة على استثمار السياحة الرياضية بشكل فريد ومستدام، ولكنها تواجه العديد من الصعوبات والتحديات والتي يجب التغلب عليها للوصول إلى مستوى مرموق ينافس الدول العربية الأخرى المزدهرة في هذه الناحية. ومن هنا تأتي أهمية دراسة جدوى إقامة مشاريع سياحية رياضية وكيفية الاستفادة منها أثناء وبعد انتهاء الأحداث الرياضية. وفي نفس السياق فإننا نطمح مستقبلاً إلى العمل على استثمار المقومات الطبيعية والبشرية من أجل الارتقاء بالسياحة الرياضية، وعدم إهمال أهمية سياسات الخصخصة في إقامة المشاريع وخاصة الكبيرة منها، بالإضافة إلى فتح مجال أوسع للاستثمار الأجنبي داخل السلطنة من خلال إقامة مشاريع رياضية سياحية والتي تصب جميعها في التنويع الاقتصادي للبلد.

 

تعليق عبر الفيس بوك