بعد المأساة المروعة.. مساعدة الأطفال الأكراد على تخطي الصدمات النفسية

ترجمة- رنا عبدالحكيم

لا يزال الآلاف من ضحايا حكم تنظيم داعش بشمال العراق يعانون من صدمات نفسية، وسط نقص في الرعاية الكافية، لكن المختصون يأملون تغير ذلك الوضع، حسب تقرير نشرته مجلة دير شبيجل الألمانية.

ميديا طفلة كردية تجلس على مرتبة وهي تمسك دمية بين ذراعيها، الآن وهي في العاشرة من عمرها تعيش في مكان آمن، وهو مخيم للاجئين في إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي، بشمال العراق. وعاشت الطفلة في هذا الملاذ على مدار السنوات الأربع الماضية، وتحيا حياة آمنة لا خوف فيها من الاختطاف أو القصف أو الجوع.

وانتقلت ميديا وعائلتها إلى المخيم قبل أربعة أشهر فقط، لكن مرت أربع سنوات على قيام تنظيم داعش بغزو قريتها في أغسطس 2014. وتمكنت هي وعائلتها من الهرب، وأمضوا 10 أيام يفرون بين الجبال، ويعيشون بدون ماء أو طعام، يعتصرهم الرعب طوال الوقت من أن يتم ملاحقتهم اختطافهم.

في الأيام التي تلت غزو داعش، أصيبت ميديا بنوبة عصبية، في الواقع، تكررت نوبة الإغماء مرارًا وتكرارًا ولم يكن لدى أسرتها أي فكرة عن السبب.

هنا في المخيم، لا تزال نوباتها مشكلة. وبينما يلعب إخوتها في الخارج، فإنها تبقى بمفردها في عزلة تامة. وكلما تعرضت للإجهاد، يخفت لونها وتبدأ النوبة العصبية، ويمكن أن تستمر 10 دقائق أو نصف ساعة.

وشخص طبيب نفسي حالتها في البداية على أنها انفصام شخصية، لكن بين مارس 2015 يناير 2016، أحضرالأطباء الألمان أكثر من ألف من النساء والفتيات اللاتي تعرضن للاختطاف والوحشية من قبل داعش إلى ألمانيا لتلقي العلاج وكانت ميديا من بينهم. وشُخصت حالة ميديا بانها "اضطراب ما بعد الصدمة"؛ فنوبات الاغماء نوع من آلية البقاء على قيد الحياة وهروب من مواجهة الخوف الذي عانته في الجبال.

وكانت الفظائع المرتكبة ضد طائفة اليزيديين وحشية بصورة مرعبة، لكنها لم تصل إلى حد الإبادة الجماعية. فبينما قُتل رجال تلك الأقلية الدينية على الفور عندما تمت مداهمة قراهم، قام إرهابيو داعش باختطاف النساء والأطفال واغتصابهم وبيعهم في سوق للنخاسة أو استخدموهم كجنود أطفال.

وأُجبر الأطفال على مشاهدة قطع الرؤوس أو أجبروا هم أنفسهم على ارتكاب أعمال عنف فظيعة. وكانوا يعيشون في خوف دائم من الإعدام على بعض التفاهات.

وقفز عدد الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الصحة العقلية بسبب سنوات الرعب التي واجهها السكان   في مجتمع تعرض للحرب والإرهاب على مدى أجيال.

وبدعم من الحكومة الألمانية أسس كيزلهان، وهو خبير ألماني في مجال الصدمات النفسية، معهد العلاج النفسي والصدمات النفسية في جامعة دهوك في منطقة الحكم الذاتي الكردية في شمال العراق. أكمل أول 25 طالبًا شهاداتهم في الخريف الماضي وهم الآن جميعًا معالجين نفسيين مدربين. لقد تلقى معظمهم بالفعل عروض عمل في المنطقة.

وفي جامعة دهوك، يقضي الطلاب ثلاث سنوات في تعلم أساسيات العلاج السلوكي المعرفي وفقًا للنموذج الألماني. يسافر الخبراء من الخارج لإلقاء المحاضرات والامتحانات أو مساعدة الطلاب في التشخيص.

ومنذ غزو تركيا لشمال سوريا في أكتوبر 2019، وصل أكثر من 12000 لاجئ إضافي إلى شمال العراق. ويقول كيزيلهان عن بعض المرضى في المخيمات: "إن إطلاق سراح مقاتلي داعش يجعل الناس أكثر خوفًا ويمنحهم كوابيس". وأضاف أن كثيرون قلقون من أن يستعيد داعش قوته وأن القتل سيستمر.

تعليق عبر الفيس بوك