مدرين المكتومية
أَبْهَر العُمانيون -خلال فترة انتقال الحكم- العالم والمجتمع العربي والدولي؛ لما أظهروه من تنظيم وسلاسة فائقة في طريقة الانتقال؛ فلم يحدث هنالك أي فراغ سياسي في السلطة.
هذا الدرس الذي حَدَث يُعتبر من الدروس المهمه جدًّا في الحياة السياسية؛ فقد أبعد جميع المخاوف التي أثارها البعض عن المجهول الذي سيكون عليه الوطن، والغموض الذي سيكون حول انتقال السلطة.
وأثبت النموذج العُماني أنه فريد من نوعه، وتجربة رائدة، فقد تمَّ نقل هذه المراسم على القنوات التليفزيونية والإذاعية وعلى مختلف وسائل الإعلام الأخرى والتواصل الاجتماعي، وبدا كيف أنَّ كلَّ شيء كان منظمًا حسب النظام الأساسي للدولة وضمن دولة مؤسسات وليست دولة الرأي الفردي، هذا يأتي نتيجة لأننا خلال 50 عاما من بناء صاحب الجلالة المغفور له السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- دولة قائمة على التفاهم، راسخة وقوية، دولة قانون ودولة مؤسسات، وقد أثبتت في تلك اللحظة التاريخية الفارقة قوتها وجديتها وحضورها وقدرتها على حسم الأمور؛ فيعتبر من الدروس المهمه جدًّا والتي تُطمئننا بشكل كبير جدًّا أنَّ القادم والمستقبل سيكون أفضل، إن لم يكن في نفس المستوى الذي رسمه قائد نهضة عُمان المغفور له السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور.
لأنَّ جلالة السلطان -طيب الله ثراه- ما كان يأمل سوى أن يرى عُمان من تقدم إلى تقدم، وأشار جلالته بوصيته الى قوله تعالى "لا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"، وحاشا أن يتفرق العمانيون وقد جمعهم حب الوطن ورفعته، وكيف نتفرق وقد ترك لنا ثقته الكاملة في شخص جلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور -حفظه الله ورعاه- الذي أقسم أن يحمل الأمانة ويُكمل الرسالة ويسير على الدرب.
ولعلَّ الأيام الماضية كانت أياما عصيبة، بل ربما هي الأشد علينا جميعا، لكنَّ المقبل من الأيام ينبغي أن يُحفزنا فيه الحزن على السعي للمزيد من تحقيق النهضة التي ترك لنا السلطان قابوس إكمالها مع السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- وعلينا أن نعرف ما علينا قبل أن نطلب ما لنا، حتى لا نفقد الصورة الحضارية العمانية التي جسدها الشعب في تلاحمه نظرته لكل ما تم على أرض عُمان الطيبة من مُكتسبات نفاخر بها أمام الآخرين.
ومن هنا، علينا العمل بصورة جدية نحو مضاعفة الجهود والعمل الدؤوب والمستمر في رفعة اسم عمان عاليًا، وأن نظل نحن خير شعب ومجتمع قاد مسيرة التنمية بما كان يجب أن تكون عليه، وما ستكون عليه، وأسهم في السير نحو تقدمه ورفعته دون النظر للتحديات والعقبات والوقوف عند صغائر الأمور؛ فنحن أكبر من ذلك بكثير، وأن لا نلتفت لأي من الأمور التي من شأنها أن تقف عائقًا أمام تقدم مسيرتنا المباركة.
ومن هنا أيضًا، فإننا يجب علينا أن نتعاضد من أجل عُمان، وأن نظل المدرسة التي تعطي دروسًا لكل شعوب العالم في نظرتنا نحو المستقبل، وأن نسير بخطى ثابته وقوية وواضحة نحو ما تبتغيه منا قيادتنا الحكيمة في أي زمان ومكان؛ فنحن في النهاية على ثقة تامة بأننا سنعيش لقادم أفضل في بلد يحلم القاصي والداني بأن يكون على أرضها الطيبة، وبين شعبها الكريم وتحت قيادتها الحكيمة.. فدامت عُمان بلد العزة والأصالة والشموخ والحضارة.