فاطمة الحارثية
عالم اقتصادي خالٍ من الانتكاسات، في نمو وازدهار يوفر للناس كافة احتياجاتهم في انسجام وتوافق مع الإعمار والاستقرار للأرض ومن عليها، حلم متوفر العناصر يحول بينه وبين الواقع عزم الانسان وتمكنه من تطويع تلك العناصر بدهاء وذكاء وعلم.
المتابع لمخرجات العولمة سيجد أن اندماج الايدلوجيات الاقتصادية والفكرية أوجد مساحة من المنافسة اللحظية أي السعي نحو اشباع حياة واحدة في بعد غير منسجم مع ديمومة الاستقرار الاقتصادي وتوازنه، بمعنى أنه لم يستوفي متطلبات استقرار الأجيال القادمة من منافع الإنتاج وعوائد الاقتصاد، مما قاد إلى خلق مفهوم التنمية المستدامة بعد ان سقطت دول اقتصادية كانت شامخة لحيوات مضت.
اعتمدت المؤسسات التوجيهية عناصر التنمية المستدامة مجانبة الانسان ومحيطه وأسباب بقائه في مثلث البيئة، المجتمع، الاقتصاد، نظريات وتجارب وحقائق لتغذية الاستقرار لحياة البشر وتلبية أسباب بقائه. وهذا النشاط لم يكن كافيا لسد فجوات النقص لتظهر وتتبلور توجهات فكرية عن استحداث عناصر أخرى على هيئة مدن ذكية والتي تدور في ذات القالب بصورة أوسع لتشكل مثلث الحكومة والمواطنون والمشاريع، بيد أن ثمار كل تلك التجارب لم تصل لحيز النتائج المحسوس.
إن المحلل لمجريات تلك النظريات ومحاولات التطبيق يجد أنها ذات محتوى متشعب كونها تحاول ان تحتوى التصور الكبير كحل سريع دون مراعاه خطوات النمو التصاعدي. ربما لو تم النظر اليها على انها إنشائية وليست فقط تكاملية قد تكون النتائج اكثر تحقق، فنواة كلا التوجهين لم يبزغ الى الان فنحن البشر ننظر الى العلياء قبل ان ندرك ان ثمة خطوات لابد من اقتفائها لنصل الغايات العليا بثبات، وهي نظرية (أقول نظرية لأنها لم تجانب التجريب الى الان)؛ إذ اعتقد أن هذه النواه التي لها أن تحاكي وتغزل تلك المحاولات هي الشركات والمؤسسات الذكية وأخال أن عناصر المؤسسات والشركات الذكية هي الحوكمة (الإدارة)، والموظفين، والعمليات، وربما أبالغ لكن لكل وجود لا بد من مُوجد ومجرب ومؤكد.
بحثت جاهدة عن تجارب تطبيق نظرية المؤسسات والشركات الذكية عبر منافذ البحث الالكتروني وغيرها من المصادر المقروءة من مراجع اقتصادية ولم أجد تجربة حقيقية مستقلة، فمعظم الضئيل الموجود متصلة بعمليات المدن الذكية.
إذا تخيلنا الامر بتصور نظري مقبول وقابل للتطبيق، فإلى أي مدى قد تحتاج آليات التطبيق الى تجدد وهل بالإمكان خلق تجدد تلقائي بما يتناسب مع مستجدات الحياة المعاصرة مثل مواكبة طفرات التكنولوجيا دون الاخلال في مؤشر الأداء العام لتلك المؤسسات والشركات الذكية؟
إن نظرنا إلى المؤسسة أو الشركة الذكية كنواة تكامل محيط المدن الذكية في انسجام مع التنمية المستدامة، ربما نستطيع بالفعل إيجاد عالم اقتصادي خالٍ من الانتكاسات يعود على الأجيال القادمة بالمنافع المرجوة وتؤتي المحاولات الكثيرة المختلفة ثمارها.
جسر...
التغيير يحتاج إلى جسارة وحكمة وصبر، كما إن التغيير كان وسيبقى جزءا من حلم أو خيال شخص ما، ويبقى الأمر بين أيدينا إذ ارتأينا استنزاف الموارد لحيوات قائمة أو الاستفادة من الذكاء الصناعي بالشكل الأمثل لحيوات مقبلة.