بلدية ظفار ومبدأ إشراك المجتمع

علي بن سالم كفيتان

انتهجتْ بلدية ظفار خطًّا جديدًا لإشراك المجتمع فيما تعتزم القيام به من أعمال تطوير أو حتى أفكار لتجويد أداء الخدمات المقدمة للجمهور؛ من خلال تبنِّي استطلاعات الرأي عبر منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فبالأمس القريب قامت البلدية بطرح استطلاع عن الآلية التي يراها الجمهور مناسبة لتطوير السوق المركزي بصلالة، ووضعت خيارات الترميم أو إعادة البناء أو النقل لموقع آخر يكون أكثر ملاءمة.. وتعدُّ هذه سابقة حميدة في تحسُّس رأي الناس والأخذ بآرائهم، ووضعها موضع التنفيذ عند القيام بعمل يمس العامة، وتكون له آثار مختلفة على جميع شرائح المجتمع.

وكمُهتم بالشأن الوطني، رأيت في ذلك بارقة أمل وشعاعًا تنويريًّا يجب الإشادة به والتشجيع على استمراريته؛ فرؤية عمان 2040 وضعتْ رضا المجتمع شرطا أساسيا للاتفاق على أركانها الرئيسية وخطط سير عملها؛ وبهذا فإنَّ بلدية ظفار تُترجِم رؤية الإستراتيجية على أرض الواقع بهذا النهج الحديث والشفاف مع المجتمع، وإن كان لي من رأى في هذا الأمر، فإنني أرى القيام بأعمال تطوير وترميم على السوق المركزي الحالي عبر إضافة تصاميم معمارية وتجديد منصات بيع اللحوم والأسماك والخضار والفواكه بأسلوب ينتهج الحداثة، ولا يخلو من لمسات الأصالة؛ فالموقع مناسب مهما تطورت المدينة وازدحمت؛ فمثل هذه الأسواق تكون في قلب المدن وتضيف ميزة حضارية وسياحية للمدينة، فيشعر الزائر بزحمة الناس ووفرة العرض ونظافة المعروض الطازج، ورخص الأسعار، ويدعم هذا التوجه عدم قيام مشروع تطوير الحافة إلى الآن، وكذلك النية لإعادة النظر في مطاعم اللحم في أتين، وتعطيل قيام سوق الجملة للخضار والفواكه؛ مما يعني أنَّ صلالة لن تحتمل المغامرة بهدم وإعادة بناء موقع يذهب إليه أي سائح يزور المحافظة، ويشكل المتنفس الأخير لمن أراد أن يرى صلالة؛ حيث تجد كبار السن يفترشون الأرض يبيعون سلعهم اليومية، وآخرون يتحلَّقون للحديث اليومي؛ فتجد الأجانب مذهولين بالتجوال والتقاط الصور الصباحية للحوم وفي المساء للأسماك، ومع ذلك نحن مع التطوير على الواقع بعيدا عن سياسة الاجتثاث دون وجود البديل.

كما قدمت البلدية استطلاعًا آخر عن الفقرات أو الفعاليات التي يراها الجمهور هي الأجدر والأفضل في مهرجان صلالة السياحي القادم، ومن هنا نستشفُّ أهمية رأي المجتمع لتطوير مهرجان صلالة السياحي، وما هي الفعاليات التي يجب التركيز عليها ومنحها الاهتمام الأكبر؛ كونها تسعد المرتادين، وتُسهم في تقديم صورة أكثر حضارية لمهرجان أصبح ينافس أكبر الملتقيات السياحية في منطقتنا، مدعوما بالاعتدال المناخي لمحافظة ظفار أثناء الصيف، ومن هنا نقول بأن معظم المناشط والفعاليات التي يقدمها المهرجان هزيلة ولا ترقى لحدث يرتاده عشرات الألوف من البشر، وأقترح أن تقوم بلدية ظفار مع وزارة السياحة بطرح مزايدة للشركات العالمية المتخصصة في صناعة السياحة، لتقديم عروضها حول أفضل المشاريع السياحية التي تعمل على جذب الزوار وإبقائهم لفترات أطول في المحافظة، ولسنا مع سياسة ترقيع المناشط القائمة؛ كونها لا تحمل جديدًا، بل هي نسخة مكررة كل عام مع بعض الاجتهادات غير المدروسة جيدا، والتي تأتي بنتائج عكسية للأسف، ومشروع المناطيد كان خير مثال على ذلك.

وفي السياق ذاته، نتمنى أن تمنح رئاسة البلدية كاملَ الحرية في اختبار فريق عملها للمستقبل وعدم محاصرتها؛ فلا يمكن أن ينجح أي فريق عمل يتم فرضه أو تسميته بناء على حصص أو تصورات لا تمت للعهد الجديد بصلة؛ فلنترك لسعادة الدكتور كامل الحرية لاختيار فريقه لقيادة المرحلة المقبلة، ولنحاسبه فيما بعد؛ لأن إطار المحاسبة يقوم على نهج الاختيار الحر لفريق العمل، وثقتنا كبيرة بأن سعادته سيُعمل العقل والكفاءة والحس الوطني بعيدا عن التدخلات الفوقية لفرض أسماء دون غيرها، ونحن نترقَّب تشكيلة شابة وكفؤة، بعيدا عن تدوير الأسماء وتفصيل المسميات على الوجاهات الاجتماعية بالمحافظة.. فهناك هدف أسمى هو الوطن.