"فورين بوليسي": السلطان قابوس أبو النهضة العمانية الحديثة.. والتعايش أبرز مميزاتها

ترجمة - رنا عبدالحكيم

نشرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية مقالة للكاتبة ليندا باباس فانش المتخصصة في الشأن العماني والشرق الأوسط، امتدحت فيه المسيرة الحافلة لجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور- طيب الله ثراه- وما حققه جلالته - رحمه الله- من منجزات شاهدة على نهضة شاملة عمت أرجاء البلاد.

وقالت ليندا باباس فانش إنّ عمان بفضل السلطان قابوس أصبحت في وضع أفضل من العديد من جيرانها، وكانت قادرة على مواجهة التحديات التي تهدد الشرق الأوسط بأكمله.

وبينت أنه عندما تولى جلالة السلطان الراحل الحكم في 23 يوليو 1970، كانت بانتظاره مهمة شاقة؛ حيث كان عليه أن يضع رؤية لتطور عمان وتقدمها في المستقبل. وخلال السعي لتحقيق أهدافه، جمع السلطان قابوس بين الكاريزما والحنكة السياسية، ونجح في بناء دولة موحدة وحوّل عمان إلى دولة حديثة ومستقرة تنعم بتنمية شاملة. وأبرزت الكاتبة التعايش المذهبي الفريد في عمان، حيث يعيش أصحاب المذاهب الإسلامية في سلام مع أتباع الديانات الأخرى من الجاليات الأجنبية العاملة. وأشادت الكاتبة بما ينص عليه النظام الأساسي للدولة بحظر التمييز على أساس الدين. وقالت إنّ التنافسية العالمية لعام 2019 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، صنف البلاد على أنّها خالية تماماً من الإرهاب.

وكانت خطة السلطان قابوس للتنمية الاقتصادية طموحة ومدفوعة إلى حد كبير بعائدات صادرات النفط، رغم أنها قليلة نسبيا مقارنة بإيرادات جيرانها في دول مجلس التعاون الخليجي، والتي توفر ما بين 70 إلى 85% من الإيرادات الحكومية. وخلال حكم السلطان الراحل تطورت البنية الأساسية وشهدت البلا توسعا في مشاريع الطرق والمدارس والمستشفيات والكهرباء وغيرها من القطاعات الأخرى.

ونجح السلطان الراحل في بناء دولة مؤسسات، تقوم على أسس دستورية وقانونية، وبرلمان من مجلسين؛ الدولة والشورى، ومجموعة متنوعة من الوزارات لإدارة الأداء الفعال للدولة الحديثة.

مثل تلك الجهود جعلت السلطان قابوس هو الشخص الأقرب لقلب كل العمانيين، وأصبح السلطان قابوس هو أبو النهضة العمانية، مما جعله يحظى باحترام كبير، وزاد من شهرة السلطنة على الساحة العالمية كعضو في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومجموعة من المنظمات الدولية الأخرى.

وخلال موجة الربيع العربي في 2011، نجح السلطان قابوس في تجنيب البلاد الكثير من الاضطرابات، وأجرى تعديلا وزاريا آنذاك وزاد الأجور، ووظف 50000 مواطن في القطاع العام.

وطوال فترة حكمه، دعا السلطان قابوس إلى تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة من خلال إدخال حق الاقتراع العام في 2002، وتعيين النساء في مناصب عليا، كما خلق فرص عمل لجميع المواطنين. وفي عام 2004، عيّن أول امرأة عمانية في منصب وزير، وهي وزيرة التعليم العالي ثمّ تبعتها أخريات، ليس فقط في مجلس الوزراء ولكن أيضًا في مجلس الدولة، وفي مجموعة متنوعة من المناصب الرفيعة في الخارج.

علاوة على كل ذلك، من المرجح أن يكون إرث قابوس الأكثر ديمومة هو سياسته الخارجية، القائمة على الثوابت والمبادئ العمانية وكذلك البراجماتية. واعتمدت عمان سياسة الاعتدال والحوار في الشؤون الدولية. واتبعت السلطنة بشق الأنفس طريق الاستقلال وعدم الانحياز، رافعة شعار "صديقة للجميع.. ولا عداوة مع أحد".

وفي أعقاب اتفاقات كامب ديفيد، كانت عُمان من بين الأعضاء القلائل في جامعة الدول العربية التي لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع مصر. وطوال فترة الحرب المستمرة في سوريا، ظلت سفارة عُمان في دمشق مفتوحة، على عكس سفارات الدول العربية. ومنذ عام 2017، اتبعت عمان طريق الحياد في الأزمة الخليجية.

وفي الوقت نفسه، حافظت عُمان تحت حكم السلطان قابوس على علاقات ودية مع جارتها إيران، ما مكّنها من أن تكون قبلة للسلام بين الخصوم. وتوسّطت عمان في إطلاق الرهائن الأمريكيين من إيران، وسعت دائما إلى ضبط النفس في أوقات الأزمات، كما استضافت المباحثات السرية التي أسهمت في بلورة الاتفاق النووي الإيراني عام 2015.

وتقول الكاتبة في مقالها إن مسيرة العطاء التي بدأها السلطان قابوس- طيب الله ثراه- منذ حوالي 50 عامًا ستتواصل في عهد خلفه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور المعظم- حفظه الله ورعاه-. وأكدت أنّ إرث جلالة السلطان الراحب سيظل خالدا. وأوردت الكاتبة عدة تحديات مستقبلية على رأسها الملف الاقتصادي.

وبفضل السلطان قابوس رحمه الله، فإنّ عمان تتمع بوضع أفضل لمواجهة أي تحد، مقارنة بدول الجوار. وأكدت الكاتبة أنّ السلطان قابوس هو الزعيم الذي نجح في تحويل السلطنة إلى عضو فاعل على الساحة العالمية، ورسّخ أركان الدولة الحديثة.

واختتمت الكاتبة المقالة، بالقول إنّ الانتقال السلس والسريع للسلطة في عمان، يبشر بمواصلة مسيرة النهضة والتحديث والازدهار، خاصة وأنّ جلالة السلطان المعظم- أيّده الله- تعهد باستكمال العمل على النهج القويم لجلالة السلطان الراحل- طيّب الله ثراه-.

تعليق عبر الفيس بوك