"بلومبرج": أردوغان يحوِّل تركيا إلى "دولة معزولة بلا أصدقاء"

ترجمة- رنا عبدالحكيم

يذكر مقال للكاتب كوري شاك في وكالة بلومبرج الإخبارية، أن النهج العدائي للسياسة الخارجية التركية تحت حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، قاد تلك الدولة إلى حالة من العزلة وابتعاد كافة الأصدقاء عنها.

ويقول كاتب المقال إن أنقرة أغضبت مصر بانتقاداتها العنيفة للرئيس عبد الفتاح السيسي ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين، كما دمرت علاقتها مع سوريا من خلال دعم المتمردين المناهضين للرئيس بشار الأسد، ومؤخرا غزو الشمال الشرقي لسوريا وإعادة اللاجئين رغما عن إرادتهم. ويضيف أن تركيا أردوغان استعدت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من خلال الوقوف إلى جانب قطر.

والآن، تقدم تركيا مساعدة عسكرية مباشرة إلى حكومة ليبيا، بينما تدعم كل من الإمارات ومصر- إلى جانب روسيا - اللواء خليفة حفتر. وبعد فشل محادثات وقف إطلاق النار برعاية تركية روسية، توعد الرئيس أردوغان حفتر بـ"تلقينه درسًا".

ويبدو أن السياسة الخارجية لتركيا تبدو الآن مصممة على تصعيد المشكلات مع جميع جيرانها. لكن كاتب المقال يتساءل: كيف وصل الأمر إلى هذا الحد؟

ويجيب أنه في السنوات العشر الماضية، انحدرت تركيا من ديمقراطية إسلامية نابضة بالحياة إلى دولة استبدادية قمعية. غير أن هذا لا يفسر علاقاتها العدائية مع جيرانها؛ فمعظم الحكومات في الشرق الأوسط استبدادية قمعية ذات غالبية مسلمة. والجواب هو أن أردوغان سعى بجد إلى إبراز الإسلام السياسي محلياً ودولياً. وهذا ما يربطه بقطر ويضعه في حالة عداء مع معظم الدول العربية الأخرى، وخاصة المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة.

وبحسب المقال، ففي الداخل التركي، تنامت مساعي "أسلمة المجتمع" في ظل التحول الديمقراطي. وكان الجيش التركي قوة علمانية صارمة، لكن مع تراجع قبضته على الدولة، عاد الدين إلى واجهة السياسة، وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يتزعمه أردوغان. وعارضت القيادة العسكرية رسمياً مرشح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الرئاسية لعام 2007 لكونه إسلامياً، لكن عبد الله جول نجح في الفوز آنذاك، ومثل ذلك نقطة تحول رئيسية في السياسة التركية. وسمح التمويه السياسي للجيش لأردوغان، الذي كان قد وصف الديمقراطية من قبل بأنها "أداة وليس هدفًا"، بالسيطرة على المشهد.

ويمكن اعتبار محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016 بمثابة محاولة انتهازية من جانب بعض العناصر في الجيش للاستفادة من عدم الرضا المتزايد بين الأتراك بشأن استفراد أردوغان بالسلطة، كما إنه يمثل منافسة عميقة ومستمرة بين الإسلاميين الموالين لأردوغان والقوى السياسية الأخرى.

وتجلت هشاشة سيطرة أردوغان على السلطة في الانتخابات البلدية التي أجريت العام الماضي، بعدما مُني الحزب الحاكم بخسائر في اسطنبول وغيرها من المدن الكبرى.

ويرى الكاتب أن الخلاف مع مصر يحمل مفاتيح فهم تدخل تركيا في ليبيا، فبعد الربيع العربي عام 2011، دعم أردوغان صعود جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر وساعد حكومة الرئيس الراحل محمد مرسي. وعندما تمت الإطاحة بمرسي في 2013، وصفه أردوغان بأنه "إرهاب دولة". ويبدو أنه يرى الأحداث في ليبيا بمثابة مفاجأة لتلك الموجودة في مصر، فهناك قائد عسكري يهدد بإسقاط حكومة تدعم رؤية تركيا العالمية المزعومة.

وأصبحت ليبيا التي طالت معاناتها ساحة معركة لحرب بالوكالة، وليس من المحتمل أن تتنازل تركيا ولا دول الشرق الأوسط المعارضة لها عن أهدافها.

ومع فشل محادثات وقف إطلاق النار، سيتركز الانتباه مجددا على خطوط القتال الأمامية في أرض الميدان، وإذا كان لدى حفتر القوة العسكرية للاستيلاء على طرابلس، لكان قد فعل ذلك الآن. ويمكن أن تؤدي الزيادات الكبيرة في المساعدات التركية إلى قلب الاتجاه لصالح حكومة الوفاق الوطني، إلا إذا زاد حلفاء حفتر من دعمهم للجيش الوطني الليبي. أما مشاكل تركيا مع جيرانها، فتتجه إلى الأسوأ.

تعليق عبر الفيس بوك