الحياد ودعم السلام ولا للتدخل في الشؤون الداخلية.. مرتكزات السياسة الخارجية

عُمان صديقة الجميع.. نهج قابوسي حكيم يسير على دربه جلالة السلطان هيثم بن طارق

 

الرؤية - أحمد الجهوري

وضع جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- مرتكزات السياسة الخارجية للسلطنة بسِمَةِ الحياد في شتَّى مواقفها وقرارتها في مختلف الأحداث والصراعات التي عصفتْ بالمنطقة خلال فترة حكمه، والتي امتدت إلى ما يقارب 50 عاما، والتي جنَّبت السلطنة أيَّ خلاف يُذكر مع أي دولة من دول العالم، وإنما جعلها دولة صديقة للعالم أجمع، كما جعلها محطة رئيسية لحل الخلافات ومنصة لتقريب وجهات النظر وللتوافق والتصالح.

وحرص جلالته -طيب الله ثراه- أن ترتبط السلطنة بعلاقات صداقة مع جميع دول العالم وفق مبادئ راسخة تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، وفي كل المنحنيات السياسية الصعبة نجحت عمان في التعبير عن نفسها كدولة تتصف سياستها الخارجية بالحكمة والهدوء والصراحة والوضوح وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير؛ وذلك عبر إشارات سياسية لا تخطاها العين.

وكان لحوارات جلالته مع الملوك والقادة والزعماء الدور الأكبر في تعزيز التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة ونشر مظلة السلام العالمي وتعزيز قيم التسامح والإخاء وتقريب وجهات النظر بين الخصوم في القضايا العربية والإقليمية والدولية، والتأكيد على مفهوم الحوار أساسا لحلها وذلك تحقيقا لمبدأ لا ضرر ولا ضرار.

وأسهمت هذه السياسة في جعل عمان واحة للأمن والاستقرار وقطب قوة وقلب إقليم، استحقت عليه تقدير العالم وشعوبه، وحظيت الدبلوماسية العمانية بثقة الجميع ورحب بها طرفا فاعلا في المساعي الخيرة لحل المشكلات الإقليمية والدولية على امتداد حكم جلالته -رحمه الله- عبر جهود عديدة معلنة عنها وغير معلنة  في تنسيق المواقف وتجاوز الخلافات بين مختلف الأطراف.

وتمثلت جهود جلالته -رحمه الله- في أن تحتضن أراضي السلطنة ملفات إقليمية ودولية؛ منها: الملف اليمني والسوري والليبي والإيراني في وقت تؤكد فيه باستمرار موقفها الثابت اتجاه القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة عاصمتها القدس.

واستطاعتْ السلطنة في عهد جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- إقامة علاقات دبلوماسية مع حوالي 157 دولة، والانضمام إلى حوالي 77 منظمة عالمية وإسلامية وعربية وخليجية، والتوقيع على 172 معاهدة وبرتوكولا واتفاقا دوليا وإقليميا في مختلف المجالات.

وتشكَّلت السياسة الخارجية العمانية وفقا لمجموعة من الثوابت والمعطيات التي من خلالها استطاعت الدولة أن ترسم سياستها الخارجية بناء على تلك الثوابت، ويأتي في مقدمة تلك المعطيات الفكر السامي لجلالة السلطان قابوس -رحمه الله- ورؤيته الدولية لتشكيل إيقاع الدبلوماسية العمانية التي تحرص في الحاضر والمستقبل على إقامة علاقات صداقة مع العالم، وتعزيز العلاقات الحسنة والمتكافئة، واعتماد سياسة حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير واحترام القوانين والمواثيق والأعراف الدولية.

وتُمثِّل الرؤية الثاقبة لجلالته -طيب الله ثراه- الركيزة الأساسية والموجه الرئيسي الذي رسم السياسة الخارجية للسلطنة، وانعكست على الرؤى الداخلية والدولية للسلطنة طوال فترة حكمه، ونجح في فك قيود الانغلاق والعزلة، وتشارك مع العالم علاقاته وصداقاته، وكان يراقب خارطة العالم ليفتتح سفارة أو قنصلية أو علاقة دبلوماسية مع دول العالم.

وحظي جلالته -طيب الله ثراه- باحترام الملوك والحكام والدول والشعوب عربيا ودوليا؛ وذلك بفضل سياسته الحكيمة وتوجيه سياسة السلطنة الخارجية إلى عدم الانفعال والمبالغة، وتقدير الأمور على أساس الواقع وعلى الاتزان والحكمة وبعد النظر والتحسب لعواقب الأمور، وعلى حسن التصرف واللباقة في اتخاذ المواقف السياسية والثبات على هذه المواقف عن اقتناع كامل ووعي رشيد.

ويترجم جميع ذلك في جميع خطابات جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- في مختلف المحافل، والتي من أقواله في أحدى خطاباته: "إن السلام مذهب آمنا به وأن يتمسك بلب مبادئه الحنيف وشريعته السمحاء التي تحثه على الالتزام بروح التسامح والألفة والمحبة"، وفي خطاب آخر قال: "عُرفت السلطنة دائما بانتهاجها سياسة واضحة المعالم تقوم على أساس التعاون مع الجميع وفق مبادئ ثابتة؛ تتمثل في: الاحترام المتبادل وتشجيع لغة الحوار ونبذ العنف في معالجة الأمور وعدم التدخل في شؤون الغير، وكذلك عدم القبول بتدخل ذلك الغير في شؤوننا، وبفضل هذه السياسات اكتسبت بلادنا ولله الحمد احترام وتقدير المجتمع الدولي".

تعليق عبر الفيس بوك