"عُمان 2040" تبشر بمستقبل زاهر.. وتجاوز التحديات عبر تضافر الجهود

سلاسة تولي جلالة السلطان هيثم بن طارق الحكم ترسخ الثقة في الاقتصاد الوطني

 

◄ الاستعداد لتنفيذ استراتيجيات وخطط اقتصادية تستهدف رفاهية المجتمع

◄ "عمان 2040" أسس ومرتكزات اقتصادية لعقدين مقبلين

◄ تفعيل الرقابة.. الاستخدام الفاعل للموارد الوطنية.. تحقيق مبادئ النزاهة والعدالة والشفافية.. المحاسبة والمساءلة.. دعم تنافسية جميع القطاعات في ظل سيادة القانون

الرؤية- نجلاء عبدالعال

 

أثبتت السلطنة للعالم أنَّها دولة راسخة ذات قيم ونظم مؤسسية استطاعت أن تحقق انتقالاً سلسًا للسلطة أنعكس على الثقة في مسار الاقتصاد الوطني، فعلى الرغم من التحديات التي ترصدها التقارير الدولية الاقتصادية، فإنَّ المعطيات السابقة، والتجارب العُمانية برهنت على قوة السلطنة وقدرتها على تجاوز التحديات.

ومع تولي حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق بن تيمور -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في البلاد زاد اليقين بأنَّ عُمان قادرة على المضي قدمًا لتحقيق النمو الاقتصادي، فصاحب الجلالة كان مشرفًا على رؤية 2040 والتي تهدف من خلالها السلطنة إلى تحقيق طفرة كبيرة خلال العقدين القادمين، لكنها قبل ذلك تحتاج لتكاتف ووحدة العمل بين جميع أبنائها.

وكانت قيادة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور -حفظه الله ورعاه-، لفريق الإعداد للرؤية المستقبلية هي أفضل تدريب عملي تمهيدا للقيادة، فما أعظم من أن تتعرف على أدق تفاصيل مكونات الدولة، وأن تستمع لغالبية مواطنيها وتستنبط من أحلامهم ما ينسج مع الواقع والإمكانيات مستقبلاً أفضل، لذلك فإن كلمات خطاب التنصيب كانت تعكس كل معاني العلم بالواقع والحلم بالمستقبل وقبول تحمل التحديات وأن أبناء عُمان هم طريق التنمية وهم منتهاه وغايته.

وستكون الأيام والسنوات المُقبلة هي برهان عُمان قيادة وشعبًا للعالم على أنَّ العظائم تهون في أعين العظيم، وأن التحديات مهما بلغت جسامتها فإنها تهون بأيدي أصحاب العزائم.

وانعكس استقبال عالم الأعمال وفهمهم لمدى قوة عمان وتنظيمها المؤسسي في ارتفاع ملحوظ في الإقبال على السندات السيادية العمانية المقومة بالدولار في أولى التداولات عليها عقب مراسم تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور -حفظه الله ورعاه-.

وتدلل المؤشرات والتوجهات التي تتبعها الرؤية 2040 على قوة اقتصاد عمان في المستقبل القريب، وهو ما أكد عليه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق في كلماته وقت الإعداد لها، فقال حفظه الله ورعاه: "بلا شك فإن الفهم الواعي والاستقراء العقلاني للواقع والمستقبل سيجعلنا متوافقين في توجهاتنا، متوائمين في التزاماتنا نحو بناء عُمان التي ننشد بحلول العام 2040م."

وتبدو ملامح شد الرحال إلى المستقبل بادية بالفعل في المؤشرات والأهداف التي وضعت للوصول إلى الغاية المبتغاة، ولا ينتظر سوى تحويلها إلى خطوات سنوية تقسم الخطط الخمسية وتنعقد جميعها لتصب في تحقيق الرؤية الأكبر لعُمان 2040.

وفي التفاصيل وضعت الرؤية ليتزايد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي (بالأسعار الثابتة) بنسبة 40% في عام 2030 إلى زيادة بنسبة 90% في 2040، أي أن الرؤية تستهدف مضاعفة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي تقريباً بحلول 2040، وقياسا من سنة الأساس التي وضع عليها مؤشر الخطة وهي سنة 2017 فإنَّ هذا يعني أن يصل نصيب الفرد إلى نحو 12 ألف ريال في السنة.

وتستهدف الرؤية المستقبلية أن تصل عمان إلى إحدى مراتب العشرين دولة الأعلى في مؤشر التقدم الاجتماعي، وتخفيض نسبة عجز الموازنة إلى الناتج المحلي إلى حدود 3% فقط، وأيضاً أن تكون السلطنة في إحدى المراتب العشر الأولى على مؤشر التطوير الاقتصادي، وجاهزية الشبكات، والجاهزية لمستقبل الإنتاج سواء من حيث محركات الإنتاج أو هيكل الإنتاج، وكثير من الرؤى التي ليست بعيدة المنال طالما أن هناك الخطط والمتابعة من جهة، والوقوف يدا بيد لتحقيق هذه الأهداف من جهة أخرى فإن الطريق لن يكون صعبا أو طويلا.

ونذكر هنا ما قاله صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق: "من الأهمية بمكان أن نعاود التأكيد على أن توجه السلطنة اليوم نحو تحقيق التنويع الاقتصادي بعيدا عن الاعتماد على الموارد النفطية يفرض على القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني أدواراً جديدة في حجمها ونوعيتها للارتقاء بمكانة البلاد ومنزلتها." وتضع الرؤية 2040 هدفاً أن تصل نسبة العمالة الماهرة العمانية إلى 83% من إجمالي العمالة الماهرة في القطاع الخاص بحلول 2040 وهي النسبة التي لا تكاد تصل إلى 58% في عام 2017، فليس الهدف إيجاد الوظيفة والراتب وكفى لكنها الوظيفة المناسبة والمنتجة والتي تصب في تنمية الاقتصاد ككل، لذلك فهذا الهدف يرتبط معه استهداف رفع معدل نمو إنتاجية العمالة إلى ما بين 2% و3%، في سوق عمل يحظى بقوى بشرية ذات مهارات وإنتاجية عالية، وثقافة عمل إيجابية، مع منظومة تشغيل، وتأهيل، وترقيات وحوافز مبنية على الكفاءة والإنتاجية.

وتعطي الرؤية المستقبلية 2040 للقطاع الخاص دورًا مهمًا لكن تمكنه من القيام به؛ فتستهدف أن يقود القطاع الخاص اقتصادا تنافسيا ومندمجا مع الاقتصاد العالمي، وتنطلق الرؤية في هذا الهدف من يقين بأن تعزيز قيم التنافسية، ووضع الأطر المناسبة لها على صعيد القطاعين الحكومي والخاص، تمهّد لنهوض اقتصادي يضمن الفرص المتكافئة بين المتنافسين، يكون فيه التنافس لتقديم الأفضل، هو المعيار الذي يتم الاحتكام إليه في عملية تحقيق التنمية الاقتصادية، وتعزيز منعة الاقتصاد وقدرته على التكيف مع المتغيرات الإقليمية والعالمية.

ومن هنا ترى أن الخطط عليها أن تؤدي إلى تطوير بيئة الأعمال، وإعطاء القطاع الخاص دور الريادة، وتمكينه من تسيير عجلة التنمية الاقتصادية المتوازنة، بما يتيح بناء بيئة تنافسية مُمَكّنة للقطاع الخاص؛ لتطوير قطاعات إنتاجية حرة محافظة على المجتمع والبيئة، ويشمل التخطيط العمل على تعميق سوق رأس المال، وتوفير التمويل المستدام اللازم وفق أنماط تمويل مبتكرة لإقامة المشاريع الإنتاجية، وخصوصًا الصغيرة والمتوسطة منها.

وتستكمل خطط الرؤية خطوات تحقيقها فتؤكد مسودتها أن هذه الخطوات تأتي في ظل وجود عدد من المزايا التي تتمتع بها السلطنة، في مقدمتها الاستقرار السياسي والاقتصادي، والعلاقات الدولية الاستراتيجية التي تم الاستثمار بها، كذلك يعد الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي تتمتع به السلطنة فرصة كبيرة في مجال تطوير الشراكات التجارية وتوسيعها مع مختلف دول العالم. وتسعى السلطنة إلى أن تصبح محط شراكات استثمارية بين القطاع الخاص العماني ومجتمع الأعمال الدولي، من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة خصوصا النوعية منها، والتي تلبي الطلب العالمي الجديد، بما يدعم مكانة السلطنة لتكون مركزًا تجارياً عالمياً.

وتعمل الشراكات العالمية بدورها على توسيع القاعدة الإنتاجية لمختلف القطاعات، ورفع نسبة مساهمة القطاعات التصديرية في الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة، بالإضافة إلى أن الإطار القانوني المحكم في عمليات الخصخصة، وتوفير البنى الأساسية للشراكة، وخاصة بين القطاعين الحكومي والخاص، سيؤدي إلى رفع مستويات الكفاءة والإنتاجية، وتقديم الخدمات الحكومية التقليدية والحديثة بفاعلية وكفاءة وبأقل التكاليف، مع مواكبة التطورات العالمية، وتوظيف التقنية في المجالات الخدمية المُختلفة.

ويمكن للجميع تصور اقتصاد عُمان في عام 2040 ليرى القطاع الخاص فيه يقود الاقتصاد بتنافسية واندماج في آن واحد مع الاقتصاد العالمي، قطاع خاص يعمل في بيئة أعمال تنافسية وجاذبة للاستثمار، تمارس فيها الحكومة الدور التنظيمي المقترن بكفاءة وسلاسة إدارية ناجعة، فيما تتكامل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتحتضنها مؤسسات كبيرة، أما عن التمويل فإنِّه في 2040 ستكون له أنماط مرنة وميسرة تواكب المستجدات العالمية وتلبي الاحتياجات الاستثمارية.

هي رؤى تتبعها خطط تنفيذ للوصول إلى شراكة فاعلة بين القطاعين الحكومي والخاص تحسّن الكفاءة الإنتاجية، ويلفها إطار من الحوكمة تنظّم خصخصة المشاريع والخدمات العامّة، ويراعي الأبعاد الاجتماعية والبيئية.

وهذه الرؤية هي التي شارك في تصورها الكثير من العمانيين بكافة مستوياتهم وفي مختلف المحافظات وهم المستهدفون بها وهم الأيدي التي ستسير على الطريق نحوها، ولهؤلاء دور يبدأ من اليوم وليس غدا بتلبية الدعوة نحو التعاضد يدا بيد كما جاء في رسالة جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور - طيب الله ثراه:"فإننا ندعوكم جميعا إلى مبايعته على الطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وأن تكونوا له السند المتين والناصح الأمين معتصمين دائماً تحت قيادته بوحدة الصف والكلمة والهدف والمصير.

وكما جاء في كلمة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور المعظم -حفظه الله ورعاه:"إن عزاءنا الوحيد وخير ما نخلد به إنجازاته هو السير على نهجه القويم والتأسي بخطاه النيرة التي خطاها بثبات وعزم إلى المستقبل والحفاظ على ما أنجزه والبناء عليه هذا ما نحن عازمون ـ بإذن الله وعونه وتوفيقه ـ على السير فيه والبناء عليه لترقى عمان إلى المكانة المرموقة التي أرادها لها وسهر على تحقيقها".

 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة