ترجمة- رنا عبدالحكيم
اعتبرت وكالة بلومبرج الإخبارية أنَّ قرار روسيا بعدم السماح بمزيد من الخفض في إنتاج النفط، يُمثل ضربة البداية لحرب يشنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على النفط الصخري الأمريكي.
وفي تقرير موسع للوكالة الإخبارية، فقد شارك ألكساندر نوفاك وزير الطاقة الروسي في اجتماع منظمة أوبك بفيينا، وفي يقينه أن بوتين مستعدٌ لقلب سوق النفط العالمية رأسًا على عقب. وأخبر نوفاك نظيره السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان أن روسيا لا ترغب في مزيد من الخفض لإنتاج النفط. وقرر الكرملين أن دعم الأسعار مع تأثير فيروس كورونا على الطاقة سيكون بمثابة "هدية" لصناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة؛ إذ حان الوقت للضغط على الأمريكيين.
وبعد خمس ساعات من المفاوضات المهذبة لكن غير المُثمرة، وضعت فيها روسيا استراتيجيتها بوضوح، انهارت المحادثات وأعلن عن فشل التوصل لاتفاق جديد بشأن الخفض. وعلى إثر ذلك هوت أسعار النفط بأكثر من 10%، ولم يكن فقط التجار الذين تعرضوا للصدمة، فقد أصيب الوزراء بصدمة عنيفة بعدما سمعوا الرد الروسي، و"لم يعرفوا ما يقولونه"، وفقًا لمصدر مطلع على الاجتماع.
ولأكثر من ثلاث سنوات، أبقى الرئيس فلاديمير بوتين روسيا داخل مجموعة "أوبك بلاس"، متحالفا مع المملكة العربية السعودية والأعضاء الآخرين في منظمة الدول المصدرة للنفط للحد من إنتاج النفط ودعم الأسعار. وعلاوة على مساعدة خزينة روسيا (صادرات الطاقة هي أكبر مصدر لإيرادات الدولة) حقق التحالف مكاسب في السياسة الخارجية، وخلق علاقة مع زعيم المملكة العربية السعودية المرتقب، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
لكن "أوبك بلاس" ساعدت أيضاً صناعة الوقود الصخري في أمريكا، وكانت روسيا غاضبة بشكل متزايد من رغبة إدارة ترامب في استخدام الطاقة كأداة سياسية واقتصادية. وكان بوتين منزعجا بشكل خاص من استخدام الولايات المتحدة للعقوبات لمنع استكمال خط أنابيب يربط حقول الغاز في سيبيريا بألمانيا، والمعروفة باسم "نورد ستريم 2". واستهدفت واشنطن أيضاً أعمال شركة روسنفت الروسية المنتجة للنفط في فنزويلا.
وقال ألكسندر دينكين رئيس معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية في موسكو، وهو مركز أبحاث تديره الدولة: "لقد قرر الكرملين التضحية بأوبك بلاس لوقف منتجي الوقود الصخري في الولايات المتحدة ومُعاقبة الولايات المتحدة للتلاعب بنورد ستريم 2". وأضاف "بالطبع، قد يكون إغضاب المملكة العربية السعودية أمرًا محفوفًا بالمخاطر، لكن هذه هي إستراتيجية روسيا في الوقت الراهن، هندسة مرنة للمصالح".
ولم تكن صفقة أوبك بلاس تحظى بشعبية على الإطلاق لدى الكثيرين في صناعة النفط الروسية، الذين استاءوا من الاضطرار إلى كبح الاستثمارات في المشاريع الجديدة والمربحة. وشعر الكرملين بخيبة أمل من أن التحالف مع الرياض لم يثمر عن استثمارات سعودية كبيرة في روسيا.
ولعدة أشهر، كان نوفاك وفريقه يخبرون المسؤولين السعوديين بأنهم أحبوا أن يكونوا في تحالف أوبك بلاس لكنهم كانوا مترددين في تعميق التخفيضات في الإنتاج، وفقًا لأشخاص مطلعين على العلاقة. وفي اجتماع أوبك الأخير في ديسمبر، تفاوضت روسيا على موقف سمح لها بالحفاظ على الإنتاج مستقراً إلى حد ما بينما تحملت المملكة العربية السعودية تخفيضات كبيرة.
ومع انتشار فيروس كورونا وتوقع المحللين أسوأ عام بالنسبة للطلب على النفط منذ الأزمة المالية العالمية، كان المعسكر السعودي يأمل في أن يقنع موسكو خلال اجتماع أوبك بأهمية الخفض. ولم يستبعد الروس التخفيضات الكبيرة، لكنهم طالبوا بمعاملة منتجي الوقود الصخري بالمثل.
وعندما اجتمع الوزراء في فيينا هذا الأسبوع، بذلت المملكة العربية السعودية جهدًا أخيرًا لإجبار روسيا على الخفض، ونجحوا في إقناع مجموعة أوبك الأساسية بدعم خفض الإنتاج الكبير بمقدار 1.5 مليون برميل يوميًا، لكنهم رهنوا الأمر بانضمام روسيا ودول أوبك الأخرى، ورفض نوفاك أن يتزحزح عن موقفه.
وفكَّر ولي العهد السعودي في مُقابلة بوتين يوم الجمعة، بحسب مصدر مطلع أخبر بلومبرج. لكن المتحدث باسم بوتين أوضح أنه ليس لديه خطط لعقد مقابلات. وبالنسبة لوزراء النفط في البلدين، لم تتولد فيما بينهم علاقة تضامن، وقالت مصادر إنهم لم يتبادلوا ابتسامة واحدة.
وفي المملكة العربية السعودية؛ حيث تعتمد الحكومة بالكامل تقريبًا على النفط لتمويل الإنفاق الحكومي، سيكون التأثير الاقتصادي فوريًا.
ولا تزال العلاقات بين وزارتي الطاقة في السعودية وروسيا ودية، ولا تزال الآليات الدبلوماسية لمجموعة أوبك قائمة، مما يبقي الباب مفتوحاً في حال قرر الجانبان العودة للتفاوض، فقد أخبر نوفاك نظراءه أن أوبك بلاس لم تنته بعد.