تقرير لمعهد دول الخليج العربية بواشنطن يستعرض آليات وتحديات تسويق الغاز العُماني

استكشافات الغاز تعزز فرص السلطنة في التصدير

 

  • المزيد من القاطرات لاستيعاب الغاز المستكشف
  • رقم قياسي لتصدير الغاز الطبيعي المسال في 2018

 

الرؤية - نجلاء عبد العال

أكد كولبي كونيلي، الباحث المشارك بمعهد دول الخليج العربية في واشنطن توفر العديد من الفرص للغاز العماني، موضحا أنّ الاستكشافات الحديثة تزيد من فرص التصدير للغاز العماني المسال لكنّها أيضًا تفتح الباب لتساؤلات حول آلية وأسواق هذا التصدير، ومن قبله إمكانيات تصنيع هذه الكميات المستخرجة أو ما يسمى بالتسييل.

وتساءل كونيلي في تقرير حديث حمل عنوان "الغاز الطبيعي في عمان: هل هو أفضل من اللازم؟" مشيرا إلى منطقة الخليج تشتهر بموارد النفط والغاز التي تعد أسهل وأقل تكلفةً من تلك الموجودة في بقية العالم، وذلك ما يجعل نجاح حقل خزان في سلطنة عمان جديراً بالبحث؛ لأنّه يعد أكبر مشروع تكسير هيدروليكي خارج الولايات المتحدة، وقد استخدم طرقًا أمريكية لتطوير موارد الغاز غير التقليدية التي رفعت من أرباح السلطنة.

وبينما يجري استهلاك معظم الغاز المستخرج من "خزان" محليًا، فإنّ الزيادات الناجحة في الإنتاج في جميع أنحاء البلاد قد مكنت السلطنة من تصدير المنتج الزائد في شكل غاز طبيعي مسال. كما أن نجاح المشروع له آثار قوية للغاية على استمرارية ثورة الزيت الصخري خارج الولايات المتحدة، إلا أنّ الارتفاع الكبير في إنتاج الغاز إلى درجة الفائض قد يصبح تحديًا فريدًا؛ لأنّ السلطنة تنتج الآن كميات من الغاز أكبر بكثير مما كان متوقعًا، ويتعين عليها ضمان تسويق صادراتها بطريقة تضمن ربحًا طويل الأجل تقابل وتفوق تكاليف الإنتاج المرتفعة ووسط سوق الغاز المتزايد الاتساع. وإضافة إلى هذا التحدي، زاد الطلب المحلي على الغاز في السلطنة بشكل حاد خلال السنوات القليلة الماضية.

وبحسب التقرير فإنّ حجم الاحتياطيات يبلغ 700 مليار متر مكعب، ما يعني أنّ السلطنة تمتلك واحدًا من أصغر الاحتياطيات في المنطقة، لكنها لا تزال قادرة على تصدير الغاز الطبيعي المسال أكثر من جارتها دولة الإمارات العربية المتحدة، مع الأخذ بالاعتبار أن عمان والإمارات وقطر هي الدول الخليجية التي تصدر الغاز الطبيعي المسال.

وأشار التقرير إلى أنّ السلطنة تخصص 70% من إنتاجها السنوي من الغاز للاستهلاك المحلي، إلا أنها تمكنت من تصدير رقم قياسي بلغ 10.4 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال في عام 2018، بزيادة قدرها 21% عن عام 2017، موضحا أن ذلك يرجع إلى إدارة الحكومة للشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال المملوكة في غالبيتها للحكومة، والتي تدير ثلاثة مرافق تسييل وتنقية، والمعروفة باسم القاطرات، بالقرب من مدينة صور الساحلية، حيث تمتلك الحكومة العمانية 51% من الشركة، وتمتلك Shell Gas حصة 30%، بينما تملك شركة توتال وكوريا للغاز الطبيعي المسال وعدد من الشركات اليابانية الأخرى حصصًا أقل، بما في ذلك شركة Mitsubishi Corporation. وتتبع الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال شركة قلهات للغاز الطبيعي المسال، والتي تدير واحدة من ثلاث قاطرات تسييل بالقرب من صور.

وأوضح التقرير أن الغالبية العظمى من الغاز الطبيعي المسال المصدر من السلطنة يتجه إلى كوريا الجنوبية أو اليابان، وتعد شركة كوريا للغاز الكورية الجنوبية، أو KOGAS أكبر مشتر للغاز الطبيعي المسال من سلطنة عمان، ولديها عقد مدته 25 عامًا مع الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال مقابل 4 ملايين طن سنويًا.

ويشير التقرير إلى أن التحدي الحقيقي هو كيفية تسييل الكميات المتزايدة من الغاز المستكشف، ويذكر كونيلي أن أول قاطرة للغاز الطبيعي المسال في السلطنة بنيت قبل 25 عامًا بناءً على افتراض أن إمدادات الغاز العماني لن تكون كافية لصادرات الغاز الطبيعي المسال بحلول ذلك الوقت. وبعد أن تحدت صناعة استخراج الغاز توقعاتها، لا تزال هناك أسئلة حول كيفية الحفاظ على هذا المسار التصديري؟ فقد تم توقيع عقد تصدير الغاز مع الشركة الكورية في عام 1996 ودخل حيز التنفيذ في 2000، ومن المقرر أن ينتهي عقد عمان معKOGAS  خلال ما يزيد قليلا على 5 سنوات ولا توجد هناك إشارات لإمكانية تجديد العقد من عدمه حتى الآن، فيما ستنتهي العقود الثلاثة طويلة الأجل لشركة قلهات للغاز الطبيعي المسال، والتي تمثل أكثر من 31% من صادرات الغاز، بحلول 2025. وبشكل عام فإن 76% من طاقة السلطنة لتسييل الغاز ستنتهي خلال السنوات الخمس المقبلة، ولا يزال من المبكر توقع تجديد العقود، خاصة وقد تمكنت عمان من إدارة فائض المعروض من خلال بيع شحنات الغاز الطبيعي المسال في السوق الفورية (وهي اتفاقية يدفع فيها المشتري للتسليم الفوري، وليس من خلال عقد توريد طويل الأجل).

وينقل التقرير عن سامر موسى، كبير محللي الغاز الطبيعي المسال في شركة S&P Global Platts، قوله إنّه لا ينبغي للسلطنة أن تعتمد فقط أو بشكل كبير على التداول الفوري، لافتا إلى أنّ السلطنة تميل إلى نظام التداول الفوري، لكن على المدى الطويل، قد تحتاج عمان إلى تقليل التعرّض لسوق البيع الفوري إلى الحد الأدنى إذا كانت تريد الوقاية من ضعف أسعار الغاز التي من المحتمل أن تصل إليها في عام 2025، وفي نفس الوقت يقابل ذلك الموقف المالي العماني والارتباط بطريقة التداول التي تكون عرضة بشكل استثنائي لفترات انخفاض الأسعار. وعلى الرغم من تحسن النمو الاقتصادي في السلطنة إلى حد ما في عام 2018، فلا تزال مستويات الدين والإنفاق الحكومي مرتفعة، مما يبرز أهمية وجود تدفق موثوق من الإيرادات من واردات الغاز الطبيعي المسال.

 

ويتوقع المحللون أن يجدد العملاء الحاليون عقودهم مع الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال، لكن غالبا ما سيكون لدى الشركة تمسك بشروط أفضل للبيع في العقود الجديدة لكن في نفس الوقت فإن سوق الغاز الطبيعي المسال في منطقة آسيا والمحيط الهادئ تعاني من فائض في المعروض حاليًا وانخفاض في الأسعار بشكل كبير. وإذا بدأ سوق الغاز الطبيعي المسال في الانكماش في عامي 2022-23 كما يتوقع موسى، فقد يكون هذا هو الوقت الأنسب لبدء السلطنة في البحث عن تجديدات طويلة الأجل أو عملاء جدد. ومع ذلك، إذا كانت هذه هي الاستراتيجية التي تتبعها عمان، فقد تتأثر بالمنافسة المحلية من مشاريع التوسع الضخمة للغاز الطبيعي المسال القطري، إضافة إلى مشاريع جديدة للغاز الطبيعي المسال في أماكن أخرى من العالم.

وفيما يتعلق بكوريا الجنوبية واليابان، أكبر عميلين للغاز الطبيعي المسال في السلطنة، فقد بدأت التطورات المحلية تؤثر على طلبها على واردات الغاز. وفي كوريا الجنوبية، تم إضافة مفاعلين نوويين تبلغ قدرتهما 1400 ميجاوات إلى الشبكة هذا العام، مما قد يشكل ضغطًا على الطلب على الغاز. واستوردت KOGAS كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال بين يناير وسبتمبر، ومع ذلك، فإن الإعلان الأكثر حداثة بشأن إغلاق محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم سيخلق فجوة في إمدادات الطاقة من المرجح أن تملأها واردات الغاز إذا ظلت تعطلت محطات الفحم.

ومن جهة اليابان، فقد ارتفعت حاجتها للغاز الطبيعي المسال عندما فرضت وقف تشغيل محطاتها النووية في أعقاب كارثة فوكوشيما، لكن إذا تلقت تأكيدات بالأمان وعادت إلى الخدمة، فقد يؤدي ذلك أيضًا إلى تخفيف الحاجة إلى واردات الغاز الطبيعي المسال. وفي تايوان، وهي مستورد آخر للغاز الطبيعي المسال من عمان، قد تزيد من الحاجة إلى الغاز مع تحرك تايبيه للتخلص التدريجي من محطات الطاقة النووية بحلول عام 2025. وفي الوقت الذي تبدو سوق الغاز الطبيعي المسال في المنطقة شديدة التنافسية، إلا أن سلطنة عمان راسخة وعلاقاتها التجارية الإيجابية مع عملائها الأكثر رسوخًا، ويُنظر إليها عمومًا على أنها مورد موثوق.

وعلى الرغم من أنّ اليابان وكوريا الجنوبية هما من أكبر ثلاثة مستوردين للغاز الطبيعي المسال في جميع أنحاء العالم (الثالث هو الصين)، إلا أنّ هناك مجالات أخرى لنمو الطلب قد تظهر في المستقبل القريب؛ فمن المتوقع على سبيل المثال أن يكون نمو الطلب على الغاز الطبيعي المسال من دول جنوب آسيا أعلى من النمو في الصين على المدى القصير، وهو ما يوفر للسلطنة وسيلة معقولة للغاية لتنويع قاعدة عملائها، وقد انتشرت صادراتها بالفعل في المنطقة، حيث تمّ تصدير أكثر من 10% من الغاز الطبيعي المسال العماني إلى الهند وكذلك تمّ تصدير كمية متواضعة إلى باكستان؛ وتشكل الهند سوقا ناضجة وتلبي حاليًا نصف الطلب على الغاز فيها من خلال واردات الغاز الطبيعي المسال، ويبدو أنّ السوق من المتوقع أن ينمو في السنوات المقبلة.

وتتوقع شركة وود ماكينزي للاستشارات أن يصل الطلب على الغاز في الهند إلى 75 مليار متر مكعب بحلول عام 2030، ومن المرجح أن يمثل الغاز الطبيعي المسال نصفها. أمّا باكستان فقد أجرت مؤخرا مناقصة لمدة 10 سنوات لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، ولكن هذا التطور ربما كان استثناء للقاعدة، فقد انخفض استهلاكها من النفط خلال السنوات القليلة الماضية، بينما ارتفع استهلاك الغاز الطبيعي فقط في وقت انخفض فيه الإنتاج المحلي.

ويشير التقرير إلى أنّه طلب الهند وباكستان للغاز الطبيعي المسال يطرح أسئلة أكثر من الإجابات على المدى القصير، حيث تعد بنجلاديش فرصة مؤكدة لاختراق عماني أكبر لسوق الغاز الطبيعي المسال في جنوب آسيا؛ حيث تملك شركة بتروبانجلا المملوكة للدولة بالفعل عقدًا طويل الأجل مع عمان، وتقوم بتروبانجلا بتصدير وارداتها من الغاز الطبيعي المسال من قطر، ولكن مع ارتفاع الطلب البنجلاديشي إلى 10 ملايين طن خلال السنوات الأربع المقبلة، قد يكون سوقها سريع النمو كبيرًا بما يكفي لكل من المصدرين الخليجيين. وتستخدم بنجلاديش حاليًا وحدتي تخزين وإعادة تجميع عائمة، وقد وقعت مؤخرًا مذكرة تفاهم مع ACWA Power ومقرها السعودية لإنشاء محطة لتوليد الطاقة تعمل بالغاز الطبيعي المسال بطاقة 3.6 جيجاوات.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة