صحيفة صينية: أحلام السلام في سوريا تتلاشى مجددًا

ترجمة- رنا عبدالحكيم

مع مرور عام آخر، لا يزال السوريون محرومون من الحياة السلمية التي يتوقون إليها منذ فترة طويلة، وبدلاً من ذلك، شهدوا المزيد من العنف وسفك الدماء في النزاعات التي لا تنتهي في البلاد والتي تنبع من مزيج من صراعات السلطة المستمرة منذ عقود والمصالح المتنافسة.

وبحسب ما نشرته صحيفة "تشاينا ديلي" الصينية، فقد حققت الحكومة السورية، بقيادة الرئيس بشار الأسد، مكاسب عسكرية لافتة، واستعادت معظم الأراضي التي فقدتها خلال الحرب الأهلية التي اندلعت منذ ثماني سنوات، وتستعد السلطات الآن لتنفيذ إعادة الإعمار بعد الحرب.

ومع ذلك، فإن القرار المفاجئ الذي اتخذته الولايات المتحدة بسحب قواتها من شمال سوريا أعاق عملية إعادة إعمار سوريا، وأثار المزيد من التوترات والاضطرابات في المنطقة. وفاقم هذا القرار تعقيدات المشهد السوري.

ففي أوائل أكتوبر، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فجأة أن الجيش الأمريكي "لن يدعم أو يشارك في" عملية عسكرية متوقعة من تركيا في شمال سوريا، والقوات الأمريكية "لن تكون في المنطقة المجاورة". وترك الانسحاب الأمريكي حلفاءه الأكراد في سوريا عرضة للتوغل المخطط له من قبل عدوهم اللدود تركيا.

وتعتبر تركيا المقاتلين الأكراد السوريين "إرهابيين"، بسبب انتماءاتهم إلى حزب العمال الكردستاني المحظور، والذي خاض معركة استمرت 35 عامًا من أجل الحكم الذاتي داخل تركيا. وتسببت أسابيع من الهجمات على الأراضي الكردية في شمال شرق سوريا في وقوع إصابات في صفوف المدنيين أثناء فرار آلاف الأكراد من منازلهم.

لقد تحطمت أحلام الشعب السوري في السلام مرة أخرى، كما إن تضارب المصالح بين القوى داخل سوريا وخارجها جعل الوضع أكثر تعقيدًا.

وأصرت تركيا على ملاحقة القوات التي يقودها الأكراد من مناطق على طول حدودها بموجب خطة أنقرة "لإنشاء منطقة آمنة" في شمال شرق سوريا، وهو تطور تقول إنه يمكن أن يتيح عودة ملايين اللاجئين.

وفي خضم تصرفات تركيا، سعت قوات الأسد إلى اغتنام الفرصة لاستعادة بعض الأراضي التي كان يسيطر عليها الأكراد. وبعد فترة طويلة من الخلاف مع الحكومة السورية، تحول الأكراد إلى معسكر الأسد ووافقوا على التحالف معه من أجل درء الغزو التركي.

وفي أواخر شهر أكتوبر، غيرت الولايات المتحدة موقفها وقررت عدم الانسحاب الكامل من سوريا، مدعية أن تراجعها ذلك يهدف إلى حماية حقول النفط في البلاد.

ودخلت روسيا ساحة المعركة الجديدة، في محاولة للتوسط بين الأطراف وسط الأعمال القتالية على طول الحدود السورية التركية.

وبعد مرور أكثر من أسبوعين على بدء الهجوم التركي، وافقت روسيا وتركيا على تسيير دوريات مشتركة في شمال شرق سوريا لتهدئة التوترات في المناطق الحدودية.

وقال شو منغ الباحث في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي الدولية للدراسات، إن عمليات تركيا "قوضت بلا شك النتائج السابقة لمحاربة التطرف الإقليمي"، حيث كان المقاتلون الأكراد في طليعة المعركة ضد تنظيم "داعش".

وشهد العام الماضي ضغوطًا متزايدة على ما يسمى تنظيم "الدولة الإسلامية" المتشددة، التي فقدت باغوز ، أرضها الأخيرة في سوريا ، في مارس. توفي زعيمها أبو بكر البغدادي في عملية للقوات الخاصة الأمريكية في أواخر أكتوبر. رحب بوفاته باعتبارها علامة فارقة أخرى في الحرب ضد داعش، عقب إعلان العراق النصر على المسلحين في عام 2017.

وأضاف شو "رغم أنه من الصعب على داعش العودة أو استعادة قوة كبيرة على المدى القصير، فإن تهديد التطرف لا يزال قائما". وأضاف  "التهديد المتقطع للهجمات المتطرفة وتسلل المتطرفين سيستمر في هذه المنطقة المضطربة على المدى الطويل."

وفي ديسمبر، تبنت روسيا وتركيا وإيران بيانًا مشتركًا بشأن سوريا في الجولة الرابعة عشرة من محادثات أستانا التي عقدت في نور سلطان، كازاخستان.

أعربت الدول الثلاث عن قلقها إزاء تزايد الأنشطة الإرهابية في إدلب، وهي مدينة في شمال غرب سوريا، وقالت إنها ستواصل تعاونها في القضاء على الجماعات الإرهابية في سوريا، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية، وجبهة النصرة وغيرها من الجماعات التي تم تصنيفها كإرهابيين من قبل الامم المتحدة.

وفي ظل هذه الظروف، فإن الخطوة الأهم تتمثل في كيفية البدء في عملية إعادة الإعمار وإجراء المصالحة السياسية في سوريا، حسبما قال يو قوه تشينغ الباحث في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية. وأضاف يو "لكن احتمالات إعادة الإعمار ضبابية للغاية لأن الأطراف المعنية لديها خلافات بشأن القضية السورية." "يريدون توطيد مصالحهم قبل الانتقال إلى الخطوة التالية".

وترغب روسيا في مواصلة التوسط بين الأطراف لمساعدة المصالحة السياسية في سوريا لأنها "تلعب دورًا مهمًا للغاية" في هذه العملية. وقال يو "بدون موافقة روسيا، سيكون من الصعب على العملية المضي قدما".

وعلى الرغم من اكتمال منطقة آمنة في شمال شرق سوريا، إلا أن العديد من المشكلات لم تحل بعد، مثل تسوية أزمة اللاجئين. يمكن أن تكون هذه القضية المحور الأساسي لتركيا في المستقبل.

تعليق عبر الفيس بوك