نداءٌ ثالث: يا أيّها الموتُ المؤجّلُ

 

مفيد خنسه | رئيس تحرير جريدة الثورة السورية السابق

 

يا أيّها الملأُ المزيَّنُ بالمصابيحِ الكبيرةِ حولَ أسوارِ القصورِ تهيّؤوا للفتحِ / إنّ أميرَكم أوصى بفديةِ / كلِّ بيتٍ من بيوتِ عبيدِه / بفتىً /  لكي تفيَ الدماءُ مواسمَ الأعراسِ في أعيادِ ميلادِ المؤيدِ بانتصارِ الجندِ بين قبائلِ الصحراءِ / أوصى بالفداءِ / فمنْ تطوعَ بالزيادةِ زادَهُ عزاً وجاهاً في سجلِّ الخالدينَ بمائِهِ الذهبيِّ فوقَ جدارِ عرشٍ من عدَمْ . 

يا أيّها الباقونَ منْ جندِ الفتوحاتِ القديمةِ /  زيِّنوا صورَ الذين قضَوا / أعدُّوا ما استطعتُم من رباطةِ جأشِكم / وتقدّموا كالبرقِ نحوَ المجدِ /  آمرُكمْ / فهذي الخيلُ تعرفُ كيفَ تمضي للوغى فرسانُها / لا وقتَ للقولِ المقنّعِ واحتمالاتِ المعاني /  للجبالِ سراجُ هذا الغيمِ يفتحُ من بيوتِ الخوفِ باباً واحداً /  لو شئتُ ما سلّمتُ مفتاحاً /  هلمّوا / واتبعوا من قادَكم نحوَ الخلودِ بنهرِه الجاري على حاناتِكم بينَ الحممْ .

يا أيّها المستضعَفون / أزفُّ من فوقِ السجونِ لكمْ أوامرَ زحفِكم صوبَ المقابرَ/  فاقرؤوا ما شئتمُ منْ فاتحاتِ النصرِ فوقَ قبورِ منْ ضحّوا / فهذا النصرُ من صنعِ المقابرِ / فاكتبوا / يا معشرَ الشهداءِ أقدسَ أمنياتٍ /  أن تسيرَ دماؤُكم / وتجددَ العهدَ العظيمَ لصاحبِ القصرِ الكبيرِ /  فأنتمُ الحراسُ /  بابُ السجنِ مفتوحٌ /  ومقصلةُ الأميرِ على مدارِ الوقتِ حاميةٌ  لمنْ يبدي احتجاجاً /  أو يقولٌ بغيرِ علمٍ /  فالحروبُ وقودُها الأمناءُ والشجعانُ /  لم يبقَ سوى أصواتِكم تستنهضُ الأرواحَ من بينِ الرممْ . 

يا أيّها الحكماء / ناموا في مساكنِكم بلا حِكَمٍ / فهذا الوقتُ لا يحتاجُكم / غيبوا فقدْ ورثَتْ قواميسُ العظاتِ كلامَكم / لا يحطمنَّ الجندُ إبداعاتِكم / فالزهدُ خيرٌ من غنائمِ هذه الحربِ الرهيبةِ /  زهدُكم خيرٌ على خيرٍ/  كراماً سوِّروا أطباقَكم / لا ناقةً لكمُ بهذي الحربِ أو كبشاً فداءً منْ غنمْ .  

يا أيّها الشعراءُ في آذانِكم أصواتُ أحجارٍ وأنهارٍ /  وفي أقلامِكم أقوالٌ زورٍ شاهداتٌ / ما استوى الجهلاءُ والعلماءُ /  في عرفِ الشهادةِ أيّها الشعراءُ /  لا تكفي بحورُ الشعرِ/ هل تحصى شهاداتٍ لكمْ في غيرِ موضعِها ؟ / أيرضى الشاعرُ الحرّ الخيانةَ في الحرمْ .

يا أيّها الموتُ المؤجّلُ  / هل أتيتَ على بساطِ حواملِ النيرانِ ؟/ كيف تمجدُ الأرواحَ ؟ / أينَ تروحُ منكَ مدائحُ الشعراءِ / هذي الحربُ منتزهٌ فريدٌ / كلّ بيتٍ من بيوتِ الأهلِ أحضرَ ما يليقُ بعرسِ من عانقتَه / يا موتُ عجّلْ / أنتَ أهونُ من حياةِ الذلِ بينَ الأهلِ / عجّلْ قبلَ أن ينقضّ سيفُ البغيِ فوقَ رقابِنا ويدوسَنا السلطانُ دهساً بالقدمْ .

تعليق عبر الفيس بوك