المعتصم البوسعيدي
تُعرَّف السطوة بالتأثيرِ وبالكثرةِ وحتى بالبطشِ الشديد، ويُمكن الحديث عنها من خلالِ كتاب (48 قانوناً "قاعدة" للقوة "السطوة") لمؤلفهِ روبرت جرين، هذا الكتاب الزاخر بالحديثِ عن السطوةِ وقصصِها، رُبما يُشكلُ الحقيقة التي نحنُ عليها في الرياضةِ بشكلٍ عام، كما الحال في المجالاتِ الأخرى.
هُنا في رياضتِنا العُمانية يبدو إن السطوة تعيشُ فورة لا يُغالِبها عليها أحد، لكنها ــ وللأسفِ الشديد ــ السطوة السلبية في أغلبِها؛ لأن النتائجَ تفرضُ علينا هذا الاعتقاد، والعبث بمُقدراتِ الرياضةِ يُحيلنا لهذا الظن، والرجلُ المناسب ليس في المكانِ المُناسب يقودنا لهذهِ الفكرة، بل تبلغُ السطوةُ أوجهها حين نستحضر هموم رياضتنا ذاتها بالأمسِ واليومِ والغد ولا خلاصٌ حتى تصيرُ قناعةً باستحالةِ تطورها والكلام اشبه "بالنفخِ في قربةٍ مثقوبة".
يذكرُ روبرت جرين في القاعدة (11): "تعلم أن تحتفظ باعتماد الآخرين عليك" ويبدو ان هناك من قرأ هذه القاعدة وطبقها، فنجد هناك حاجةٌ مُلحة لهؤلاء الأشخاص الانتهازيين على مبدأ اعتمد عليَّ لتبقى، فتتداخل المصالح مع بعضها وتغيبُ المصلحة العامة، وهذا ما تؤكده القاعدة (13): "لا تُناشد في الناسِ العطف، أو رد الجميل، لكن استدرجهم بمصالحِهم" فالاستدراج مطليٌ بمظهرٍ مثالي وجوهرٍ مُختلف، لكنه يؤدي الغرض منه "والغايةُ تبرر الوسيلة".
في هذهِ السطوة لا بد من بصيص أمل، لعلَّ أكثرها ما ذكرته القاعدة (39) في كتابنا المذكور سلفاً والتي يُمكن أن تعطي الفرصة الذهبية لمن سيقود التغيير الحقيقي "حرك الماء الراكد لتدخل الأسماك في شباكك" هذا الأمر سيسمح برؤيةِ الأخطاء المُرتكبة بصدق ومن يفتعِلها، ويمنحُ السطوة لمن يستحقها، وحتى يُمكن التخلص من هذه الأسماك التي لا حاجة للرياضة منها، يضع لنا روبرت جرين القاعدة (44) والمُتمثلة بتطبيق استراتيجية "المرآة" التي ستعمل على انعكاس تشويههم للرياضةِ في أنفُسِهِم، فيعتزلونها هرباً وفزعا.
قد يتساءلُ القارئ عن المقصودين هنا، واعتقد مشاهدة ما يدور في عالمِ رياضتنا بشاشةٍ واضحة، سيجعل من الجميعِ يرى هذا العالم المُجرد من ناسهِ وجمالياتهِ وبضاعتهِ الثمينة، وما يزيد "الطين بله" غرقنا في القاعدة (47) "لا تتجاوز ما خططت له، تعلم أن تكبح حماسك عند الانتصار" بالرغم ان انتصاراتنا بسيطة لكننا سرعان ما يصيبنا الغرور "وتأخذنا العزة بالإثم" وحينما نتدارك غفلتنا يكون "الفأس وقع في الرأس" فتبكي على خسارتنا "مالطا بعد خرابها".
إن "معرفة الشيء جزء من تصوره" لذلك استقرائي لواقع الرياضة العُمانية من خلال هذا الكتاب وقواعده، وضع لي هذا التأويل القابل للصحة كما هو للخطأ، لكنني استشهدُ هنا باستهلالِ المُدهش الشاعر محمد عبد الباري في قصيدته الرائعة "ما لم تقله زرقاء اليمامة" "شَيءٌ يُطلُّ الآنَ مِنْ هذي الذُّرى.. أحتاجُ دَمعَ الأنبِياءِ لِكَيْ أَرَى / النصُّ للعرَّافِ والتّأويلُ لِيْ.. يَتَشَاكَسَانِ هُنَاكَ قَالَ، وفَسّرَا" وحتى نتخلص من السطوةِ السلبية على رياضتِنا لا بد من سطوةٍ إيجابيةٍ تمنحنا التأثيرِ وترك الأثر في المجالِ الرياضي الذي أصبح الوسيلة الناجحة لاستثمار طاقات الشباب وبناء المجتمعات.